خالد الرويشان يتحدث عن تصرفات حوثية لن يتخيّلَها حتى الشيطان:عارٌ علينا أن نصمت اللواء العرادة يطالب المجتمع الدول بإتخاذ تدابير عاجلة تجفف منابع الدعم الخارجي للمليشيات مليشيات الحوثي تحول مدارس صنعاء إلى معسكرات تدريب للطلاب حزب الإصلاح يلتقي بعيدروس الزبيدي مركز مكافحة الإرهاب الأمريكي يتحدث عن نقاط ضعف الحوثيين القابلة للاستغلال وحقيقة قدرتهم على تحديد هوية السفن وتعقبها وضربها سلاسل بشرية بمدينة مأرب تضامنا مع الشعب الفلسطيني ودعما لقطاع غزة - صور وزير الخارجية يستقبل الرحالة اليمني منير الدهمي بالرياض الضالع.. القوات المشتركة تدمر مرابض قناصه المليشيا وتحرز تقدما ميدانيا تفاصيل لقاء وزير الدفاع ومحافظ حضرموت باللجنة الأمنية بالمحافظة محكمة الجنائية الدولية تصدر أوامر اعتقال بحق نتنياهو وجالانت وتكشف عن أسبابها المنطقية
مما لا شك فيه بأن الجميع قد تفاجأ من تلك النهاية "الفاشية" التي وصلت إليها الأمور في العاصمة صنعاء بعد سيطرة مليشيات الحوثي عليها خلال الأيام الماضية، بمؤامرة خارجية، وبتواطؤ رسمي من الرئيس هادي ووزير دفاعه اللواء محمد ناصر، وهوما بات واضحاً للعيان لدى اليمنين قاطبة، وبخاصة لأن الأحداث كانت تسير بوتيرة متسارعة أربكت حتى المحللين والمتخصصين في الشأن اليمني، بسبب كثرة المفاجئات التي تزامنت معها والتي لم تكن تخطر على بال.
لكن الشيء الذي بدا ملفتاً للعيان ومثيراً للدهشة في آن، للعديد من المتابعين والمراقبين، بل ومثار جدل واسع في أوساط اليمنيين، هو ذاك الصمت المطبق من طرف حزب الإصلاح، أكبر الأحزاب والقوى السياسية الفاعلة على الساحة اليمنية وأوسعها انتشاراً، والذي يُصنَّف على أنه "جناح الإخوان المسلمين في اليمن"، والمدعوم قبلياً من الناحية العسكرية بحسب ما يرى البعض، والذي كان يتصور الكثيرون بأنه لن يقف مكتوف الأيدي متفرجاً، وسيزج بأفراده وأنصاره في مواجهة مع المجهول، وهو ما كان يخطط له خصومه ويتوقعون حدوثه، لكنه خيب ظنهم وكل توقعاتهم.
يبدوا لي أن حزب الإصلاح كان أكثر دهاءً هذه المرة مما تخيل أولئك الذين حاكوا عليه هذه المؤامرة الدنيئة، وبهذا الحجم الكبير من التحالف، الذي ضم أطرافاً خارجية كإيران والولايات المتحدة الأمريكية، كما أطرافاً إقليمية خليجية على رأسها السعودية والإمارات، و أطراف داخلية أولها الدولة العميقة التي ظلت ولا تزال تعمل لحساب "المخلوع" علي صالح، ثم بتواطؤ رسمي كما سبق وأشرت في بداية المقال، أضف لذلك كل رؤوس الفساد في الجيش والأمن ومؤسسات الدولة المختلفة، التي اجتمعت كلها، للقضاء على هذا الفصيل السياسي، وإبرازه للعالم بصورة تصمه بالإرهاب والعنف، وبشكل ربما يشبه إلى حد ما ما حدث في مصر.
تلك المؤامرة التي هي في حقيقة الأمر مؤامرة على الوطن بأسره، والإصلاح ليس سوى جزءاً من هذا الوطن، وهذا الذي يجب أن يعيه كل يمني فقد أدرك حزب الإصلاح خيوط اللعبة تماماً رغم ضبابية الصورة وحساسية اللحظة التي تمر بها البلاد، فآثر النأي بنفسه بعيداً عن كل هذا الذي يجري والتزم الصمت -بتقديري- للأسباب التالية :
أولاً : لأنه حزب سياسي لديه مشروع وبرنامج واضح الأطر والمعالم، يعرفها خصومه قبل شركاؤه، ولم يكن في يوم من الأيام جماعة دينية أو مذهبية تتبنى العنف الطائفي أو الفكر الإقصائي، كما أنه لا يمتلك مليشيات مسلحة، ولا جناحاً عسكرياً حتى ينتظر منه البعض أن ينبري للدفاع عن صنعاء أو غيرها من المحافظات، في حال تعرضها للخطر أكان داخلياً أو خارجياً، لأن هذه ليست مهمته بالأساس بل هي مهمة أجهزة الدولة المعنية بحفظ الأمن وتوفير الأمان للمواطن.
ثانياً : لأنه لم يقل في يوم من الأيام بأنه بديلاً عن الدولة ومؤسساتها، بل هو جزء لا يتجزأ من نسيج هذا الشعب، الذي كان ينتظر من الدولة القيام بمسئولياتها وواجباتها تجاه شعبها في حفظ أمنه واستقراره، فخذلته كما خذلت كل الشعب وسلمت صنعاء طواعية كما قد سلَّمت عمران قبل ذلك لجماعة تدرك أنها تحمل السلاح وتمارس العنف على أساس طائفي ومذهبي.
ثالثاً : لأنه أراد أن يُعلِّم خصومه درساً عملياً في التضحية لأجل الأوطان بالفعل لا بالقول، وبأنه حزب سياسي يؤمن بالحوار وينبذ العنف والإرهاب، وبأنه متمسك بالخيار السلمي حتى في أحلك الظروف وأقصى درجات الاستفزاز التي يتعرض لها، والتي وصلت حد حرق مقراته ونهب ممتلكاته، واقتحام منازل قياداته وسرقة محتوياتها، وبأن هذه الأوقات العصيبة هي التي تميِّز معادن الرجال، وقد حان الوقت للشعب كي يفرز بنفسه ويفرق بين من يبني وبين من يهدم ، وبين من يُخلص للأوطان ومن يخونها.
رابعاً : لأنه كان وسيظل حزباً للبناء لا للهدم، للإعمار لا للخراب ..سيظل مُلهماً لثقافة الحب والتسامح، .. يُعلِّم أفراده بأن طلاقة الكلمات أقوى من طلقات الرصاص، كما ويدرب أنصاره كيف يحملون الفؤوس على الأكتاف يزرعون بها الأرض بديلاً عن البوازيك وحمل القاذفات.
ثم أخيراً .. فقد اختار حزب الإصلاح الصمت .. ليضع الرئيس هادي أمام مسئولياته التاريخية التي أقسم اليمين أمام شعبه على صونها واحترامها، وهو اليوم يحيف عنها، ذاك الشعب الذي اختاره بالتوافق ممثلاً لإرادته، وليس لإرادة أعداءه والمتربصين به.
ما زلَّ ذُو صَمتٍ وما من مُكثرٍ * * إلا يَزِلُّ وما يُعَابُ صَمُوتُ
إن كانَ مَنطقُ ناطِقٍ من فضةٍ * * فالصمتُ دُرٌ زَانهُ الياقُوتُ