وزير الخارجية يستقبل الرحالة اليمني منير الدهمي بالرياض الضالع.. القوات المشتركة تدمر مرابض قناصه المليشيا وتحرز تقدما ميدانيا تفاصيل لقاء وزير الدفاع ومحافظ حضرموت باللجنة الأمنية بالمحافظة محكمة الجنائية الدولية تصدر أوامر اعتقال بحق نتنياهو وجالانت وتكشف عن أسبابها المنطقية عاجل: وزير الدفاع الأمريكي: سنعمل على انتزاع قدرات الحوثيين في اليمن مليشيا الحوثي تحول محافظة إب لقادتها ومشرفيها القادمين من صعدة وعمران عاجل:حريق هائل يلتهم هايبر شملان العاصمة صنعاء نقابة المعلمين اليمنيين تدين الاعتداء السافر على المعلمين في شبوة وتطالب بتحقيق عاجل ''أكد أنه لا أحد فوق القانون''.. أول مسئول كبير يحيله رئيس الحكومة للتحقيق بسبب قضايا فساد ومخالفات الحكومة اليمنية تتطلع إلى شراكات استثمارية وتنموية مع الصين
يصر الرئيس اليمني علي عبدالله صالح على إعادة ترتيب البيت الذي ترأسه منذ نشأته في عام 1990. هذا ما يظهره تمسكه برفض مناشدات حزبه المؤتمر الشعبي العام بالعدول عن إعلانه عدم الترشح للانتخابات الرئاسية التي يفصل اليمنيين عن موعد بدئها أيام فقط هي ما تبقى من هذا الشهر، إذ من المفترض تقديم المرشحين ترشيحهم إلى البرلمان في يوليو القادم.
صالح قال لأعضاء حزبه أن إعلانه ليس مفاجئة لهم ولا لليمنيين إذ أعلنه قبل الانتخابات بقرابة العام، في 17 يوليو 2005. مع العلم أنه ومنذ بدء ترأسه اليمن الشمالي عام 1978 وهو يعلن أنه لن يترشح، ثم يعود استجابة للتظاهرات التي تحركها القوى المتحالفة معه. غير أن ذلك كان يتم بتنسيق على إخراج متفق عليه بين صالح ومكونات العمل السياسي والاجتماعي في اليمن، سواء المعارضة أو المؤيدة له. التفسير أن تلك القوى – والمعارضة بخاصة - كانت تستغل مثل تلك المحطات والمناشدات لتقوية علاقتها برئيس الجمهورية كأفضل وسيلة تحميها من خصومها الذين قد يستغلون العلاقة نفسها ضدها. وكان هذا يوفر للرئيس صالح فرصاً للتخلص من التنافس الانتخابي غير المقر دستورياً.
أما اليوم فإن إعلان صالح يأتي في ظروف مختلفة. وهو مالم يستوعبه المؤتمر حتى الساعة. إذ يبدو خارج القدرة على فهم "ماذا يريد الرئيس؟" حد تساؤل المهندس حيدر العطاس في مقال له خص به نيوزيمن.
ولذا يحشد الماس لمسيرات تؤكد أن المؤتمر بدون الرئيس "آلة لاتفكر".
قد يكون الرئيس وأداؤه أوصل المؤتمر لهذا المستوى، لكن هذا أمر آخر، نحن اليوم أمام محطة لاتقبل ارتباك المؤتمر، الذي يكاد –بدلا من تحويل خطاب الرئيس وموقفه إلى فرصة لتجديد النظام السياسي اليمني، يعمم أزمته الحزبية لتصبح أزمة وطنية وهو عكس التوجيه الرئاسي: "فكروا بمستقبل اليمن وليس مستقبل الرئيس". مع لفت الانتباه إلى أن ما أعلنه اليوم ياسر العواضي نائب رئيس الكتلة البرلمانية عضو اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام من "أن الدخول في حوار مع القوى الوطنية قد يكون أحد الخيارات البديلة لحل الأزمة الراهنة، لأن "الخروج من هذه الأزمة ليست محصورة على حزب ولكنها تهم الوطن ومستقبلة" هي أول بادرة تفكير إيجابي من المؤتمر باليمن والرئيس مستفيد ولاشك من ذلك، ولو على حساب المؤتمر.
وبعيدا عن تصريح العواضي –وانتظارا للبيان الختامي لمؤتمر المؤتمر اليوم الذي قد يتضمن مثل هذه الدعوة- وبملاحظة مايظهر من ردود فعل المؤتمر أو المعارضة يمكن القول إن «المعارضة أكثر إدراكاً من المؤتمر الشعبي لهذه المتغيرات».
ففيما واصل المؤتمرون أداءهم الذي وصفه قيادي معارض بـ «التقليدي»، حيث يسيرون مظاهرات ويعلنون مناشدات للرئيس تطالبه بالعدول عن قراره في محاولة لتكرار ما كان يحدث قبل قيام الوحدة اليمنية وما صاحبها من تعددية وانتخابات، تحاشت قيادات التجمع اليمني للإصلاح التي كانت طرف الشراكة الأساس مع صالح قبل التعددية تحت لافتة الإخوان المسلمين (محمد اليدومي أمين عام الإصلاح، ياسين عبدالعزيز نائب رئيس الهيئة العليا، عبدالوهاب الآنسي الأمين المساعد والذي كان نائباً لرئيس الوزراء فترة الأزمة السياسية والحرب 1993- 1997) إعلان أي رد فعل على إعلان يوليو 2005، واكتفى محمد قحطان رئيس الدائرة السياسية للحزب نفسه بتكرار التعبير عن «ذهوله» من الإعلان منذ سمعه العالم وحتى أمس الأول.
ولم يكن الموقف الإصلاحي عبثاً، بل كان سعياً إلى ترك الإعلان الرئاسي يتفاعل داخل الدار فقط. وبحسب رأي إصلاحيين فإن «أي موقف من المعارضة في حينه كان سيفسد تأثيره». علماً أن الإصلاحيين فوجئوا تماماً بإعلان صالح، وهو ماحدث لليمنيين غير أن عجز المعارضة السابق لإعلان صالح وليس التالي له أبقى الجميع في مواقف من العبث سخرية أو تكذيبا للرئيس.
وفي المقابل عزز الإصلاح علاقته باللقاء المشترك (لقاء الأحزاب المعارضة)، وأعلن للمرة الأولى عن مشروع الإصلاح السياسي كبرنامج موحد للتحالف الذي كان يوصف بالهشاشة لجمعه أحزاب الصراع السابق في اليمن. ومن جهة ثانيه تصاعد خطاب شركاء صالح الأساسيين، على رأسهم اليدومي أمين عام التجمع.
أما بقية الأحزاب أي – الاشتراكي والتنظيم الناصري - فهي لم تكترث بإعلان يوليو 2005 مطلقاً.
صورة أولية
قبل البحث في المستقبل لابد من رؤية الميدان الذي يلعب فيه صالح. والذي دعته مكوناته لمثل هذا الموقف.
خلال السنوات الأربع الأخيرة، تنامت قدرة الرئيس الذي يقول أنه يحكم "بلاد؛ الحكم فيها كالسير على رؤوس الثعابين" على خسارة حلفائه.
خلال السنوات الأربع الأخيرة، تنامت قدرة الرئيس الذي يقول إنه يحكم «بلاداً، الحكم فيها كالسير على رؤوس الثعابين». وفي 1997 خرج "حزب الشدة" وهو الوصف الذي يطلق على التجمع اليمني للإصلاح حسب أمينه العام الذي قال إن "المؤتمر هو حزب الرخاء" من الحكومة.
ليس الأمر في إخراجه من الائتلاف الحكومي، فذلك تم عبر الانتخابات البرلمانية، ولكن الإصلاحيين رفضوا عرضا رئاسيا حينها لتقييمهم أن الرئيس "أصبح مقتنع تماما، وعلى عكس منهجه الإداري والسياسي منذ تولى الرئاسة الشطرية بمنهج الاستحواذ الذي يعبر عنه بالبحث عن الأغلبية الكاسحة في البرلمان".
صالح كان فشل في إقامة أي تحالف مع اليسار ممثلاً بشريكه في إقامة الوحدة الحزب الاشتراكي اليمني، الذي أخرج من العملية السياسية بحرب كلفت الخزينة العامة لليمن قرابة 12 مليار دولار.
وفي 2004 أعلن رسمياً عن فك الارتباط بين صالح وشركائه ذوي الخطاب الديني النقيض للإصلاحيين، عبر الحرب التي تفجّرت في محافظة صعده ضد من أطلق عليهم الحوثيين. وكل هذا تم قبل أن تدشّن مرحلة القطيعة مع مشايخ القبائل ممثلين بالشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، الذي تعرّض لهجوم إعلامي قاس عبر إعلام المؤتمر الشعبي العام وبموافقة من الرئيس صالح بحسب مصادر مقربة من الأحمر.
الرئيس صالح –وهو يقطع علاقته بمراكز القوى هذه- لم يكن على علاقة جيدة بالمراكز التي يمكن وصفها بـ"الحديثة"، لأسباب تتعلق بضعف هذه المراكز من جهة ولعدم اهتمامه بتنميتها، والأهم إقصاء رموزها كالدكتور عبدالكريم الإرياني، وعشرات أو مئات الشخصيات ذات الولاء للدولة أولا ومنهم محمد سالم باسندوه، وحتى فرج بن غانم مثلاً.
وكان صالح يستعيض عن ذلك كله بتحسين علاقته بالمحيط الإقليمي والدولي. وهو العامل الذي وإن خدمته شراكة اليمن في الحرب الدولية على الإرهاب، فإن تحديات من قبيل المطالب الدولية بالإصلاحات المالية والإدارية، والرفض الإقليمي للعودة إلى تمويل الخزينة العامة، والصراع بين أطراف مختلفة في المنطقة، لا تساعد صالح كثيراً.
كل هذه العوامل أدت إلى ارتجاج في المشهد الذي يديره صالح.
ومع النقد الشديد الممكن توجيهه للمعارضة، فإنها ظلت –وبخاصة تحالفها الجديد الذي يدير توازن رحاه الثنائي عبدالوهاب الآنسي وياسين سعيد نعمان، كانت أسبق من صالح في رؤية خطورة هذا الارتجاج، فحاولت غير مرة فتح باب النقاش عنه وفيه.
ومع تتالي رفض صالح استعداد المعارضة للناقش، تصاعد الخطاب الإعلامي الناقد للجميع، غير أن نقد المعارضة لم يعد مغريا لأن "الضرب في الميت حرام". وفجأة وجد الجميع أنفسهم وجها لوجه أمام أداء إعلامي دفع بصالح لدعوة المعارضة –وبدلا من الحوار معها، لومها على خطاب إعلامي أراد في الحقيقة أن تساعده على لجمه، لكنه في المقابل لم يكن مستعدا لأكثر من ذلك، مما قاد إلى ارتفاع نبرة خطاب هذه المعارضة التي يعرف صالح أنه ومن دون مبادرة منه أو من أجهزته الرسمية، فإنها ستظل ذات خطاب ناقد ولكن من دون خيارات يمكن له الاتفاق أو الاختلاف معها. ولكن هذا هو العنصر الأكثر سوءا لأن خطابا مثل هذه ليس له سقف سياسي، ولا إمكانية للاختبار أيضا.
إضافة وهو الأخطر أن صالح وجد نفسه محاطا بمجموعة جديدة من أرباب المصالح تختلف كليا عن تلك التي أدار معها لعبته التي حققت نجاحا على مدى ثلاثة عقود تقريبا.
إنه فيما خلت ساحة الرئاسة من الأحزاب التي تبحث عن قضايا كلية وترضى بعدها بمايمكنها تحقيقه، امتلأت بقوى جديدة ليس لديها سوى مصالح صغيرة ومحددة وهي من ثم مرهقة لدولة بلاموارد كاليمن. ثم إنها لاتشعر أبدا بالامتنان، ولاتعمل مقابل ماتحصل عليه، وفيما تستنزق طاقة الرئاسة تترك الساحة للذين غضبوا لإقصائهم.
وهنا وفي هذه الظروف وسواء بوعي لمثل هذه التصورات أو تحت ضغط الأداء اليومي لشخص أدار اليمن في ظروف أكثر سوءا- قرر صالح أهمية إعادة ترتيب الملعب، بإعلانه في يوليو الماضي عدم الترشح للرئاسة، علما بأن مثل هذا المنصب ليس بإمكان أحزاب المعارضة السعي له جديا حتى وإن تمنت، لتعقيدات ترتبط بكل حزب على حده، ثم هي مجتمعة. ولأن النقاش حوله يتجاوز الداخل إلى الخارج، وتدخل فيه كل التعقيدات اليمنية التي حتى المعارضة لاتتعامل معها بشكل يومي.
ولتجاوز تلكؤ الجميع في مناقشة إعلان يوليو الماضي، فقد جاء خطاب الرئيس الأخير، واضحاً لا لبس فيه يقول عبره «لشركائه ومعارضيه، حان وقت تجديد الحكم، فإما شراكة جديدة تحمي الحكم في اليمن من معارضة لا يتحملها، وإما فصل اعادة ترتيب أوراق الشركاء وتوزيعها على طاولات مختلفة.
انتخابات أم حوار
وبإعلانه وتمسه به حتى الآن أثبت صالح أن بيده فعلا، أوراق الملف السياسي اليمني، غير أن هذا الأمر سلاح ذو حدين.
فمع تذكر أن القاضي عبدالرحمن الارياني رحمه الله فقد رئاسة اليمن بذات الطريقة "الاستقالة" التي كانت تذكر الشركاء المتشاكسين أنهم بحاجة للرئيس الذي يمنون عليه ترئيسهم له، غير أن هؤلاء الشركاء المتشاكسون قبلوا الاستقالة –ذات مرة- ليجد الإرياني نفسه خارج "بيت الثعابين اليمنية".
ويمكن الاعتراف أن لدى صالح أوراق رابحة لم تكن للإرياني ومنها سيطرة مناصري صالح على الجيش في اليمن، كما أن جهدا دءوبا له خلال 28 عاما أذابت من شوارع السياسية اليمنية كثير من مراكز القوى التي حكمت بالارياني رحمة الله تغشاه. كما أن يمن العشرين محافظة ليس هو يمن مركز الحماية المتقدم في حرب الحلفاء ضد الشيوعية، لا من حيث التكوين الداخلي ولا العلاقات الخارجية التي تبدو راجحة لصف صالح وبفارق كبير عن خصومه.
وعلى كل ومن خلال مراقبة ردود الفعل على موقف صالح، يبدو الأخير أقرب –كما لم يحدث منذ سنوات طويلة- لليمن وللقوى السياسية مجتمعه، من حزبه الذي رباه كمحاولة للتخلص من الشركاء.
(اقرؤوا جيدا تصريحات تتعلق بالموقف الأخير لصالح من عبدالوهاب الآنسي، وحيدر العطاس، وعلي ناصر، وحتى حميد الأحمر، ومن قبلهم كان الشيخ عبدالله ود.ياسين سعيد نعمان، وعبدالرحمن الجفري).
غير أن مالاحظه حميد الأحمر عن علاقة "غير طيبة بين صالح واللقاء المشترك " حتى اللحظة، يفرض علينا الانتظار. فإما تقارب يعيد اليمن برئاسة صالح لأرضية قد تتيح التداول فعليا، أو أن يعم الضجيج الذي تسيره قيادات غير حصيفة لاندري هل هي من المؤتمر أم هي من خصومه، والتي اقل مايقال فيها أنها "تهتك ستر هذه البلاد، وتسخر من رئيسه، وتقزم خطابه".