إطلاق نار وحرق للممتلكات.. مستوطنون حوثيون يهاجمون أهالي قرية في هذه المحافظة هل تبدأ روسيا تعبئة عسكرية استعداداً لحرب؟.. الكرملين يجيب انتصار ساحق للجيش السوداني ينتهي بالسيطرة على مدينة استراتيجية قوات الجيش تخمد هجوماً حوثياً غربي تعز عبّرت عن استنكارها لتصريحات مسؤول حكومي.. الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين بمأرب تصدر بياناً هاماً قيادي حوثي يشق عصا سيّدة ويعلن تمردة على قرار إقالته مأرب: إشهار مؤسسة جرهم للإعلام والتنمية. رئيس الحكومة ينتصر لنقابة الصحفيين اليمنيين ويلغي أي اجراءات تستهدفها 24 لاعباً في قائمة منتخب اليمن استعداداً لخليجي26 ''الأسماء'' الآلاف من قوات كوريا الشمالية المحتشدة في روسيا تستعد ''قريباً'' لخوض القتال ضد أوكرانيا
مأرب برس - خاص
شدني كما شد الكثير من السعوديين اللقاء التلفزيوني الخاص الذي بثته قناتنا الإعلامية الرسمية مع أحد المسؤولين في هذه البلاد الغالية , وللحقيقة أنه كان لقاء الانتصار الإعلامي السعودي بما احتواه من مصداقية وشفافية وطرح جريء بنّاء , بل وكانت ميزته الرئيسية الوضوح الذي اتسم به المسؤول في إجاباته دافعاً بذلك أي سبيل لاقتراحات الفبركة الإعلامية , وخارجاً بالقناة الرسمية من بوتقة الجفاف إلى فضاء الإعلام الواعي .
لقد شدني اللقاء كثيراً حتى وصل الحوار بإجابة المسؤول عن سؤال يتعلق بقبول أبنائنا الطلبة في إحدى المؤسسات الأكاديمية العسكرية , حيث جاءت إجابته في غاية الشفافية معترفاً فيها المسؤول بأن للواسطة مكان في معايير القبول , و معرفاً هذه الواسطة بأنها تاريخ الآباء والأجداد لهذا الطالب مع مسيرة المملكة منذ عهد التوحيد .
أعترف للوهلة الأولى بإعجابي بهذه الإجابة , خاصة وأنها جزء من تاريخ المواطنة السعودي , ولكني من ذات منطلق الشفافية والوضوح الإعلامي وفي ظل أجواء الديموقراطية السعودية التي ننعم بها منذ عهد التوحيد مع مزايا خاصة للعهد الجديد اليوم , وجدت من أبسط حقوقي كمواطن سعودي أن أتساءل في خضم هذا الواقع عن هذا " المعيار المواطني " إن صح التعبير من حيث شموليته ونجاعته لمبدأ تكافؤ الفرص في مسيرة إحقاق الحق وإرساء العدل التي نعتز بها والتي رضيناها دستوراً لعهدنا الزاهر .
إن طرح هذا السؤال فتح الباب على مصراعيه لجملة أسئلة في " ثقافة المواطنة " تجول في فكر الكثيرين وتتفق في النسق التالي : هل هذا هو معيار المواطنة لمستقبل جيل من الشباب السعودي ؟ هل يتحمل شباب اليوم وزر تاريخ الآباء والأجداد أياً كان ؟ هل هذا المعيار هو نسق نظامي يطبق في كافة مواقع السلطة ؟ هل الظلم أو الانتقاص أو التهميش الذي يشعر به مَن لا يملك هذا التاريخ هو نـوع من أنواع العدالة ؟ هل بهذا المعيار توضع أسس تكافؤ الفرص ؟ هل جميع مَن هم في مواقع السلطة أو حتى من قُبِلوا في مؤسسة هذا المسؤول من ذوي التاريخ المشار إليه ؟ هل يصلح أن يكون الحكم على جيل بناءً على ما قدمت يدا جيلين أو أكثر قبله ؟ هل هذه الإجابة مدعاة لنا في هذا الوقت كي نحسن مواطنتنا لنضمن موقعاً كريماً ومستقبلاً آمناً لأبنائنا وأحفادنا من بعدنا ؟
هذه الأسئلة الثقيلة التي تدحض معطيات الخوف التي تنعتنا بها بعض المؤسسات الدولية عبر إعلامنا العربي المأجور لها ، هي أسئلة واقعية سيتقبلها صنّاع القرار وموجهو الرأي العام والمسؤولون في بلادنا بكل صدر رحب وفي مقدمتهم المسؤول الذي أتحدث عنه في هذه السطور , لأننا في بلد لا يحترم فقط الرأي الآخر بل ويستمع إليه ويصل معه إلى توافق ظله الأول والأخير مصلحة الوطن العليا .
أشكر بكل كلمات الشكر هذا المسؤول الذي نبهني إلى ما كان خافياً عني , فأنا عندما أُوقِفتْ أبحاثي , وصُودرت ممتلكاتي المعنوية , واُستبيحت حقوقي العلمية والعملية وحُورِبَت مشاريعي الإعلامية الوطنية , وحُجِر على مستقبلي العلمي , لم أكن أعي أنه قد يكون مصدر ذلك هوعدم توافر شروط معينة وضرورية لأكون مواطناً من الدرجة الأولى يتمتع بحقوق المواطنة الكاملة !!
لم يصل أيٍ من زعماء العالم الأول إلى منصبه بناءً على وثيقة تاريخ آبائه وأجداده , ولم يحقق هذا التاريخ لمخترعي الصواريخ والطائرات , وعلماء الذرة والهندسة النووية وتقنية النانو وفيزياء الفيمتوثانية وغيرهم من عباقرة الطب والعلوم الأخرى, ومفكرو الحضارات .. أي فرصة .. بل إن أكثرهم بلا تاريخ عائلي سياسي وإنما يملكون ما هو أكبر من ذلك ، وهو معيار المواطنة من خلال تكافؤ الفرص وعدالة الحق بلا محاصصة أو تمييز , ونسأل بعد ذلك لما يحقدون علينا وينعتوننا بأننا عالم ثالث ؟!
تاريخ الآباء والأجداد لم ينقطع , وهو تاريخ ممتد بفكره لا بأشخاصه , حتى الإرهاب عندما غزا بعض قلوب المغرر بهم لم يلتفت إلى تاريخهم , وسقطوا في براثنه ومنهم من يحمل تاريخ الآباء والأجداد المشرّف , لأن التاريخ يصنع المواقف , أما الرجال فهم من يصنعون التاريخ , وعلى هذا وذاك لا يصلح هذا التاريخ أياً كان - مع كامل تقديري واعتزازي به - لأن يكون معياراً لتكافؤ الفرص , والأداء المواطني ... وإن كان ، فليس في مملكةٍ عهدها زاهر بالإصلاح والشفافية وقائدها ملك له من الرؤية الثاقبة والحكمة ما يدعوه لأن يعتز بمواطنته قبل اعتزازه بسلطته رغم أنها حقٌ له ... ولكن هذه شيمة العظام .
كم أتمنى أن يتسع صدر الجميع سلطةً ونظاماً ومسؤولين ومواطنين لهذا الطرح , وأن يأخذوه على أنه مشاركة في واقع المواطنة , لا عرض للتاريخ الذي أنتمي إليه أنا وآبائي وأجدادي بكل شرف وبأسمى غايات الاعتزاز , كما لا تفوتني التأكيدات المهمة للغاية , أن قصة بناء أي وطن وجيل هذا الوطن هي قصة يكتبها التاريخ بعدما يسمعها من الجميع , ذوي سلطة وبسطاء , ذوي ثروة وفقراء ، ذوي جاه ومساكين .
كلنا أتباع نبي البشرية محمد صلى الله عليه وسلم , وكلنا ورثة عبقرية الصديق ، وكلنا حملة عدل عمر , ومواقف عثمان , وشجاعة علي ، وتاريخنا تاريخ التوحيد باسم راية الإسلام وعلى يد المغفور له الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود – طيّب الله ثراه - وهذا تاريخنا ... إن كان تاريخ سيبقى معيارا لحقوقنا اليوم ...وهذا قول في " ثقافة المواطنة " بلا تجريح أو تعريض 0
* الباحث الرئيسي المشرف العام على مركز أبحاث الشرق الأوسط للتنمية الإنسانية وحقوق الإنسان.