ديمقراطية ام شرعية شعبية ؟
بقلم/ رشاد الشرعبي
نشر منذ: 11 سنة و 5 أشهر
الأربعاء 17 يوليو-تموز 2013 05:19 م

حينما تضطر لسماع مصريين من المؤيدين للإنقلاب العسكري على شرعية دستورية وانتخابية تجد نفسك وقد اندفعت للتطرف في صف المطالبين بعودة الشرعية ورفض الانقلاب, حيث تجدهم يتحدثون عن شرعية شعبية أسقطت الدستور وعزلت الرئيس المنتخب, وليس لديهم اي استعداد للاعتراف بالشرعية الشعبية المتزايدة في الاحتشاد ضد الأولى.

مادام وقد تم الانقلاب على الأسس المتمثلة بشرعية إرادة الشعب التي افرزها الصندوق في 3 عمليات انتخابية واستفتائين شعبيين, فمن السهل الانقلاب على أمور أساسية تتعلق بالمواطنة وحقوق الإنسان وحرياته.

يتعاملون مع الاخوان المسلمين ومناصريهم ومن اصطفوا واحتشدوا معهم رفضاً للانقلاب على الشرعية الانتخابية والدستور, وكأنهم أناس ناقصون ولم تكتمل أهليتهم ولا تنطبق عليهم معاييرهم الخاصة والعمياء المتعلقة بالمواطنة والحقوق والحريات وأنهم شعب يعبرون عن إرادة شعبية مثلهم مثل الذين استمع لهم العسكر واستجابوا لمطالبهم كما قيل.

ماحدث ويحدث في مصر فتح الباب واسعاً لجدل تجاوز العالم العربي إلى أوروبا وأمريكا عن الديمقراطية كمفهوم ومعايير واشتراطات وسلوك وممارسة, هل الديمقراطية إحدى أهم أدواتها وآلياتها ما يفرزه صندوق الانتخابات سواءً كان الفائز إسلامياً متطرفاً أو معتدلاً, قومياً أو ليبرالياً, إشتراكياً أو رأسمالياً, او حتى قبليا وعشائريا او أسرياً؟.

أم ان الديمقراطية هي تلك التي تفرز فقط من يرضى عنهم المجتمع الدولي وعلى رأسهم ماما أمريكا ومن يحظون برضا وقبول أمراء الخليج وشيوخها المترفين ومن يتوافقون مع مصالح العسكر وجماعات الإعلام غير المهني وأدعياء الليبرالية والعلمانية واليسار والقومية العربية والحقوق والحريات؟.

ليس ما حدث في مصر هو الأول, فقد حدث قبله في الجزائر وفلسطين المحتلة وسبقهم اليه عسكر تركيا, ما يعني ان الأمر يحتاج الى أن نقف على أرضية صلبة من المعايير والأسس ونحتكم الى الديمقراطية وما افرزه الصندوق ونمنحه الفرصة ليمارس حقه في الحكم والبرلمان حتى تنتهي المدة التي حددها الدستور ثم ننقلب عليه عبر الصندوق.

أو لو أننا سنضع الإرادة الشعبية كمعيار للشرعية والديمقراطية, حيث يصبح بإمكان اي قوى حشد ملايين ومئات الآلاف من أبناء الشعب للمطالبة بعزل رئيس منتخب وتعطيل دستور خضع لاستفتاء شعبي بشرط انه لو حشد مؤيدو المعزول والدستور المعطل ملايين مشابهة او أكثر تكون إرادة شعبية ومعيار للشرعية, اما ان يتم اعتبار أولئك إرادة شعبية والآخرين ليسوا كذلك, فهذا منطق أعرج وأعور كمان.

وفي إطار الجدل القائم حول الديمقراطية يقول الدكتور الثائر محمد الظاهري, وهو أستاذ لعلوم السياسية بجامعة صنعاء, إن مفهوم الديمقراطيةِ سيظل “مُنتجًا غربيًا, وغريبًا عن حياتنا السياسة العربية؛ لافتقارنا لشروط نجاحه, وعجزنا عن استنباته في بيئتنا وثقافتنا العربية, التي مازالت معاديًة للديمقراطية, والمُخاصِمة لحقوق الإنسان وحرياته”.

ويضيف الدكتور الظاهري “فلنعترفُ أننا, كـ(عرب) قد فشلنا في استيعاب أسس النموذج الديمقراطي, والتعاطي مع آلياته ووسائله, إننا ديمقراطيو اللغة واللفظ, وطغاةُ الفعلِ والممارسة”. 

الولايات المتحدة الأمريكية وربما بعض دول أوروبا تتعامل مع الديمقراطية وما تفرزه الانتخابات كواحدة من أهم آلياتها من منظور يتعلق بدولة الكيان الصهيوني (إسرائيل) وكان ذلك واضحاً حينما فازت حركة المقاومة الفلسطينية حماس وشكلت الحكومة وهو واضح فيما يتعلق بالوضع المصري.

فمساعد وزير الخارجية الذي زار مصر الاثنين الماضي مارس النفاق السياسي في موقفه, فبسبب القوانين المعمول بها داخل أراضي الولايات المتحدة لم يعلن تأييده الصريح للإنقلاب وعزل رئيس منتخب وتعطيل دستور مستفتى عليه, وفي نفس الوقت يريد مصر تتجاوز أزمتها نحو دولة ديمقراطية تباشيرها لا تلوح في الأفق وتبدو حلماً مستحيلاً.

تقول القاعدة القانونية إن ما بُني على باطل فهو باطل, وما تم ويتم من إجراءات باطلة تتصادم مع مفهوم الديمقراطية والإرادة الشعبية وتذبح المواطنة وحقوق الإنسان وحرياته, ولا يمكن ان يقوم عليها دولة المواطنة والديمقراطية والعدالة والحرية. 

rashadali888@gmail.com