في مصر.. كارثة ودروس لليمنيين
بقلم/ رشاد الشرعبي
نشر منذ: 11 سنة و 4 أشهر و 14 يوماً
الأربعاء 10 يوليو-تموز 2013 09:07 م

في نوفمبر الماضي كانت أوضاع مصر السياسية ساخنة عقب إصدار الرئيس المنتخب محمد مرسي الإعلان الدستوري؛ ويكاد يكتمل مشروع الدستور ويُطرح للاستفتاء الشعبي, اضطررت إلى الانسحاب من النقاش مع سائق التاكسي في أحد شوارع القاهرة لسخريته من ثورة اليمن التي لم تنجز أهدافها ببقاء الرئيس السابق خارج السجن ومشاركة حزبه في حكومة الوفاق الوطني.

كان السائق المصري يتحدّث بفخر عن ثورة 25 يناير في بلده؛ ليس مؤيداً للرئيس مرسي المعزول الأسبوع السابق, ويستغرب ممن بدأوا يدعون إلى رحيله رغم مرور 3 أشهر فقط على انتخابه, ثم يعود إلى وضع ثورة اليمن, ويقول نصف الحكومة من حزب الرئيس السابق ومجلس النواب كما هو، ومسؤولو المحافظات هم أنفسهم في الغالب.

هو يرى أنها لم تكن ثورة ناجزة, لكنني اليوم أرى أمراً آخر, أننا تفوّقنا بحكمتنا ولم نندفع نحو اجتثاث الحزب الحاكم، وإن كان لايزال يؤثر سلبياً إلى اليوم, بل إن حزب «الإصلاح» كان منذ اللحظة الأولى لتواجده ضمن حكومة الوفاق الوطني يعلن تمسُّكه ببقاء اللقاء المشترك على الأقل خلال العشر السنوات القادمة.

 في الحالة المصرية هناك خلل يتحمّل مسؤوليته الجميع «إخوان مسلمون, قوميون, يساريون, ليبراليون, حركات شبابية, وغيرهم» ما منح الفرص تلو الفرص للفلول والقوى الإقليمية والدولية لتجهز على ثورتهم «25 يناير» وتتوصل إلى انقلاب وحشي تدعي أنه ثورة أخرى «30 يونيو» وهو النقيض تماماً للأولى.

لقد ركب العناد الجميع ومهّدوا طريق العسكر ليصلوا إلى ما هم فيه من انقلاب يقضي على الأخضر واليابس, رفض الجميع التنازل للبعض والتسامح، وقادوا المجتمع المصري إلى حالة تخندق وتجييش وتحريض وانقسام اجتماعي لن تتعافى منه مصر إلا بعد عقود طويلة؛ وهاهم مستمرون في عنادهم وعدم تسامحهم وتحريضهم ضد بعضهم البعض، ومادام وقد وصلوا إلى ما هم عليه حاضراً, انقلاب وتضييق وقمع وتقييد للحريات الإعلامية والسياسية ومجازر كالمجزرة التي في محيط مقر الحرس الجمهوري التي تشبه مجزرة «جمعة الكرامة» التي وقعت في صنعاء وكانت سبباً رئيساً للسقوط التام للنظام اليمني السابق, كنت أتمنّى على كثير من النخب ألا تسقط أخلاقياً كما حدث وهي تبرر المجزرة.

لقد ظهر على الشاشة أشخاص كنا نحترمهم مهما اختلفنا معهم بالتوجهات وهم يبرّرون سفك الدماء، وقبلها برّروا إغلاق القنوات الفضائية الإسلامية وغير الإسلامية وبرّروا الاعتقالات وبطرق مهينة لقيادات الإخوان المسلمين والسلفيين، ومن لا يصدّق عليه أن يشاهد على «اليوتيوب» المقطع الخاص باعتقال القيادي الإخواني خيرت الشاطر.

غابت القيم والمبادئ المتعلقة بالديمقراطية والمدنية وحقوق الإنسان والحريات العامة وحرية الإعلام، وحضر التعصب والعناد واللا تسامح، وطالب البعض برحيل الإخوان، وآخرون قالوا إن ليس لهم مكان إلا السجون، وصنف ثالث طالب بإقصائهم من الحياة السياسية تماماً.

في حال كهذه, ماذا ستفعل تلك الملايين المحتشدة مع مرسي ورافضة الانقلاب ؟!, إنهم يدفعونهم دفعاً إلى العنف والتطرُّف والكفر بالديمقراطية, لكننا نثق أن منهجية الإخوان السلمية التي عرفناها لعقود طويلة لن تتأثر بذلك, وسيعض الإخوان على السلمية بالنواجذ، ولن ينجروا إلى العنف أبداً, وهاهم يثبتون ذلك فعلاً لا قولاً وإدعاءً, حيث يقدّمون الشهداء من عناصرهم، ولم يسفكوا دم أحد من المعتدين عليهم وعلى مقرّاتهم ومنازلهم.

علينا كيمنيين أن نأخذ العبرة والدرس مما يحدث في مصر، ونستمر في توافقنا، وتستمر حكمتنا، ولن ننجر إلى التخندق وراء المصريين مع وضد, علينا أن نحرص على وطننا وعدم انقسام مجتمعنا بصورة كارثية كتلك.

rashadali888@gmail.com