ناهبو النظام وناهبو الثورة
بقلم/ محامية/ليندا محمد علي
نشر منذ: 11 سنة و 5 أشهر و 24 يوماً
الثلاثاء 28 مايو 2013 05:00 م

ليس المقصود هنا بــ"ناهبي الثورة" الذين نهبوا الثورة أو سينهبونها أو امتطوها وجعلوها جزءا من أملاكهم ( وإن كان جزء منهم من المقصودين هنا)، بل إن المقصود من تقسيم الناهبين إلى نوعين، هو إن هناك نوع من الناهبين هم معروفون ويشير إليهم الشعب بالبنان وهم أنصار السلطة السابقة الذين ظلوا مرتبطين بالنظام السابق على مدة ثلث قرن سخروا فيه اليمن لمصلحتهم وحولوا البلد إلى عزبة كبيرة يتصرفون بها كيفما يشاءون وهؤلاء من السهل ذكر أسماءهم ومراكزهم وأماكن إقامتهم، لكن هناك نوع آخر من الناهبين وهم الناهبون "الثوار" والذين يدعون انحيازهم للثورة وانتصارهم لها وتبني مبادئها ورفع شعاراتها لكنهم في حقيقة الأمر لا يختلفون عن النوع السابق من الناهبين، فهم يقاسمونهم الفساد بالمناصفة ويشتركون معهم في نهب الثروات والموارد والمباني والمنشآت الحكومية والوكالات التجارية كما ينهبون أموال الدولة عن طريق التحايل في دفع الضرائب وتقليص ما يدفعونه إلى حدوده الدنيا، ويتستر هؤلاء بثوريتهم ووطنيتهم في مواصلة النهب بعد أن انسحب جزء كبير من ناهبي السلطة واكتفوا بالحصانة أو الاستثمار في العمل الديبلوماسي.

ناهبو الثورة اليوم يواصلون ما بدأه أسلافهم في نهب الثروة والمال العام من خلال صفقات الإعمار ومقاولات الاستيراد واتفاقيات التنقيب عن النفط والغاز وجمعيات معالجة جرحى الثورة، والمقاولات الحكومية، لكنهم يفعلون ذلك وتحت حماية انتمائهم إلى الثورة ودفاعهم عنها، وكل من يتجرأ ويتعرض لهم ولو من بعيد سيكون عرضة للتشهير والعقاب وربما للتصفية الجسدية باعتباره عدوا للثورة ومن بقايا النظام ومن أعداء الوطن، والوحدة والجمهورية والدين الإسلامي: أليس الثورة ملكهم والوطن عزبتهم والدين حقهم والجمهورية وريثتهم التي ورثوها من أسلافهم؟؟

* * * * * *

·الوزير سميع الذي لا يسمع:

عندما كنا في لجنة الحوار الوطني ولجنتها المصغرة كان الوزير د صالح سميع من أكثر الناس تهكما على النظام السابق واتهاما له بالفساد، وإن لم يكن الوحيد في اتخاذ هذا الموقف، لكن الوزير سميع ما إن تولى وزارة الكهربا حتى أغلق أذنيه أمام أنات المواطنين الذين ليست الكهربا بالنسبة لهم ترفا، بل ضرورة قد يتسبب انقطاعها عنهم في فقدان حياة أطفالهم وموت مرضاهم.

بالأمس تلقيت صورة فيديو من أحد أقربائي في مدينة عدن تعرض طفلة حديثة الولادة وهي تنوح من شدة الحرارة والرطوبة والاختناق ما أدى إلى حدوث التهابات وتقيحات في معظم أجزاء الجلد وهذه ليست الحالة الوحيدة فكل سكان عدن والحديدة وحضرموت والمناطق الساحلية يكتوون بلهيب بدايات الصيف ويختنقون في غياب الكهربا وانقطاعها لساعات طويلة ولمرات عديدة في اليوم الواحد، وسيادة الوزير يواصل لعن النظام المخلوع والحديث عن الدولة المدنية ويتحول من وزير وظيفته خدمة الناس إلى مقاول يخضع معاناة الناس للمساومة والمقايضة لمن يدفع عمولة أكبر.

لا يعنيني التهم الموجهة لسمو الوزير عن صفقات مشبوهة واختلاسات ورسوم غير قانونية تحصلها وزارته فنحن بانتظار الإجراءات التي تثبت إدانته (هو احتمال وارد) أو تبرئته (وهو أيضا احتمال وارد) لكن ما لم أفهمه حتى الأن هو لماذا رفض سيادة الوزير صرف مخصصات ترميم كهرباء عدن وأصر على شراء موتورات جديدة بكلفة عشرات الملايين بينما كلفة الصيانة، بموجب حديث مدير كهربا عدن، لا تكلف جزءا مئويا صغيرا من كلفة الشراء؟ ولماذا فصل مدير كهربا عدن فقط بسبب إصراره على توفير الأموال لخزينة الدولة؟ ثم لماذا بعد الموافقة على الموتورات اتضح أن ما قدم لعدن هو من النوعية الرديئة التي قد لا تعمر سنوات؟ والأهم لماذا ما تزال عدن ومثلها كل المدن الساحلية والجمهورية عموما بدون كهربا، حتى بعد أن صار لدينا وزيرا ثوريا؟

لا ألوم الذين يتحدثون عن صفقات فساد تكمن وراء الإصرار على شراء المواطير الجديدة، خصوصا إذا ما علمنا أن كل عملية شراء جديدة في اليمن تبلغ عمولاتها فقط ملايين، ويرتفع النسبة كلما ارتفع مبلغ الصفقة وبالتالي يكون من حق أي فاسد جديد يريد أن يحسن وضعه أن يبحث عن الصفقات الثمينة ولو طلب الزبون مبلغا صغير فإن الطرف الحكومي الفاسد قد لا يرضى حتى لا تصغر حصته من العمولة وهذا هو السر وراء رفض ترميم كهربا عدن حتى وإن أدى ذلك إلى تزايد معاناة المواطنين أو اختناق أطفالها الذين لم يكن آباؤهم بل وإخوانهم الأكبر منهم بعشرين سنة يعرفون معنى انقطاع الكهرباء.

يبدو أن السيد سميع ومثله كثيرون من وزراء (الثورة) لم يكونوا ساخطين على النظام السابق بسبب نزاهتهم بل لحرمانهم من حصتهم في عمليات الفساد وهو ما تبدى من طريقة إدارتهم لوزاراتهم بعيد أشهر فقط من تسلمهم تلك الوزارات.