إطلاق نار وحرق للممتلكات.. مستوطنون حوثيون يهاجمون أهالي قرية في هذه المحافظة هل تبدأ روسيا تعبئة عسكرية استعداداً لحرب؟.. الكرملين يجيب انتصار ساحق للجيش السوداني ينتهي بالسيطرة على مدينة استراتيجية قوات الجيش تخمد هجوماً حوثياً غربي تعز عبّرت عن استنكارها لتصريحات مسؤول حكومي.. الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين بمأرب تصدر بياناً هاماً قيادي حوثي يشق عصا سيّدة ويعلن تمردة على قرار إقالته مأرب: إشهار مؤسسة جرهم للإعلام والتنمية. رئيس الحكومة ينتصر لنقابة الصحفيين اليمنيين ويلغي أي اجراءات تستهدفها 24 لاعباً في قائمة منتخب اليمن استعداداً لخليجي26 ''الأسماء'' الآلاف من قوات كوريا الشمالية المحتشدة في روسيا تستعد ''قريباً'' لخوض القتال ضد أوكرانيا
في الأسبوع الماضي تناقلت وكالات الأنباء العالمية تقريرا علميا أمريكيا ذكر أن المهاجرين الإنجليز الأول الذين قدموا إلى أمريكا أوائل القرن السابع عشر «اضطروا» لأكل لحوم البشر، بعدما تعرضوا لمجاعة أودت بحياة 80٪ منهم. وذكر التقرير أن الباحثين فى معهد سميثونيان تيقنوا من ذلك، حين عثروا فى مستعمرة قديمة على بقايا عظام لفتاة في الرابعة عشر من عمرها، وحين قاموا بتحليلها باستخدام التقنية الحديثة وجدوا ان أولئك المهاجرين قاموا بتكسير جمجمة الفتاة للحصول على المخ والتهام لحم الوجه والرقبة، وعقب انتهاء البحث بدأ عرض وجهها بعد إعادة تكوينه فى متحف التاريخ الطبيعي بواشنطن، أما ما تبقى من هيكلها العظمى فقد تقرر عرضه في موقع اكتشافه ببلدة جيمس تاون فى ولاية فرجينيا.
أصل القصة التي تناقلتها وكالات الأنباء أن أول مجموعة من المهاجرين الإنجليز ضمت 104 أشخاص، وأنهم ذهبوا إلى أمريكا عام 1607 وأسسوا هناك بلدة جيمس تاون. إلا أن أعدادهم ظلت تتناقص بمضي الوقت، بحيث لم يبق منهم على قيد الحياة بعد الأشهر التسعة الأولى لهم فى العالم الجديد سوى 38 شخصا. وحين جاء الشتاء الرهيب وهدد البقية الباقية منهم فإن ذلك اضطرهم إلى أكل لحم الفتاة، لكى يبقوا على قيد الحياة.
تذكرت أنني طالعت القصة ذاتها في وقت سابق ولكن برواية أخرى فعدت إلى كتاب الباحث السورى المقيم فى الولايات المتحدة منير العكش، الذي صدر قبل 4 سنوات (عام 2009) تحت عنوان أمريكا والإبادات الثقافية (له كتاب آخر مهم سبق أن أصدره تحت عنوان أمريكا والإبادات الجماعية)، عندئذ وجدته خصص فصلا للموضوع في الكتاب الأول بعنوان «من يأكل لحم البشر» ــ ولاحظت أنه استهله بعبارتين تقول إحداهما إن «القضاة (الإنجليز) فى القريب العاجل سيقررون أكل لحوم البشر ويجعلونه بديلا طبيعيا لدفن الموتى» ــ وهى منسوبة لوزير الداخلية البريطانى وليم هاركورت الذي شغل منصبه بين عامي 1880 و1885. العبارة الثانية تقول إن الاعتقاد السائد لدى الإنجليز أن أكل لحم الرجل الأسود يقوى الباه ويطيل العمر. وقد قالها أجانانت أوبيسيكير أبرز علماء الأنثروبولوجيا المعاصرين وأستاذ المادة بجامعة برينستون الأمريكية.
روى الكاتب انه شهد الاحتفال بالذكرى المئوية الرابعة لتأسيس أول مستعمرة إنجليزية أقامها المهاجرون وأطلقوا عليها اسم جيمس تاون تخليدا لملكهم جيمس الأول. وكانت المنطقة التى استقروا فيها جزءا من إمبراطورية كبيرة للهنود الحمر حملت اسم فيدرالية بوهاتن، التى سكنها 30 شعبا أبادهم المهاجرون عن بكرة أبيهم ولم يبق منهم بعد أقل من قرن أكثر من 600 إنسان. وقد تحدثت مراجع عدة أثبتها الباحث عن ان المجاعة حين حلت بالمهاجرين فإنهم لجأوا إلى أكل جثث الهنود الذين استضافوهم ورحبوا بهم فى البداية. إذ كانوا يقتلونهم، كما كانوا يغيرون على قبورهم فى الليل لينبشوها ويسرقوها ويأكلوا جثثها الطازجة. ثم إنهم راحوا يأكلون جثث موتاهم البيض، حتى إن واحدا منهم ذبح زوجته وأكل لحمها باستثناء الرأس. وقد أشارت بعض الدراسات التاريخية الأمريكية إلى مثل تلك الجرائم، فنشرت جامعة إنديانا كتابا لاثنين من المؤرخين تحت عنوان «قاتل هنود الكرو: ملحمة جونستون أكال الكبد». وذكر المؤلفان أن الرجل أمضى أكثر من عشرين سنة يقتل هنودا من شعب الكرو ويسلخهم ويأكل أكبادهم. ووثقا أكثر من 300 حالة قتل ارتكبها صاحبنا ليرضى شغفه بأكل الأكباد.
تحدث الكتاب أيضا عن أن البريطانيين كانوا مهووسين بأكل لحوم البشر فى العصور الوسطى، إلا أنهم ألصقوا التهمة ذاتها بالشعوب التي وفدوا عليها واتهموها بالهمجية. وهو ما حدث لسكان أمريكا وأستراليا الأصليين بل إن التهمة وجهت أيضا إلى الأيرلنديين. الفكرة ذاتها وثقها كتاب آخر أصدرته جامعة شيكاغو فى كتاب صدر باسم «أكل لحوم البشر والقانون العرفي»، خلص إلى أن أكل لحوم البشر كان شائعا لدى الإنجليز فى القرن السابع عشر. لكنه تطور وتعزز مع اتساع رقعة التجارة البريطانية ومع الزحف الاستعماري إلى كل قارات الأرض.
أهم ما أثبته كتاب منير العكش فى هذه المسألة ان أكل لحوم البشر كان عرفا مستقرا لدى البريطانيين فى تلك المرحلة من التاريخ، وهو انطباع يخالف ما أعلنه العلماء الأمريكيون مؤخرا. الذين أكدوا أن ذلك كان سلوكا استثنائيا أملته الضرورات (التي تبيح المحظورات). وهو ما يعد نموذجا للتحيز المعرفي الذي يعلى من شأن الجنس الأبيض وينسب الهمجية والوحشية إلى الشعوب الضعيفة الأخرى. وقد شاء ربك أن يكشف بعض المؤرخين الحقيقة قبل أن يلجأ علماء الأجناس إلى طمسها وتزييفها.