قرارات الرئيس التي أوجعت الصريمة
بقلم/ مصطفى راجح
نشر منذ: 11 سنة و 7 أشهر و 3 أيام
السبت 20 إبريل-نيسان 2013 04:53 م

أوجعت قرارات الرئيس بتوحيد الجيش وتغيير قياداته التي تشكل مراكز قوى نافذة أحمد بن فريد الصريمة ومن يقف خلفه فذهب الى الهلوسة بالسقف العالي.

خرج الصريمة عن رشده وعقلانيته التي ظهر بها وهو يردح في شخص البيض ، وعاد إلى عمان بعد إطلالة قصيرة على الجنوب وقضيته التي يرتديها الآن كعنوان تجاري وبرواز مكمل يحتاجه رجل أعمال نافذ ، أكثر من كونها قضية يؤمن بها ، حتى في سقفها المتطرف واللاواقعي الذي جعجع به في رسالته وبدئ بائساً كمن يلبس ثوبا غير ثوبه وهو يستعير نقاط المفكر محمد حيدرة مسدوس.

من بين كل النقاط التي عددها الصريمة يبرز اعتراضه على قرارات الرئيس التاريخية بتوحيد الجيش وتقسيم مسرح العمليات على جغرافيا الجمهورية اليمنية في المناطق العسكرية السبع باعتباره العِلةْ ومكمن الوجع الذي أفقده صوابه. 

بقية البرق والرعد الصريمي عن حيثيات مؤتمر الحوار ، وأنها استبعدت حق تقرير المصير ، وأن الوحدة انتهت ، وان صنعاء غير مناسبة للحوار وغيرها من النقاط مجرد تكملة عدد للوجع الوحيد الذي طار بالصريمة من صنعاء إلى عمان : توحيد الجيش.

كل النقاط الإضافية إذا افترضنا انه يؤمن بها كانت تحتم عليه أن يكون بجانب صديقه اللدود في بيروت وليس في فندق موفمبيك من البداية وليس الآن.

وهو لم يكن ليذكرها لو أن الرئيس جاراه في أوهامه وأبقى الجيش مشلولاً ومشتتاً ومنقسما وخاضعاً في قراره بالعاصمة صنعاء لهيمنة مراكز القوى.

هذا على افتراض أن الصريمة ومن وراءه يهدفون الى بقاء الجيش مشلولاً ومنقسما ليسهل لهم تجزئة اليمن في ظل حالة مرتبة من انعدام الوزن وشلل الدولة وغياب الرؤية الوطنية الجامعة.

أما إذا كان السبب هو ما راج عن تطلعات ذاتية للتاجر الصريمة لتبوأ منصب نائب الرئيس ، فيكون قد هبط الى قاع أعمق من قاع المزايدة بالسقف العالي المعرقل.

ضمن ما قاله الصريمة عن رفضه للمناطق العسكرية إشارته الى أنها تحسم مسألة الأقاليم المتعددة.

 وهذا قولٌ فيه خبل لأن مؤسسة الجيش مؤسسة موحدة ليس فقط في ظل الأقاليم المتعددة والفيدرالية بإقليمين ، بل حتى في ظل الدول الكونفيدرالية.

أما تقسيم مسرح العمليات الى مناطق فيخضع لمعايير عسكرية ولوجستية وفق مهام الجيش وإستراتيجيته الدفاعية ، ولا يتطابق بأي حال من الأحوال مع الأقاليم سواءاً كانت متعددة او ثنائية.

حتى الأقاليم المتعددة فيما لو أسفر عنها مؤتمر الحوار فإنها ستقام وفق معايير اقتصادية وتنموية والى حد ما ثقافية وليس على معايير شطرية أو مناطقية أو مذهبية. فلا يوجد أصلا في اليمن إمكانية لإقامة أقاليم صافية للزيود او الشوافع أو الجنوب والشمال أو مطلع ومنزل لان الانعزال التام للجماعات المذهبية أو المناطقية او الشطرية غير موجود في ظل تداخل واختلاط اليمنيين الذين فرقتهم السمات الما قبل وطنية التي هيمنت طويلا على مؤسسة الدولة وأعطتها طابعها ، على العكس من تعايشهم واختلاطهم وغفلة وعيهم الجمعي عن خطوط الطول والعرض للمذهب والمنطقة والشطر والمنطقة.

نعود للصريمة الذي قال أن ضمن مطالبه إعادة توزيع ميزانية المجندين الوهميين لتوظيف البطالة في محافظات الجنوب بالتساوي ، وهو إقرار بضرورة وجود الدولة واستعادة مؤسساتها وأولها مؤسسة الجيش ، وهذا الإقرار بضرورة الدولة وإقدامها على المضي في مسار تهيئة الوضع في اليمن كلها يتناقض مع الجعجعة والطنطنة في بقية نقاطة التي تدور حول تقرير المصير والتفاوض بين شمال وجنوب خالصين.

قرارات الرئيس صنعت فارقاً إيجابيا في جميع الملفات وعلى رأسها ملف استعادة الدولة. وانعكس ذلك إيجابيا في تهيئة مناخ إيجابي يعزز الثقة بالحلول القادمة للقضية الجنوبية وبناء الدولة وصعده وغيرها من القضايا.

أما من طاروا فجأة عشية القرارات فربما فعلوا ذلك تحديدا لان إمكانية الحل أصبحت ممكنة ، وهو ما لا يريدونه على وجه التحديد.

فكلما شٌلت الدولة وتعقدت الأمور رفعت أسهم السيناريو الأسود للجنوب والشمال : الانفصال.

مؤشر:

الأرقام المتداولة عن عدد من قدموا ملفات تظلماتهم الى اللجنة الرئاسية الخاصة بمعالجة قضايا الأراضي المنهوبة في الجنوب والمبعدين من أعمالهم تدلنا على أن المزاج العام في الجنوب يتجه نحو المراهنة على حل القضية الجنوبية في إطار مسار الوضع الراهن الذي يمثله الرئيس ومؤتمر الحوار وفي إطار صيغة جديدة لبناء الدولة في إطار اليمن الواحد ، وهذه الثقة في السلطة الانتقالية تؤشر إلى أن المجعجعين بتقرير المصير والانفصال لا يستحوذون على ثقة الشارع الجنوبي ، وسوف يسحب رصيدهم كلما تسارعت الخطى نحو حل قضايا الناس الحقوقية على ارض الواقع من جهة ، وبلورة الصيغة الجديدة للدولة على المستوى السياسي في مؤتمر الحوار من الجهة السياسية المكملة لحل القضية الجنوبية