الحراك المسلح وعشق التصادم الجنوبي
بقلم/ ابو الحسنين محسن معيض
نشر منذ: 11 سنة و 8 أشهر و 29 يوماً
السبت 23 فبراير-شباط 2013 12:51 م

الخميس 21 فبراير 2013م غمرت الفرحة قلب محافظة عدن البهية وهي تحتضن أبنائها من المحافظات الجنوبية . ففي منظر مهيب احتشد ألاف من أبناء المناطق الجنوبية في ساحة العروض بمديرية خورمكسر يحتفلون بمرور عام على سقوط طاغية اليمن واستقبال عام ثان في اليمن الجديد , وآلاف غيرهم حبسهم حابس الحراك فلم يتمكنوا من الحضور . جنوبيون رجال ونساء وأطفال أقبلوا يجسدون الحب والإخاء والتلاحم والوفاء , يحملون زهور الأمل ومشاعل العدل ويحلمون بوحدة الصف وتحقيق دولة النظام والقانون . جنوبيون لم تدفع بهم للساحة أموال حميد فهم أغنياء بمبادئهم ومنهاجهم , جنوبيون لم تأمرهم بالمسير قوات علي محسن فهم أقوياء بتراص بنيانهم وقوة أخوتهم , جنوبيون لم تفرض عليهم الحضور أوامر تنظيمية أو فتاوى سياسية فهم يملكون زمام أمرهم بإتباع الحق وفعل الصواب . جنوبيون دفع بهم للساحة الشعور بالمسئولية وحس الوطنية وأمرتهم بالحضور الذاتية وقوة الشخصية وفرض عليهم المسير حب السلام وحق الأخوة الإيمانية.

جاءوا وهم يعلمون حجم ما ينتظرهم من الشدة والأذى والجراح والموت في أسوأ الأحوال فلم يثنهم ذلك عن عزمهم ولم يصدهم عن إكمال مسيرهم ليقولوا للجميع في الداخل والخارج : نحن أيضا أبناء الجنوب ولنا كلمتنا ولنا قرارنا ولنا حلمنا , وليس لأحد الحق أن يفرض على كل الجنوب سلطته ورأيه ووصايته دون البقية , حضروا ليبلغوا الشاهد والغائب نحن معكم شركاء الوضع وصناع الحلم ومحققو الأمل نتعاون معا فيما اتفقنا عليه ونجد نقطة تفاهم وأعذار فيما اختلفنا فيه , نتفق أن الجنوب قد ظُلِم شعبُه وهُمِش رجالُه وطمست تجربته ونهبت أرضه وأكثر من ذلك , نتفق أن الجنوب لم يكن يوما ثلثا ولا ربعا بل هو النصف في كل صغيرة وكبيرة , ونتفق على وجوب المواطنة المتساوية في كل مجال وإعادة الحقوق المنهوبة ومحاسبة الفاسدين وتحقيق العدل . نتفق أن ما فات لن يعود وأننا على أعتاب مرحلة جديدة سنحقق فيها المستحيل ونحصل فيها على حقوقنا كاملة , ونختلف مع البعض على الوسائل ومراحلها وعلى الطرق وخطورتها وعلى الفكرة وأثارها . لقد قال شباب الثورة الجنوبي كلمتهم وأوصلوا رسالتهم فليفطن لها كل ذي عقل وفهم.

فيا أيها الشقيق الكريم لماذا تهوى إلغائنا وتحب إقصائنا وتلجئنا إلى حائط الدفاع خشية الغدر وطعنات الظهر . لقد كنت تردد أن عدن مفتوحة لكل جنوبي من أي كيان مخالف لنا , فجاء شباب الجنوب لتستقبلهم حجارة انهمرت من وراء جُدر أدمت رؤوسا يمنية جنوبية وبأيد جنوبية تدعي ثورة على الظلم والتسلط فأصبحت تمارسه على إخوانهم باسم حب الجنوب !! قلتم دم الجنوبي على الجنوبي حرام فسفكتموه , تغنيتم عدن لكل جنوبي فمنعتموه , ليس بين المشاركين شمالي فلماذا كان ذاك التشنج والهجوم فسقط منكم قتلى وجرحى ولا يرضينا أن يسقط منكم أحد ولا يسعدنا أن يُجرح منكم فرد ولا يشرفنا أن تهدر قطرة دم طاهرة من ثائركم , ولكننا نتساءل دائما إلى متى هذا التخبط الغير مسئول والتهور اللامعقول . لو قلتم مرحبا بإخواننا تفضلوا قولوا رأيكم ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم , ولنا نضالنا ولكم نضالكم ولينصر الله الحق وأهله لكان خيرا لنا ولكم . ولو أنك فعلت فهل تدرك حجم التطور الذي كنت ستحققه في سير العمل ؟ ومدى السطوع الذي ستناله في سماء البلاد ومقدار الإعجاب الذي ستحظى به من الخصوم والمشككين ؟ ذاك أمر لم تفقهه قديما ولا تقترب من فهمه حديثا . الدم الذي سال جنوبي والفرق أن دم شباب الحراك سال بيد رجال أمن يتعاملون مع الخطر الذي يرونه بما تدربوا عليه , فبالأمس قتلوا شباب الثورة واليوم يحمونه تلك وظيفة بالنسبة لهم , أما دم شباب الثورة الجنوبي فسال بحجارة أطلقتها أيد جنوبية ثورية حراكية . والفرق جلي وعظيم .