التهديد الفارسي بديلا عن الإسرائيلي في المنطقة؟ (3)
بقلم/ عمرو محمد الرياشي
نشر منذ: 11 سنة و 9 أشهر و 11 يوماً
السبت 09 فبراير-شباط 2013 10:30 ص

في تكملة للجزء الثالث عن توضيح بعض النقاط المحورية والهامة عن إستراتيجية إيران والقومية الفارسية في المنطقة سأبدأ المقال بـمقوله لأحد إعلام إيران الفارسية.... (إن الشعور السائد لدى جميع الحكومات الفارسية المتعاقبة أن الخليج العربي الفارسي بداية شط العرب الى مسقط بجميع جزره وموانئه بدون استثناء ينتهي الى فارس بدليل انه خليج فارسي وليس عربيا ..) صاحب هذه المقولة هو حنلجي ميرزا رئيس الوزراء الإيراني في عام 1822م.

نرى من خلال هذه العبارة البسيطة إشارة واضحة لمعنى حضور الأطماع الفارسية في المنطقة . ولو ركزنا على تاريخها أي قبل 157 سنة من قيام ما يمسى بثورة الخميني نستطيع ببساطه معرفة مدى قدم الكينونة العقدية وتواجدها قبل اندلاع ثورة الخميني واستمرارها حتى الآن ..... وتعمدت البدء بتلك المقولة لان الكثيرين ينخدعون بمحاولات الإعلام الإيراني وضع دعايا براقه مثل القضية الفلسطينية ومناصرتها حتى تخفي كثير من تفاصيل وملامح القبيحة لتلك الكينونة العقديه والتي جعلت واتخذت من الإسلام المشوه برواز تحيط به واقع العقيده الفارسية وتخفي حقدها عن الأنظار الذي جعل من قضية التشيع لباسا لها ومدخلا لكثير من قضايا المنطقة .

وما قضية تبنيها الانتصار للشيعة حول العالم لبسط نفوذها الفكري والعقائدي والسياسي في المنطقة سوى ستار شفاف لكن يظل الأمر خافيا على إخواننا الشيعة العرب وما أهمية المحفز الفارسي الذي يعتبر ركن من اركان السياسية الإيرانية ضد العرب حتى وان كانوا من عرب الشيعة .

فحرص إيران الفارسية وصراعها المستميت على نقل المرجعية الشيعية من النجف الى قم في بلاد فارس كشف عن أسرار وخفايا القومية الفارسية وحنقها على العرب وشعوبهم بمختلف مذهب سنة او شيعه وكم هي كثيرة قصص اغتيال عدد من علماء الشيعه العرب المعارضين لمشروع نقل المرجعيه الشيعية لقم .

قد يتسأل البعض عن سر انجذاب الشيعة وولائهم لإيران ؟

الأمر ليس بعسير على الفهم فالعالم الإسلامي بالتقسيم المذهبي يتكون من حوالي 11% من الشيعه و88% هم أهل السنة والنسبة الضئيلة الباقية ترجع للمذاهب الأخرى .

من هذا المنطق في التقسيم المذهبي للعالم الإسلامي يظل أمر بقاء الشيعه كأقلية في العالم الإسلامي ومستضعفه القوه حتى قيام ثورة الخميني 1979م وأصبح هذا التاريخ بمثابة فاصل زمني بين حقبتين تاريخيتين .

الحقبة الأولى حملت علامات الضعف والوهن للطائفه الشيعية ..والحقبة الثانية هو بعد اندلاع ثورة الخميني التي شكلت نقطة تحول كبيرة للانتصار لتلك الطائفة وحملت معها قضية التمدد وتصدير الثورة وهذا ما جعل كثير من ابناء المذهب الشيعي في دول الخليج تحت مظلة ايران بإعتبارها المنقذ والمنتصر للمذهب .

وكنتيجة لإسقاط حكم الشاه وتربع الثورة الشيعية في ايران وصل أصداء هذا الزلزال المذهبي الى دول الخليج والعراق . فبرغم من قصر المسار الزمني لاندلاع ثورة الخميني وحدوث أصداء هذا الزلزال لدى دول الجوار نرى ان عملية الاحتشاد والتعبئة العقديه التي قامت بها مراكز القوة في طهران وإرسالها الى الخارج تمكنت من إحداث قلاقل في معظم دول الخليج العربي وهذا الأمر يجبر خصوم ايران ويقودهم الى الاعتراف بالقدرة والسرعة في عملية التعبئة السياسية المذهبيه وتنظيمها في وقت زمني قصير جدا من اجل مشروع وتصدير ثورة الخميني للجوار في معادلة لتصفية الحسابات الفرس القديمة ضد العرب .

فقد قال يوري لوبراني سفير إسرائيل في طهران إبان حكم الشاه بعد هروبه من إيران في 79م (ان العالم قد دخل مرحلة جديدة) .

هذه العبارة خطيرة جدا حيث تجاهل السفير الإسرائيلي حرب 73م والتي قامت ضد إسرائيل مباشرة ولم تكن عمليا سوى مرحله جديده لاستكمال مشروع خنوع عربي ولم ترقى الى ان تكون مساويه لـ 79م كمرحله جديدة في العالم وهذا يوضح لنا كثير من معالم وخيوط المشروع الجديد في المنطقة والتأمر ضده وهذا ما حدث عمليا على الارض من ادخال منطقة الخليج في أزمات متعاقبه .. حرب صدام حسين مع ايران ذو الثماني سنوات التي وضعت النقاط على الحروف واندلعت تلك الحرب بإيعاز إسرائيلي – امريكي لإدخال المنطقة في دوامة الصراعات السياسية المذهبية وتنشيط مبيعات السلاح في المنطقة وهذا ما تم بالفعل فزادت مبيعات السلاح الغربي وتم نسيان كثير من الملفات السياسية مثل القضية الفلسطينية والتنمية البشرية ونزيف المال العربي الإسلامي مقابل الصرف على الة الحرب في المنطقة وخلق حالة من التشتت لدى الرأي العام نحو تلك الحرب .

بالرغم من الانتصار النسبي للعراق على ايران في تلك الحرب الى ان المخطط الغربي من خلال تلك الحرب نجح على المدى البعيد في تعزيز البناء المذهبي الشيعي داخل ايران ضد دول المنطقة كونها ساندت صدام حسين.

ومن خلال ذلك وجد كثير من الإيرانيين ضالتهم في القومية الفارسيه الشيعيه ماده دسمه و خندق يتم التمترس فيه لتهديد دول الجوار والعالم الاسلامي .

طبعا اسرائيل ومن خلفها الداعم الأمريكي جعلت من التهديد الإيراني ميزان للتحكم بدول الخليج وبعض الدول العربية وذلك من اجل السيطرة على مقدرات العالم الإسلامي كون ان الاحتياطي النفطي يوجد في منطقة الخليج ولذا نجد ان عملية صناعة الأزمات التي تقوم بها امريكا واسرائيل في المنطقة ليست الا ليظل العالم العربي والإسلامي ممزقا ويسهل السيطره والتحكم بثرواته وضمان عدم الاستفادة منه .

كثير من الأخطاء السياسية التي وقعت فيها دول الخليج في اللحاق بالسياسية الامريكيه جعلت دول وشعوب المنطقه في مرمى تهديد حقيقي فبعد مساعدة امريكا في اسقاط نظام صدام حسين وتقديم الدعم اللوجستي لتلك العملية في 2003م تحت مبررات واهيه ادخل المنطقة في حسابات معقده تهدد الكيان الخليجي بصبغته العربيه السنيه .فنجد ان دول الخليج فقدت حليفاً استراتيجيا لها ولم تنجح في إعادة كسب العراق بعد حرب 90م وهذه كانت رغبه امريكيه في إخراج عاصمة الرشيد من لعب دور الحماية لدول الجوار .

فحولت امريكا ذلك الحليف القديم الى دولة جنبا الى جنب مع ايران ضد دول الخليج وبذلك يظل مشروع التهديد قائم برعاية امريكيه إسرائيليه خصوصا في ظل عدم القدرة على الدفاع الذاتي لدول الخليج ضد القوة الايرانيه وتغلغلها في المجتمعات الخليجية في شبكات سريه لا يكشف الا عن اليسير منها .

مهما حاول المتفائلون بالركون الى الحماية الأمريكية فتظل باهضة الثمن و التكلفه وذو توقيت محدد يرتبط وجودها وزوالها بالمصالح الامريكيه في المنطقة .

لكن في ظل استمرار تلقي رسائل التهديد اليومي من قبل ايران والتي نجدها على الأرض من تدخلات سافرة في اكثر من دولة عربيه ... تظل تلك الرسائل اللانهائيه تحيط بنا من كل جانب في حملات مستمرة وتسويق أمريكي إسرائيلي لها وشغف ايراني تبقى شعوب المنطقة ودولهم ضحيه المصالح والأطماع والتلاعب بمصالحهم ألاستراتيجيه في ظل حالة لتبلد السياسي لبعض دول الخليج واستمرار البلطجه الايرانيه احيانا والخداع أحيانا اخرى .

لكن يظل التساؤل للكثيرين عن ما هو السبيل للحد من الخطر الإيراني في ظل الأساليب الجديدة التي تستخدمها ايران والمناورات التي مكنت ايران من إحراز كثير من النقاط السياسية في المنطقة لصالح مشروعها التوسعي . وهذا ما سيتم نقاشه في المقال القادم .