ما وراء تراجع المجتمع الدولي عن دعم الثورة السورية ؟؟
بقلم/ يوسف الدعاس
نشر منذ: 11 سنة و 9 أشهر و 12 يوماً
الخميس 07 فبراير-شباط 2013 03:22 م

تعيش الثورة السورية مخاضا صعبا وعسيرا مع استمرار مؤشرات المواجهات العسكرية بين الجيش الحر والجيش النظامي والتي طالت أمدها مع غياب اي إمكانية للوصول إلى النهاية والذي يبدو للمراقب حتى الوهلة عدم استطاعة اي طرف حسم المعركة عسكريا على الأرض لصالحه حتى الآن مع ازدياد معاناة الشعب السوري وسقوط المزيد من الضحايا واستمرار أمد المعاناة الإنسانية الذي يعيشها الشعب السوري وهو ما يمثل عبئآ ثقيلا على قوى المعارضة في مقابل تفكك وضعف واستنزاف كبير للنظام جراء استمرار المواجهة بما يشبه حرب العصابات وهو ما يسبب إطالة أمد الأزمة الى أجل غير مسمى مما يؤثر على الدولة ويصيبها بالانهيار وعدم وجود بوادر في الأفق بأي حلول .

المجتمع الدولي يبدو انه أصبح أكثر إيمانا بالحل السياسي اكثر من غيره وهو ما بدا واضحا من خطاب الرئيس اوباما الأخير والذي أكد فيه عدم تدخل الولايات المتحدة في أي نزاعات بشكل عسكري من اجل تحقيق السلام في العالم في إشارة الى عدم وجود استعداد للتدخل العسكري سواء في سوريا او غيرها وهو ما يعتبر موقف للمجتمع الدولي حاليا وهو ما يبدو واضحا من خلال استمرار إرسال المبعوث الخاص بالمجتمع الدولي الى سوريا الأخضر الإبراهيمي للبحث في فرص إيجاد حل سلمي يفضي الى التوصل لتسوية سياسية للأزمة .

الجامعة العربية بالمقابل أكدت في اجتماعها الأخير على ضرورة إيجاد حل سياسي للأزمة في سوريا ووضع حد للمعاناة الإنسانية التي يعيشها الشعب السوري وضرورة تقديم الدعم الاغاثي والإنساني دون الإشارة الى الدعم العسكري للمعارضة السورية وهي ما باتت محمولة في أجندة مبعوثها الأخضر الإبراهيمي الذي هو بذاته المبعوث الاممي المكلف بالتوصل لحل للازمة السورية .

أنباء كثيرة تتحدث عن وجود ضغوط تواجهها قطر وتركيا والسعودية للحد من الدعم الذي تقدمه لفصائل المعارضة السورية المختلفة ومن ضمنها التركيز على عدم تزويد المعارضة السورية بأسلحة حديثة وفتاكة فيما يبدو كتخوف من وصولها الى أيدي جماعات تعادي إسرائيل قد يصبح من الصعوبة لاحقا السيطرة على الوضع الأمني هناك وهو ما يبدو رغبة إسرائيلية وأمريكية بعدم الاقتناع للبديل عن النظام السوري .

وحدة الجانب الإنساني الحاضر الأبرز في اجتماع الدول الصديقة لسوريا الذي انعقد بالكويت مؤخرا والذي أعلن فيه جمع ما يقارب المليار ونصف المليار دولار كمعونات إنسانية عاجلة للاجئين السوريين دون الإشارة الى دعم المعارضة السورية لإسقاط النظام السبب الرئيسي للازمة الإنسانية والاقتصادية التي يعانيها الشعب السوري .

ويبدو في الأفق وجود بوادر تراجع في الموقفين الروسي والإيراني من حالة التشدد المعهودة التي كانت تظهر على السنة المسئولين هناك من الأزمة السورية وهو ما بدا واضحا من تصريحات المسئول الروسي ميدفيدف بقوله : ان فرص بقاء النظام السوري في الحكم تتضاءل مع استمرار العنف وعدم تنفيذ الإصلاحات المطلوبة ، فيما يعد مؤشر على تخلي موسكو عن تمسكها بالدعم اللامحدود للنظام السوري وجنوحها لحل سياسي يحفظ ماء الوجه للأسد ورحيله ولو بتسوية تقبل بها المعارضة وهو ذات الموقف بالنسبة لإيران الذي اصبحت اكثر قربا من الحل السياسي للازمة والتي أودت بسمعتها في المنطقة العربية نتيجة تشدد موقفها المتمثل بالدعم اللا محدود الذي تقدمه للنظام هناك ، وأصبحت تدفع ثمن التدخل مع احتمال فقدان النفوذ في المنطقة بعد تصاعد اضطراب الوضع في العراق الذي ينبئ بثورة قد تقضي على النفوذ الإيراني هناك للأبد ، اضافة الى الضغوط التي تواجهها من المجتمع الدولي بشبح العقوبات وبرنامجها النووي واستمرار تدخلها في الشأن الداخلي اليمني بإرسال سفن السلاح والدعم للجماعات المسلحة المتمثلة في جماعة الحوثي والحراك الجنوبي المسلح لزعزعة الاستقرار والذي أدى حضور المجتمع الدولي الى صنعاء للتأكيد على وقوفه الى جانب استقرار الوضع الأمني والسياسي هناك وعدم إيجاد موطئ قدم للنفوذ الإيراني الذي يسعى بشدة لكسب المزيد من الأوراق للضغط على المجتمع الدولي للتخفيف من الضغوط التي تواجهه .

ومع زيارة الرئيس الإيراني احمدي نجاد الى مصر مؤخرا يبدو الملف السوري هو الحاضر الأبرز في أجندة الرئيسين مرسي ونجاد وهو ما ينبئ عن اقتناع طهران بحل سياسي للازمة في سوريا حتى لا تسبب الأزمات التي تحيط بها الى تطويقها بعد ارتفاع مؤشرات أزمة اقتصادية تواجهها إيران واحتمال فرض المزيد من العزلة للنظام الإيراني التي أصبح يعيشها إقليميا ودوليا .

بين المعاناة وثقل الموقف التي تواجهها المعارضة السورية ممثلة بالمجلس الوطني والائتلاف السوري المعارض والجيش الحر نتيجة التدمير المستمر للبلد من قبل النظام وتزايد المعاناة الإنسانية للشعب السوري وسقوط المئات من الضحايا كل يوم وهو ما استوعبه رئيس الائتلاف الوطني السوري معاذ الخطيب عن قبوله بالحوار مع النظام ولقائه في الأسبوع الماضي مسؤولين إيرانيين ، ومؤشرات الإرهاق والانهيار لخزينة النظام مع طول أمد المواجهة والتي بات يكلف خزينة النظام ما يقارب المليار دولار شهريا وهو ما قد يؤدي الى انهيار اقتصادي للنظام من الداخل وهو ما بات يستشعره ويجعله يبحث عن اقرب فرصة لإنهاء الأزمة .

بين هذه وذاك يبدو الحل السياسي هو الأقرب لحل الأزمة هناك ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل يقبل النظام السوري بتسوية سياسية تفضي إلى رحيله وهو الحل الوحيد الذي يمثل مفتاح للأزمة السورية كون كل الطرق والمبادرات في الأخير لا تملك الا هذا الحل الوحيد لأن المشكلة ليست في الشعب السوري ولا في المعارضة السورية الداخلية ولا الخارجية ولا في المجتمع الدولي وإنما المشكلة الرئيسية للازمة هو النظام السوري ورحيله هو الحل الوحيد بأي طريقة سواء عسكرية او سياسية او عبر الضغط من المجتمع الدولي .