التمييز ضد المرأة دليل على الهمجية والتخلف
بقلم/ احمد صالح الفقيه
نشر منذ: 11 سنة و 9 أشهر و 20 يوماً
الأربعاء 30 يناير-كانون الثاني 2013 05:05 م

يمارس التمييز على أساس الجنس ضد المرأة على نطاق واسع في بلادنا حيث يتم وضعها في مكانة دنيا في السلم الاجتماعي إزاء الرجل. وينتج عن هذا التمييز انواع من العنف والقمع لإدامة الوضع المتدني للمرأة وفرضه عليها. ومن اشكال التمييز ضد المرأة:

عدم الاهتمام بتخفيض جاد لمستوى الأمية بين النساء والبنات من قبل الدولة والمجتمع، لا سيما في المناطق الريفية وارتفاع نسبة تسرب البنات من المدارس.

استمرار القوالب النمطية للنظام الأبوي والأعراف الثقافية والاجتماعية التقليدية التمييزية، ولا سيما تلك التي تتصل بدور المرأة ومسؤولياتها، يقف عقبة أمام تمتع المرأة الكامل بحقوقها الإنسانية.

ما تتضمنه عدة أحكام في القانون الجنائي من تمييز ضد المرأة. وبوجه خاص المادة 232 التي تنص على أن الرجل أو أحد الأقارب الذكور الذي يقتل زوجته لأسباب تتعلق بالخيانة الزوجية لا توجَّه إليه تهمة القتل.

تعديل عام 1999 على قانون الأحوال الشخصية أفضى إلى مزيد من التمييز ضد المرأة في الأسرة، حيث حرم المرأة من حق المساواة في اتخاذ القرار حول الزواج والطلاق.

ارتفاع معدلات الزواج المبكر، وهو ما يولد أوضاعا صحية خطيرة بالنسبة للبنات ويحول دون مواصلة تعليمهن وبالمخالفة لاتفاقية حقوق الطفل التي تعرف الطفل بأنه الشخص الذي يقل عمره عن 18 سنة، والحكم المتعلق بزواج الأطفال الوارد في الفقرة 2 من المادة 16 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.

ارتفاع معدلات وفيات الأمهات بصورة مقلقة نظرا لعدم الاهتمام الكافي من قبل الدولة.

المستوى المرتفع لجميع أشكال العنف ضد المرأة، بما في ذلك العنف العائلي، والعنف الجنسي، وختان الإناث.

مع أن الريفيات يشكِّلن الغالبية من نساء اليمن، فان التقسيم التقليدي للعمل في مجال الإنتاج الزراعي ليس في صالح المرأة، وأن المرأة، لأسباب ثقافية واجتماعية، لا تسيطر على وسائل الإنتاج وتواجه صعوبات في الحصول على القروض.

انخفاض معدل تسجيل النساء في قوائم الناخبين وانخفاض تمثيلهن في القوائم الانتخابية وفي هيئات صنع القرارات السياسية والاستغلال الواضح لصوت المرأة الناخبة لصالح الرجل بالإكراه في كثير من الحالات.

ومن الواضح أن الآثار المشتركة لارتفاع معدلات الأمية بين النساء والبنات، وارتفاع معدلات التسرب من المدارس والزواج المبكر لدى البنات، وارتفاع معدلات عمل الأطفال بين البنات، وانخفاض مستوى المشاركة السياسية للمرأة، تؤثر سلبا على تنفيذ السياسات الإنمائية الوطنية.

المرأة إلى وظيفتها المقدسة كحاملة للحياة وراعية لها، عنوان للجمال في حياة الناس، ولكنهن وئدن هنا في الملافع السوداء بعد ان كانت أزياء البلاد النسوية التقليدية تملأ دنيانا جمالاً، وتزيده الوجوه الناصعة ألقاً وحياة. والمرأة في مجتمعنا مظلومة في كل مجال، فهي في بيت زوجها عاملة بالسخرة وباللقمة والهدمة، ويستمتع بها الرجل ببلاش مجاناً، حتى إذا غاض جمالها وهي في خدمته وخدمة أطفاله وأحياناً أهله أيضاً، ألقى بها كسقط المتاع، وبنفقة ومتعة لا تكفيها اشهراً. والحال أن الغرب الذي كان يعامل المرأة كأنها بعض متاعه كما نفعل نحن اليوم، قد وصل بإعمال العقل وتحري العدل إلى إنصافها وإنصاف زوجها. وجعل القانون الزوجين شريكين فيما اكتسبه احدهما او كلاهما من مال، وعند الطلاق يقسم بينهما بالسوية. وجعل للزوجة على زوجها الغني نفقة لائقة ما دامت لم تتزوج، وللزوج على زوجته الغنية نفقة كذلك، سواء كان الغنى من ثروة أو من راتب العمل. أما نفقة الأولاد فمسألة أخرى. وذلك كله عدل جدير بأن يحتذى.

 النضال من اجل الحقوق ودفع الظلم والاضطهاد نضال سياسي واجتماعي بامتياز. ونجاح هذا النضال يتطلب رافعة سياسية، ولذلك يتحتم على المرأة الانتماء السياسي والعمل المدني المنظم. والعمل والانتماء السياسيان يشترطان حرية من يمارسهما. ولكن الحرية تظل مجرد دعوى لا تصح إذا لم يكن الإنسان قادراً على العيش وفق إرادته الحرة، وتسيير شؤون حياته دون إملاء أو وصاية، ودون أن يكون عليه سلطان إلا للقانون. ولن تتمكن المرأة من المشاركة السياسية بحق إلا عندما يتيسر لها الاستقلال الاقتصادي أولاً وقبل كل شيء، وهو ما لم يتيسر بعد حتى لمعظم الرجال في بلادنا. وقد عرفت نساء درسن حتى أكملن دراستهن الجامعية ثم أهدرن سنوات الدرس والتحصيل وجلسن في بيوتهن وأصبحن يعاملن معاملة الأميات المتعلقات بأهداب ثوب الزوج لأنهن فقدن استقلالهن الاقتصادي.

‏ومهما يكن فإن نضال شريحة من المثقفات اليوم هو خطوة إلى الأمام، ومهما يكن فيه من ضعف الآن، فهو قد يتحول إلى تمكن حقيقي في المستقبل. ذلك أن الناس يتأثرون بالقدوة والنموذج وترتفع أسقف طموحاتهم تبعاً لذلك. فالنسوة البارزات من حاملات القلم في أول عهد ثورة يوليو المصرية، كالدكتورات بنت الشاطىء، وسهير القلماوي ، وحكمت أبوزيد، كن قدوة للفتيات المتعلمات في عدن فترة الخمسينيات. وفي العقد التالي كانت المناضلات الجزائريات جميلة بوحيرد وعزة بوطريف، قدوة من التحقن بالكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني والفرنسي. وكذلك كان الحال في الصحافة وامتهان الأدب في كل قطر عربي.