خالد الرويشان يتحدث عن تصرفات حوثية لن يتخيّلَها حتى الشيطان:عارٌ علينا أن نصمت اللواء العرادة يطالب المجتمع الدول بإتخاذ تدابير عاجلة تجفف منابع الدعم الخارجي للمليشيات مليشيات الحوثي تحول مدارس صنعاء إلى معسكرات تدريب للطلاب حزب الإصلاح يلتقي بعيدروس الزبيدي مركز مكافحة الإرهاب الأمريكي يتحدث عن نقاط ضعف الحوثيين القابلة للاستغلال وحقيقة قدرتهم على تحديد هوية السفن وتعقبها وضربها سلاسل بشرية بمدينة مأرب تضامنا مع الشعب الفلسطيني ودعما لقطاع غزة - صور وزير الخارجية يستقبل الرحالة اليمني منير الدهمي بالرياض الضالع.. القوات المشتركة تدمر مرابض قناصه المليشيا وتحرز تقدما ميدانيا تفاصيل لقاء وزير الدفاع ومحافظ حضرموت باللجنة الأمنية بالمحافظة محكمة الجنائية الدولية تصدر أوامر اعتقال بحق نتنياهو وجالانت وتكشف عن أسبابها المنطقية
إن للحضارمة في نشر الإسلام من الجهود المباركة العظيمة ما أشاد به أهل العلم والإنصاف، ومن ذلك ما ذكره الدكتور أحمد شلبي في كتابه ((موسوعة التاريخ الإسلامي)) حيث قال: إن بلاد حضرموت جديرة بأن نقف عندها وقفة إجلال وتقدير، لما قام به بنوها في هذا المجال، فقد تخطى هؤلاء الناس الصعاب، وركبوا البر والبحر، ونزلوا هنا وهناك، ولم ينسوا قط دعوة هذا الدين في حلهم وترحالهم، فحملوا الإسلام للناس وحملهم الإسلام إلى أسمى الدرجات، أعطوه من جهدهم ومن مالهم، وأعطاهم من قدرة وحضارة، وإن عدة ملايين من البشر، في مختلف البقاع، في آسيا وفي أفريقيا ، يرتبط إسلامهم بهجرات حضرمية، وقد اتصلت بهم ردحاً من الزمن بحكم عملي بالخارج، فرأيت دُورهم وكل منها منارٌ يهدي للإسلام، ورأيت حماستهم لا تفتر، ورأيت مدارسهم واسعة الانتشار، تستقبل أفواجاً من التلاميذ وتغرس في نفوسهم حب الإسلام، وفي عقولهم مبادئه..
وقد ألمح المؤرخ الحضرمي محمد بامطرف إلى عظيم دور العلويين في نشر الدعوة الإسلامية في مختلف الأقاليم فقال: يعتبر العلويون أكبر قبيلة حضرمية عددا وأوسعها هجرة إلى آسيا وأفريقيا،وتعتبر قبيلة ((العلويين)) الحضارمة يمنية لأنها لم تتكون إلا في اليمن،ولم تكن قبل ذلك معروفة خارجه.
وقال أيضا: بدأ العلويون هجرتهم من حضرموت فجابوا الربوع الآسيوية والأفريقية،ولهم بها اليوم أسر كان لبعض أفرادها شأن يذكر في مختلف نواحي النشاط الإنساني؛ وبصورة أخص ساهم بعض مهاجري العلويين مساهمة فعالة في نشر الدعوة الإسلامية في شرق إفريقيا وجزائر المحيط الهندي، وفي الهند وأرخبيل الملايو وإندونيسيا والفلبين.
وحرصا على إشاعة هذه الجهود المغمورة، وتعريفا للأجيال بها ،حرصت على تتبع ما تيسر لي من هذه الجهود الدعوية الحضرمية في مقالات متسلسلة، جعلت أولها يحمل عنوان(لمحة عن دور العلماء الحضارمة الدعوي في بلاد الهند) وسألحقه بذكر أدوارهم في أصقاع أخرى(كالصومال وشرق أفريقيا واندونيسيا وماليزيا) وغيرها، في الأعداد المقبلة بمشيئة الله تعالى.
ومراعاة لشوق المتشوق لن أتأخر في سوق مادة هذا المقال الذي جمعت فيه خلاصة لا أقول أنها تكفي؛ولكن أقول أنها تفتح الآفاق نحو بحث واسع للراغب والمتطلع في إتمام البحث المتعلق بهذه الجزئية.
وفي مفتتح القول أذكر بأن الهجرة من حضرموت إلى الهند قويت في القرن السابع الهجري الثالث عشر الميلادي ، واستمرت حتى أوائل القرن الرابع عشر الهجري العشرين الميلادي، وأول من اشتهر بها على الصعيد الدعوي (من الحضارمة) من أبناء العلويين، هم بنو عبدالملك (عم الفقيه المقدم)العلويين اليمنيين، وقد انتشروا هناك واتصلوا بملوك وزعماء وعلماء المسلمين بالهند وكانت لهم مكانة عالية بين مسلمي الهند، وكانوا يدعون بآل عظمة خان، وتبعتهم فيما بعد جماعات، منها آل عبدالله بن شيخ العيدروس الذين أمسكوا بزمام الزعامة العلمية والدينية بالهند، كما شاركوا في الناحية الاقتصادية في أحمد أباد، وسورت، وغجرات، وبيجافور، وغيرها.
وقد هاجر من السادة العلويين ومعهم عدد كبير من سائر القبائل الحضرمية في القرن العاشر ، حيث ذكرت بعض المصادر أنه وصل نحو (300) عالم وشيخ إلى دلهي بدعوة من الحاجة (بيجيوم) وهي إحدى زوجات الإمبراطور المغولي (هومايون) ذهبت الحج سنة 968هـ واصطحبت هذا العدد الكبير من العلماء الحضارمة كضيوف على الأسرة الحاكمة للقيام بوظيفة التعليم الديني والدعوة إلى الله تعالى في بلاد الهند ..
فعاش هؤلاء الدعاة حياة دينية نشطة في موطنهم الجديد الهند..وشكلت هذه البعثة الحضرمية ببلاد الهند(في القرن العاشر الهجري) نهضة عظيمة لدين الإسلام أمتد من خلالها الإسلام وآدابه ولغته وقيمه ومبادؤه في المجتمعات الهندية..
ففي كوجرات وحدها عاش أكثر من (30) حضرمي وانتشرت ذراريهم بها حتى القرن السابع عشر الميلادي.
ومن مشاهير الدعاة والعلماء الحضارمة الكبار ببلاد الهند في القرن العاشر الهجري العلامة محمد بن عمر بن مبارك الحميري الحضرميّ الشافعيّ، الشهير ببحرق (ت: 917 هـ) الذي ذكره المؤرخ الهندي عبد الحي الندوي بقوله: رحل إلى الهند ووفد على سلطانها (مظفر بن محمود بيكره)، فعظمه وقام به وقدمه ووسع عليه والتفت إليه وأدناه منه وأخذ عنه، فاشتهر بجاهه، وصنف له ((تبصرة الحضرة الشاهية الأحمدية بسيرة الحضرة النبوية الأحمدية))،وبالجملة فللعلامة بحرق نشاط في الدعوة والتعليم واضح ومشهور ببلاد الهند ليس هذا محل تفصيله.
ومن كبار الدعاة الحضارم الذين هاجروا إلى الهند ونشروا بها العلم ثم عادوا إلى حضرموت، العلامة عمر بن محمد بن أحمد بن أبي بكر باشيبان العلوي (ت:945هـ)،وكانت وفاته بمدينة قسم،وهو مؤلف كتاب)) ترياق أسقام القلوب الشاف في ذكر حكايات السادة الأشراف )) ،وقد أعقب هذا السيد بالهند ذرية مباركة بمدينة بلقام والدكن، وقد انتقلت منهم فروع إلى (جاوا).
وذكر منهم المؤرخ ضياء شهاب :الداعية العلامة عمر بن عبدالله بن عبدالرحمن بن عمر بن محمد بن أحمد بن أبي بكر باشيبان، الذي ولد بالهند،وتلقى بها العلم،ثم سافر إلى تريم لطلب العلم وإلى الحرمين وجاور بها عدة سنين، ثم عاد إلى تريم، ثم توجه إلى الهند وسكن سورت وأكرمه ملكها الملك (عنبر) وبعد وفاته، أكرمه السلطان(عادل شاه)، وأقام ببيجافور عدة أعوام، ثم استوطن بلقام و بها توفي سنة 1066هـ، ومن الجدير بالذكر أن نسل أسرة آل باشيبان لا زال موجودا ببلاد الهند إلى عصرنا هذا .
وممن أقام ببلاد الهند في القرن العاشر الشيخ الكبير السيد شيخ بن عبد الله العيدروس الحسيني الحضرمي(ت:990هـ)، صاحب أحمد أباد رحل إلى الديار الهندية سنة 958هـ وأحبه الوزير (عماد الملك)، وزير أحمد أباد، فقربه وأدناه، ونُصب للنفع والتدريس، وأخذ عنه خلائق من أهل الهند لا يحصون، منهم ولده عبدالقادر، وحفيده محمد بن عبد الله السورتي، وأحمد بن علي البسكري ،وعبد الله بن أحمد فلاح، والشيخ محمد بن أحمد الفاكهي ،والشيخ حميد بن عبد الله السندي ،وكانت مدة إقامته بأحمد أباد اثنتين وثلاثين سنة، أشتغل فيها بالدعوة والتعليم،إلى أن توفي بمدينة أحمد أباد سنة 990هـ.
وقام بمهمة هذا الإمام ببلاد الهند بعد وفاته أبنه العلامة المؤرخ صاحب كتاب ((النور السافر)) السيد عبد القادر بن شيخ العيدروس(ت1096هـ) ،الذي ولد ونشأ بأحمد أباد من أم هندية وانتفع بأبيه ولازمه مدة حياته، ثم سافر إلى سورت وتولى المشيخة بها،فاقبل عليه من أهل الهند الجم الغفير ، إلى أن توفي بمدينة سورت.
ولتلاميذ الإمام الحداد جهود واضحة في نشر الدعوة ببلاد الهند في القرن الثاني عشر الهجري،وقد ذكر الكثير منهم العلامة محمد بن زين بن سميط في ((غاية القصد والمراد))، وأذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر: السيد العلامة حامد بن علوي الحداد أحد أخوة الإمام الحداد ، ومنهم العلامة أحمد بن أبي بكر بن عبدالهادي بن محمد باشعبان بافضل: الذي سافر بعد تخرجه على الإمام الحداد إلى بلدة بلقام الهندية ، فشارك في التعليم والدعوة إلى الله تعالى، وألف كتاب ((المنتقى)) أجاد فيه غاية الإجادة، وهو على صغر حجمه عظيم الفائدة،وكان فراغه من تأليفه سنة (1079هـ) و أخطأ من تصدى لجمع ((الموسوعة اليمنية)) حيث جعلوا السنة المذكورة سنة وفاته وهي في الحقيقة سنة فراغه من تأليف كتاب المنتقى.
وللسادة آل عيدروس ممن تتلمذ للإمام الحداد ولغيره بالهند في القرن الثاني عشر مشاركة كبيرة تفتقر إلى مزيد من العناية والإبراز، حتى أن العلامة عبدالرحمن بن مصطفى العيدروس(ت1192هـ) ذكر أن له رحلة إلى الهند تقع في عشرة كررايس، ولو وجدت لفصلت لنا الكثير من الأمور المتعلقة بحال الدعوة والتعليم بالهند في ذلك العصر( ).
ومن دعاة الهند السيد الداعية جعفر الصادق بن مصطفى بن علي زين العابدين بن عبدالله بن شيخ العيدروس(ت:1142هـ)كان عالما وزعيما استقر بسورت من بلاد الهند وناهض الظلمة وأكرمه (الأمير بهادر شاه) وكان هذا السيد كريما جوادا،منزله مأوى القاصدين،توفي بسورت ودفن في صحن داره( ).
ومن دعاة الهند العلامة عبدالله بن مصطفى العيدروس الذي ولد بمدينة تريم سنة 1130هـ، وسافر إلى الهند من حضرموت في مقتبل شبابه ومضت حياته بالهند مستوطناً مدينة سورت حتى وافاه الحمام بها في سنة 1185هـ.
ولهم في القرن الثالث عشر ببلاد الهند صولات وجولات حيث تردد على إقليم الهند منهم شخصيات عديدة منهم على سبيل المثال: السيد العلامة شيخ الجفري(ت1222هـ) الذي أسهم وجوده في إنهاض الحياة العلمية ببلاد الهند من خلال مدرسته التي أنشأها هناك، حيث ارتوى من معين علمها من أهالي الهند وعلمائها الجم الغفير،كما قام بالرد على المتمشيخة الكذابين المشهورين بأهل ((الطريقة الكندوتية)) الإباحية ردا علميا قاطعا أقام فيه عليهم الحجة.
ولا يزال من دعاة السادة آل الجفري ببلاد الهند بقية منهم السيد فضل شهاب الجفري الكاليكوتي الرئيس الإداري لجامعة مركز الثقافة السنية حفظه الله، وتوجد بمنزله نسخة خطية من كتاب((كنز البراهين الكسبية والأسرار الوهبية الغيبية لسادات مشايخ الطريقة الحدادية العلوية الحسينية الشعيبية))وهو من مؤلفات السيد شيخ الجفري، وقد طبع هذا الكتاب بمصر سنة 1281هـ( ).
ومن مشاهير دعاتهم ببلاد الهند في القرن الثالث عشر الهجري السيد علوي بن سهل مولى الدويلة (ت1260هـ) الذي أسست بمليبار في عصرنا الحديث جامعة باسمه عرفانا لجهوده العلمية والدعوية ببلاد مليبار،وخلفه من بعده ابنه النجيب الأريب السيد المجاهد فضل بن علوي بن سهل مولى الدويلة (ت1318هـ)الذي اضطلع بمهمة الدعوة ببلاد مليبار، وجاهد الإنجليز حينما استعمروا الهند مع تلاميذه وأنصاره ،حتى اضطر لمغادرة الهند تحت ضغوط الاستعمار الإنجليزي بقيادة ((كونالي)) conli .
وظهر من متأخريهم في القرن الرابع عشر الهجري ببندر كاليكوت السيد العلامة احمد بن عبدالرحمن بن شيخ بن عبدالله بن العارف القطب شيخ الجفري ،ولد ببندر كاليكوت سنة1295هـ وتوفي سنة1349هـ بسيلان، تخرج من كلية الباقيات الصالحات ببلدة ويلور سنة 1334هـ،ثم تصدر للتدريس والدعوة فبنى المدرسة الجفرية ببلدة كاليكوت وأقام مدرسا بها سنين،وبعدها استقر به المطاف بسيلان وله فيها آلاف من المريدين وكان ذا منزلة عالية بها،وقد بنى بها رباطا في سيلان يسمى برباط العلوية الجفرية
وممن رحل إلى سيلان بقصد نشر الدعوة السيد الداعية علوي بن عبدالرحمن بن أبي بكر المشهور فقد رحل إليها سنة 1316هـ ثم عاد منها ومكث بأرض الحجاز مدة ثم رحل إلى سيلان سنة 1316هـ فاستقبله العلماء والحكام والأهالي استقبالا حافلا وزار في رحلته هذه غالب المدن السيلانية .
وأقام في نواحي هذه الجزيرة الكثير من المدارس والمجالس والحضرات ذات الصبغة المشتركة بين الشاذلية والعلوية،ولم تزل قصائده الشعرية تردد في حضراتهم إلى اليوم،وله بالهند وسيلان مئات الطلبة والمريدين، واعتنى بجذب الفئات الوثنية إلى الإسلام فاسلم على يده كثير من عباد البقر والشنقلا والبانيان.
وكان لولده السيد العالم أبو بكر بن علوي المشهور بسيلان صولات وجولات في الدعوة إلى الله وشيد بها مساجد وأسلم على يده منهم الكثير.
وكان من ثمار هذا الفتح الإسلامي المبارك انتقال بعض (آل المشهور)إلى جزيرة سيلان مثل السيد محمد بن أبي بكر بن علوي المشهور استقر في (كلمبو) واعتنى بالعلم والدعوة إلى الله تعالى وبنى بها مسجدا لا يزال موجودا إلي اليوم ومات ودفن بها.
ومثله أخوه السيد عمر بن أبي بكر بن علوي المشهور إلا أنه استقر في آخر المطاف في (فلمبانغ) باندونيسيا وتزوج بها ونازله الحمام بربوعها داعيا إلى الله تعالى.
وممن سافر للدعوة إلى الله بسيلان بعد هولاء السيد علي بن أبي بكر المشهور وأخيه علوي وجددوا نشاط الأسلاف بها وحصل بهم ما حصل بأسلافهم من النفع والتنوير.
ولسعة الامتداد والانتشار لهذه الطريقة بالبلاد الهندية أفردها الكثير من الباحثين بالدراسة ومنهم الدكتور جمال حزام محمد النظاري في أطروحة الدكتوراه الموسومة بـ ((الهجرات الحضرمية الحديثة إلى الهند وتأثيراتها منذ بداية القرن التاسع عشر حتى منتصف القرن العشرين)) ويحسن هنا أن ننقل بعض كلامه حول الهجرات الحديثة إلى الهند.
يقول الدكتور جمال: لقد ازداد تدفق الهجرات الحضرمية إلى الهند في القرن الثالث عشر الميلادي مع زيادة ترحيب حكام الولايات الهندية وأمرائها بهم ،وعملوا على تعيين قضاة لعموم العرب من بينهم لحل الخلاف بينهم، ولذلك يمكن القول أن مسلمي (كن كان) وطائفة (المابيلا) في المليبار و(الجماعتين) في (غجرات) ينحدرون من أصول يمنية حضرمية.
وقد مثلت الهجرات في مطلع العصر الحديث زيادة واضحة في التدفق نحو الهند وبرزت الطرق الصوفية الحضرمية من بين عوائل كان من أبرزها آل العيدروس وآل العطاس وآل الجفري وغيرهم ممن برزوا دعاة مصلحين دينيين .. بل أصبحوا مضرباً للأمثال في سلوكهم وحبهم للمعرفة ونشر الإسلام عن طريق الزوايا والتكيات التي أقاموها، والتي كان من أشهرها وأقدمها (الزاوية العيدروسية) في أحمد أباد بولاية غجرات، التي ما زالت قائمة حتى اليوم في أنحاء مختلفة من الهند ويتزعمها (السيد مجتبى جعفر العيدروس) بحيدر أباد الدكن.
وكان أمراء المسلمين الهنود دائمي الالتماس من علماء حضرموت للحضور للهند للإسهام في نشر العلوم الدينية كالقرآن الكريم والحديث والفقه في مختلف الممالك والسلطنات المسلمة كأحمد أباد وباروش وسورت ودولت وأحمد نجر وبيجابور وبليجام وحيدر أباد وبيدار وبراد وجولكنده وغيرها من المناطق والأقاليم الهندية وما زالت بعض الأسر المنحدرة من أصول يمنية حضرمية تقطن تلك الأصقاع حتى اليوم وما زال أفرادها محتفظين بعاداتهم وتقاليدهم كافة بالرغم من ذوبان بعضهم في المجتمع الهندي المسلم.
وعند المطالعة لكتاب ((الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام))و المسمى أيضاً بـ((نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر)) لمؤرخ الهند الكبير العلامة الشريف عبدالحي بن فخر الدين الحسني، أمين ندوة العلماء العام بلكهنؤ بالهند (ت:1314هـ) تجده ذكر عدداً لا بأس به من أعيان علماء حضرموت من السادة العلويين وغيرهم موزعين في بلدان عديدة من بلاد الهند.
وبعد هذا التطواف الممتع أقول: إن جهود العلماء والدعاة الحضارمة ببلاد (الهند) تفتقر إلى جهود منظمة من المراكز البحثية والمؤسسات العلمية تسعى بجد في جمع مادة هذه الجهود المبعثرة من نواحي متعددة لعل أبرزها:
1.حديد وضبط تاريخ بداية المشاركة الدعوية الفاعلة لعلماء حضرموت بالهند ، أما المشاركة التجارية فلا يستهان بها ولكن تأتي في المرتبة الثانية ،حيث أن الأصل في الأهمية يكمن في نشر الدين الإسلامي أولاً ،ولا مانع من استيعاب كل الوجوه التاريخية والحضارية الأخرى بعد ذلك.
2.الترجمة لطبقات العلماء والدعاة الحضارمة الذين كانت وفاتهم بأرض الهند،وتصوير مقاماتهم وتوثيق ما يتعلق بذلك.
3.المتابعة الجادة لكل ما تركوه ببلاد الهند من تراث علمي مكتوب وتوثيق ذلك.
4.متابعة مالهم من الجهود في بناء المساجد والمدارس والمعاهد وتوثيق ذلك.
5.إحصاء البلدان الهندية التي وصل إليها المد الدعوي لعلماء حضرموت.
6.البحث عن باقي الأسر الحضرمية المختلطة بالهنود الأصليين وإيجاد سبل تواصل تعرفهم بأن سبب وجودهم بهذه البلاد تحمل أمانة إبلاغ الدين فليحافظوا على ذلك.
وختاما: أقول إن للحضارمة الدور العظيم في نشر الإسلام ببلاد الهند، وأن وسيلتهم في ذلك التسلح برصيد كبير من الخلق النبوي، مع إتقان العلم الشرعي وقواعد حسن التعايش(فقه الدعوة) مع الآخر ،عملا بقول الله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125]، وقوله سبحانه: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الإسراء: 53]، فما أحوجنا للجهود المنظمة التي تعيد لهذا المجد روحه..وهذا التاريخ فاعليته..بالجمع لأصوله التاريخية الباقية..والسير في هذا المسار في عصورنا الراهنة،وبالله التوفيق.
m1433@hotmail.com