التعليم الإجباري في اليمن واجب أخلاقي
بقلم/ عبدالعزيز الصلاحي
نشر منذ: 11 سنة و 11 شهراً و 12 يوماً
الأربعاء 12 ديسمبر-كانون الأول 2012 02:34 م

بدون شك أن العلم والتعلم هو البوصلة الحقيقة لتوجه المجتمعات إلى النهضة والتقدم والحضارة , وبدون شك أن ما يعانيه اليمن من تخلف اقتصادي واجتماعي وثقافي وسياسي يرجع إلى أسباب كثيرة وأولها الأمية المتفشية والجهل المطبق , إن اليمن يعاني من مشاكل كثيرة لا حصر لها مما جعلها في مصاف الدول والحكومات الفاشلة وكل ذلك أساسه ضعف التعليم وغياب الوعي .

لقد كانت الحكومات المتعاقبة في النظام السابق تحاول إصلاح الوضع الاقتصادي ولكن برفع السلع الغذائية والحاجات الضرورية والتي كانوا يسمونها ( جرع ) وأخيرا تحولت إلى كابوس مزعج وهم مؤرق لكل مواطن فلم تؤتي ثمارها وإنما كانت النتائج عكسية فلا صلح اقتصاد الدولة ولا سلم المواطن من الانهيار العصبي والنفسي , وبموجب تلك المعاناة تنعكس سلبا على حيات الأسر المعيشية فلا يستطيع رب الأسرة دفع تكاليف الأسرة واحتياجاتها ولا يستطيع أن يدفع بأبنائه إلى التعليم بل هو بحاجة ماسة إلى عملهم بجانبه للتصدي لغلاء المعيشة وقلة فرص الأعمال واحتياجات الأسرة الضرورية .

وتحاول أيضا إصلاح التعليم ولكن بتغيير مدراء المدارس النموذجيين بمدراء غوغائيين لا يفهم من الإدارة إلا اسمها ولا من التعليم إلا رسمه , فزادوا الطين بله وزادوا الطلاب جهلا إلى جهلهم بل يذهب المدرسة مؤدب ويعود بلا أدب , يذهب نظيف القلب والثياب فيعود وقد أصبحت الثياب ممزقة ومتسخة نتيجة لجلوسه على الأرض بدون كراسي ولا ماسات ونتيجة للعنف المتبادل بين الطلاب تجده يحمل الحقد والضغائن لزملائه نتيجة للتسيب وسوء الإدارة المتفشية في المدارس ذلك إن كان يستطيع الذهاب إلى المدرسة أما غيره فلا يستطيع نتيجة لإهمال أسرهم لهم وعدم الاهتمام والوعي بالتعليم .

ذلك هو الانطباع السائد لدى كثير من الأسر عن التعليم بأنه مجرد نزهة وفوضى خلاقة ومشاكل بين التلاميذ فمن اجل سلامة الولد فعليه ان يقعد في البيت او يذهب للعمل في المزرعة او الورشة او غير ذلك من الأعمال الشاقة , وهو في عمره تمنع كل قوانين دول العالم عمل اقرأنهم من الأطفال .

إضافة إلى ذلك عدم وجود خطط لدى تلك الحكومات لاستيعاب مخرجات التعليم , وتوفير فرص العمل المناسبة لمن دفعوا أعمارهم وأوقاتهم وجهدهم حتى حصلوا على الشهادات العليا , فما إن يأخذ شهادته يظل حيران لا يدري أين يذهب بها فإما ان يذهب إلى صفوف العاطلين عن العمل أوالى العمالة السائبة في الشوارع ويبحث عن أي عمل شاق , او إن كان يستطيع ان يخرج من البلد ويذهب إلى أي بلد آخر للحصول على فرصة عمل أفضل , وهذا بكل تأكيد يعود سلبا على الاقتصاد الوطني بحيث انه لم يستفيد من تلك العمالة الماهرة والمتدربة , ويعود سلبا أيضا على أولئك المقبلين على على المدارس المبتدئين فهو يرى أن الذي أضاع عمره في المدارس والجامعات مثله مثل غيرة من الذين اختصروا على أنفسهم الوقت وترك ا التعليم في وقت مبكر من حياته متوجها إلى أي عمل يقتات منه , وأيضا ذالك جعل بعض الأسر والمجتمعات على قناعة تامة بأنه لا جدوى من التعليم ولا جدوى من بناء المدارس ولا جدوى من الذهاب إليها وإهدار الوقت وضياع العمر فيها .

إننا لم نلمس من الحكومة والى اليوم أي توجه حقيقي وجاد لإيجاد الحلول المناسبة لإجبار أولياء الأمور بضرورة تعليم الأبناء , ولم نلمس أبضا أية حوافز للأسر المعدمة وخاصة في المناطق الريفية لدفع الأطفال الى المدارس , ولم نلمس أيضا أي توعية أو توجيهات بضرورة العلم والتعلم , ولم نلمس أن يكون هناك مشروع عقوبات ضد الأسر التي لا تدفع بأبنائها إلى المدارس , ولم نلمس أيضا ان هناك توجه لإصلاح الإدارات المدرسية والمراكز التعليمية , بكوادر مؤهله ومتخصصة في الإدارة بعيدا عن المحسوبيات والمناطقيات وأصحاب النفوذ , ولم نلمس أي توجه لوضع لوائح تأديبية ضد المعلمين الذين يتباطئون عن أداء عملهم وعدم فرض أية رسوم إضافية على المقبلين على التعليم وعدم إلزام الأطفال بتغذية المعلمين بل العكس هو الواجب يجب على الدولة تغذية الأطفال المقبلين على التعليم وتحفيزهم على العلم وتهيئة الأجواء المناسبة لذلك .

إن التعليم هو البوابة الحقيقية للولوج إلى عالم الاقتصاد وهو البوابة الواسعة للولوج إلى المعرفة والإبداع والإبتكار , إن الجهل والأمية تهدم القيم والأخلاق وتهدم الحضارة الإنسانية , وتهدم المجتمع وهو الطريق الأساسي لفشل الحكومات والدول , ولذلك يجب وضح الحلول المجدية للحد من هذه الظاهرة المتفشية في اليمن والتي تكاد أن تعصف بحاضر ومستقبل الأجيال .

  azizaz45@yahoo.com