مركز مكافحة الإرهاب الأمريكي يتحدث عن نقاط ضعف الحوثيين القابلة للاستغلال وحقيقة قدرتهم على تحديد هوية السفن وتعقبها وضربها سلاسل بشرية بمدينة مأرب تضامنا مع الشعب الفلسطيني ودعما لقطاع غزة - صور وزير الخارجية يستقبل الرحالة اليمني منير الدهمي بالرياض الضالع.. القوات المشتركة تدمر مرابض قناصه المليشيا وتحرز تقدما ميدانيا تفاصيل لقاء وزير الدفاع ومحافظ حضرموت باللجنة الأمنية بالمحافظة محكمة الجنائية الدولية تصدر أوامر اعتقال بحق نتنياهو وجالانت وتكشف عن أسبابها المنطقية عاجل: وزير الدفاع الأمريكي: سنعمل على انتزاع قدرات الحوثيين في اليمن مليشيا الحوثي تحول محافظة إب لقادتها ومشرفيها القادمين من صعدة وعمران عاجل:حريق هائل يلتهم هايبر شملان العاصمة صنعاء نقابة المعلمين اليمنيين تدين الاعتداء السافر على المعلمين في شبوة وتطالب بتحقيق عاجل
مصطلح الثوابت الوطنية, هو مصطلح سياسي تستخدمه الأنظمة الدكتاتورية كبديل إعلامي مرادف للمصطلح الأمني الخيانة الوطنية. فعندما يتحدث البعض عن مصطلح الثوابت الوطنية, فإنهم يعكسونه وكأنه صك غفران من يخالفه يكون قد خالف الجماعة. في حين ان الأنظمة الديمقراطية او الدول المدنية تعتمد الدستور والقانون حكماً بينها وبين مواطنيها. فإذا قام احدهم بعمل ما يخالف الدستور ويجرمه القانون, فان الأمر يترك لأجهزة القضاء لتفصل فيه دون تدخل من أحد. لكن اذا تمت المخالفة دون وجود نص قانوني يجرمها, فلا يستطيع احداً ان يمس المخالف بسوء.
في اليمن يوجد دستور يحدد التزامات كل طرف فيه المواطن والسلطات, مع وقف التنفيذ, حيث يستطيع أي مسئول او متنفذ في السلطة او مقرباً منها ان يفعل ما يحلو له دون رادع. ومن اجل ان يتحصن أولئك من خصومهم, فقد اخترعوا مصطلح الثوابت لاستخدامه في التخلص من خصومهم او إذلالهم. فما هي تلك الثوابت؟
ان الثوابت الوطنية في اليمن هي الشعار الذي كان ظهر خلال حروب المناطق الوسطى في الجمهورية العربية اليمنية وأضيفت إليه الوحدة بعد تحقيقها (الله, الوطن, الثورة, الوحدة). فاذا تمعنا في ذلك الشعار فاننا سوف نجد بأنه يحل بديلاً للدستور النافذ, واذا ارادت السلطات او توابعها التخلص من خصومها فإنها تنسب إليهم مخالفة الثوابت الوطنية, واذا اراد احد النافذين مصادرة حقوق الآخرين فانه ينسب اليهم مخالفة الثوابت الوطنية. فما هي الميزة التي تجعل من شعار الثوابت اكثر قوة من الدستور والقانون؟
ان أهم ميزة كان يتمتع بها شعار الثوابت, هي انه يؤدي بمن نسب اليه مخالفته الى التهلكة دون محاكمة عادلة. فمن نسب اليه مخالفة الدين لا يحتاج الى المحاكمة, ومن نسب اليه خيانة الوطن لا يحتاج الى المحاكمة, ومن نسب اليه المساس بالثورة لا يحتاج الى المحاكمة. استخدمت هذه المعادلة في حروب المناطق الوسطى, حيث تم التخلص من كثير من الوطنيين المخالفين لنظام الحكم الدكتاتوري, والآن تم إضافة الوحدة ليتم استخدامها مباشرة في حرب 1994م وما تلاها. فما هو المكسب من استخدام شعار الثوابت؟
من خلال استخدام شعار الثوابت الوطنية إبتداءً في المناطق الوسطى وتعز, تم القضاء على الكثير من الخصوم السياسيين قتلاً وتعذيباً واعتقالاً وإذلال دون محاكمات, تمت مصادرة ممتلكات الخصوم الشخصية من اراضي ومنازل وحقوق مالية ومعنوية وغير ذلك. باستخدام ذلك الشعار تم احلال عناصر تابعة للنظام دون ان تكون مؤهلة في مواقع قيادية كان يشغلها خصومه او مخالفيه في الراي او معارضيه. باستخدام ذلك الشعار ظهرت فئة طفيلية جديدة في المجتمع منحت لقب شيخ دون ان تربطها أي علاقة بالمشيخات او شيوخها, حتى ان بعضهم نسب نفسه للقبيلة اليمنية وهو مهجن. باستخدام ذلك الشعار برزت الى السطح فئة جديدة من التجار الذين لا تربطهم اية رابطة بالعمل التجاري المدني المشروع, فبعضهم كان مهرب خمور والأخر تاجر حروب وغيره عميل مزدوج او مورد خدمات خاصة للقصور.
بعد الوحدة المباركة تم تدمير القوة العسكرية للجنوب التي نقلت الى الشمال, وتم الاستيلاء الشخصي على كل مقدرات وموارد الجنوب العسكرية والاقتصادية, ووصل الامر الى الاموال والحقوق الشخصية في الارض والسكن والوظيفة العسكرية والمدنية دون سند من القانون بل تحت شعار حماية الثوابت الوطنية. تم تدمير المنازل واعدام الكثيرين عبر الاغتيالات والزج بغيرهم في السجون وفرض التقاعد الاجباري على الغالبية العظمى من الكوادر الجنوبية المؤهلة, لا لذنب اقترفوه بل فقط لانهم من الجنوب. تحولت اراضي الدولة في الجنوب ومنشاتها ومصانعها واموالها واسلحتها الى املاك شخصية لحماة شعار الثوابت الوطنية. ان ابسط مثل على ذلك الاستخدام الدكتاتوري لشعار الثوابت الوطنية, هو قيام رئيس النظام السابق وبشكل شخصي بصرف المسكن الشخصي لخصمه ونائبه الرئيس السابق للجنوب إلى احد حلفائه في معركة الثوابت الوطنية. فهل يوجد نص في الدستور او القانون النافذ يجيز لرئيس الجمهورية التصرف باموال لا يمتلكها؟
حالياً يقوم أولئك الأشخاص الطفيليين الذين ظهروا إلى السطح عبر شعار الثوابت الوطنية, بمحاولة استنساخ نفس النموذج السابق لاستخدامه في المرحلة الحالية حتى يحافظوا على ما نهبوه من حقوق المواطنين ومن أموال الدولة.
ما دفعني للكتابة في هذا الموضوع هو المقال الذي نشره علي الخميسي مخاطباً الدكتور ياسين سعيد نعمان تحت عنوان لا حوار على الثوابت يا دكتور.
تخيلوا معي عندما يتحدث الخميسي بصفة الجمع مخاطباً الدكتور ياسين قائلاً: (عندما نقول الوحدة إحدى الثوابت الوطنية التي لانقاش ولا حوار على جوهرها وكيانها فهذا لايعني أن باب النقاش أو الحوار سيقفل أمام أي مطالب "مشروعة" وأفكار موضوعية ومعقولة تتوافق مع مصالح الوطن العليا وإرادة غالبية الشعب اليمني ولا تتعارض مع نصوص وروح الدستور الحالي أو الدستور الجديد الذي ستقره القوى الوطنية في حوارها القادم), فمن يكون الخميسي ومن معه ليقرر ان لا نقاش ولا حوار على الوحدة, وما هو المانع من مناقشتها والحوار حولها, وما الذي يخيفه ومن معه من النقاش والحوار حول الوحدة او غيرها؟
لو مررنا على ما يقوله الخميسي فإننا سنجد بأنه قد اخترع نظريات جديدة في موضوعه, لكي يستطيع ان يخاطب الدكتور ياسين. فعندما يقول الخميسي ان (الذين يذهبون في مواقفهم أو تحليلاتهم إلى القول بان الوحدة الاندماجية فشلت نقول لهم فقط الوحدة اليمنية لم تفشل ولن تفشل في صيغتها الاندماجية, فالفشل كمفردة في قاموس إدارة المشاريع الوطنية الكبرى يمكن أن نحدده فقط في سوء الإدارة وليس في المشروع كقيمة وكيان بذاته, وبالتالي مشكلتنا هي مشكلة إدارية ومشكلة فساد يمكن حلها بكل سهولة), فانه بذلك يكون قد قرر دون تحري وتدقيق ليس فقط نفي الماضي, لا بل والمستقبل ايضاً. لم يكتفي الخميسي بقراءة المستقبل بل ذهب الى ابعد من ذلك, في اختراع نظرية جديدة شملت الإدارة والاقتصاد والسياسة, حين يقول بان "الفشل كمفردة في قاموس إدارة المشاريع الوطنية الكبرى يمكن أن نحدده فقط في سوء الإدارة وليس في المشروع كقيمة و كيان بذاته". هذا يعني ان الفشل كمفردة في قواميس المشاريع الاخرى له معنى اخر.
ان النظرية الجديدة للخميسي تجزم بان الفشل في المشاريع الوطنية الكبرى ينحصر فقط في الإدارة. فإذا فشل مشروع وطني كبير فلا داعي للبحث والتدقيق, لان الخلل بحسب نظرية الخميسي هو في ادارة المشروع, وما علينا ألا ان نغير الإدارة ونجرب مرة أخرى. فاذا تكرر الفشل يتكرر تغيير الإدارة إلى ان يأتينا الخميسي بنظرية أخرى لحل المشكلة, ولا داعي للتحري حول الدراسة المقدمة للمشروع وأهميته وجدواه وإمكانية تشغيله من حيث المواد والكادر وغير ذلك, إضافة الى المردود الاقتصادي او الاجتماعي الخ.
يقول الخميسي في نهاية مقاله بانه ومن معه سيحسنون الظن بالدكتور ياسين وسيعتبرون بان التعبير قد خانه, أما الوحدة ككيان ودولة ستظل في قائمة الثوابت الوطنية للجميع, وان (تحفظ دكتورنا الفاضل على موضوع الثوابت في محاضرته الأخيرة في غير محله خاصة. فإذا لم تكن الوحدة أهم الثوابت الوطنية فما هي إذا الثوابت المتبقية بدون الوحدة وهل هناك شعب في العالم بلا ثوابت يحافظ عليها). لن اعلق على هذه المكرمة المقدمة من الخميسي ومن معه للدكتور ياسين, تاركاً الرد عليها لمن هي مقدمة اليه.