قرارات حاسمة من أردوغان بشأن بعض الفصائل السورية .. لا مكان للمنظمات الإرهابية في سوريا وضرورة استقرار البلاد عم عبدالملك الحوثي يعترف بالوضع الحرج الذي تعيشه قيادات الصف الاول ويحذر من مصير بشار الأسد العالم مدهوشا ... الكشف عن مقبرة جماعية تحوي 100 ألف جثة على الأقل بسوريا دولة عظمى ترسل أسطولاً بحرياً جديداً إلى خليج عدن لحماية سفنها التجارية لوكمان يتربع على عرش الكرة الافريقية أول تحرك عاجل للبنك المركز السوري لكبح انهيار الليرة منظمة الصحة العالمية تعلن للعالم.. الأوضاع شمال قطاع غزة مروعة أردوغان يكشف عن الدولة الوحيدة في العالم التي هزمت داعش على الأرض عاجل إجتماع رفيع المستوى مع سفراء مجموعة بي 3+ 2 وبحضور كافة أعضاء مجلس القيادة الرئاسي قيمتها 4 ملايين دولار.. ضبط كميات كبيرة من المخدرات كانت في طريقها لمناطق الحوثيين
تتشابه ظروف الصراع التي تمر بها مصر في هذه الأيام بين رئيس الجمهورية المنتخب الدكتور محمد مرسي والمجلس العسكري الذي تولى إدارة البلد بعد تنحي الرئيس محمد حسني مبارك على وقع ثورة 25مارس مع ظروف الصراع التي دارت بين مجلس قيادة الثور واللواء محمد نجيب أثناء توليه رئاسة الدولة المصرية بعد إعلان الجمهورية في الفترة من 18يونيو 1953م إلى 14نوفمبر 1954م.
وقبل الحديث عن ذلك الصراع ومقارنته بالصراع الدائر اليوم في مصر تجدر الاشارة أولاً إلى أن الضباط الأحرار قد اختاروا اللواء محمد نجيب لقيادة الثورة لوطنيته وسمعته الطيبة، ولمنصبه وعلو رتبته، حيث كان بقية الضباط الأحرار غير معروفين ومن ذوي الرتب الصغيرة، ولا تتجاوز أعلى رتبة فيهم البكباشي(نقيب)، إلى جانب تمتعه باحترام وتقدير ضباط الجيش؛ حتى أن اسمه قد ساعد على اكتساب مزيداً من الضباط إلى صف التنظيم.وتجسدت شعبيته عندما تمكن من اكتساح انتخابات رئاسة نادي الضباط في يناير 1952م مقابل مرشح الملك فاروق (حسين سري عامر)، وقد دفع ذلك بتنظيم الضباط الأحرار لأن يقدم موعد الثورة التي كان يرى بعضهم أنها لا يمكن أن تقوم قبل عام 1955م.
كان أول خلاف لنجيب مع مجلس قيادة الثورة حول محكمة الثورة التي شكلت لمحاكمة رموز العهد الملكي.ويذكرنا هذا باستخدام المجلس العسكري اليوم للمحاكم –وعلى رأسها المحكمة الدستورية- لتصفية خلافاته السياسية مع البرلمان والرئيس محمد مرسي.
ثم اشتد الخلاف بين الرئيس محمد نجيب ومجلس القيادة عند اعتقال الضباط الأحرار للنحاس باشا، وهو الذي يدين له نجيب– حسب مذكراته- بدرس مهم تعلمه منه في عام 1929م عندما حل الملك فؤاد البرلمان ذو الأغلبية الوفدية، حيث عرض بعض قادة الجيش على النحاس التدخل لإجبار الملك على احترام رأي الشعب، لكن النحاس رفض ذلك وقال: أنا أُفضل أن يكون الجيش بعيداً عن السياسة، وأن تكون الأمة هي مصدر السلطات. ويذكر نجيب أنه تعلم من ذلك الدرس ضرورة الفصل بين السلطات واحترام الحياة النيابية والديمقراطية. وهو الدرس الذي نرى أن مصر تحتاجه اليوم للخروج من أزمة تنازع السلطات التي تشهدها..وحقاً ما أشبه الليلة بالبارحة.
زادت حدة الصراع بين الرئيس محمد نجيب ومجلس قيادة الثورة عندما بدأ المجلس يصدر قرارات جمهورية رغم رفض الرئيس لها وعدم توقيعه عليها، مثل قرار سحب الجنسية من ستة من المصريين المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين، إلى جانب اكتشاف الرئيس أن المجلس يقوم بنقل الضباط دون مشورته، مع رفض الضباط الأحرار أداء اليمين أمامه عند تعينهم في مناصب وزارية كما حدث مع زكريا محيي الدين وصلاح سالم. وهو ما يذكرنا بالإعلان الدستوري التكميلي الذي أصدره المجلس العسكري اليوم وأعطى بموجبه لقيادة المجلس تولى مهام كل التعينات والترقيات العسكرية بعيداً عن سلطة رئيس الجمهورية.
وقد ذكر الرئيس محمد نجيب في مذكراته التي تحمل عنوان (كنت رئيساً لمصر) أنه أكتشف أن مجلس قيادة الثورة كان قد عقد عدة اجتماعات بدون دعوته.ويذكرنا هذا بصراع اليوم وبالاجتماع الذي عقده مجلس الدفاع المشكل بموجب الإعلان الدستوري المكمل لمناقشة قرار الرئيس مرسي لدعوة البرلمان للانعقاد، والذي لم يدعى له الرئيس مرسي رغم أنه يعد رئيساً للمجلس بموجب ذلك الإعلان نفسه.
كل تلك التجاوزات في حق الرئيس محمد نجيب من قبل مجلس قيادة الثورة دفعته لأن يقدم استقالته للمجلس في 22فبراير 1954م، حيث اهتبل المجلس تلك الفرصة وأعلن إقالة نجيب من منصبه الرئاسي، وعمل بيان الإقالة على تشويه الدور الثوري لنجيب ومحاولة الانتقاص منه، وادعاء رغبة نجيب بالاستئثار بالسلطة من دون المجلس، لكن المظاهرات العارمة التي اشتعلت في عموم مصر والسودان، وانقسام الجيش بين مؤيد ومعارض، وإشراف البلد على حرب أهلية دفعت المجلس إلى إعادة نجيب إلى منصبة لانتظار فرصة مواتية أخرى. ويذكرنا ذلك بالمحاولات المستميتة التي بذلت لإعلان فوز الفريق شفيق في جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية التي شهدتها مصر في الشهر المنصرم، ولم يوقفها الا احتشاد الثوار في ميدان التحرير واستباق إعلان النتيجة موثقة بفوز مرسي، وهو ما حدا بالمجلس العسكري لقبول الأمر الواقع ربما انتظاراً منه لفرصة مواتية أخرى.
عمل مجلس قيادة الثورة بعد ذلك على تجريد الرئيس نجيب من سلطة قيادة الجيش وذلك عندما تم ترقية عبدالحكيم عامر دفعة واحدة من رتبة صاغ(رائد) إلى رتبة لواء، وتعيينه قائداً عاماً للقوات المسلحة، وهي خطوة تشبهها عملية نزع مهام القائد الأعلى للقوات المسلحة من الرئيس مرسي بموجب الإعلان الدستوري المكمل ومنحها لقيادة المجلس العسكري.
وقد بدأ الرئيس محمد نجيب فور عودته إلى منصبه بالتشاور مع مجلس القيادة للتعجيل بعودة الحياة البرلمانية، حيث صدرت في شهر مارس قرارات ركزت على عقد الجمعية التأسيسية لمناقشة الدستور الجديد، مع إلغاء الأحكام العرفية، والإفراج على جميع المعتقلين السياسيين، وكذلك حل مجلس قيادة الثورة في يوليو 54معلى أساس تسليم السلطة لرئيس منتخب تنتخبه الجمعية التأسيسية بمجرد انتخابها. لكن أعضاء مجلس قيادة الثورة– الذين كانوا قد توغلوا في الحياة السياسية والمدنية واستهوتهم كراسي السلطة- سوقوا تلك القرارات للشعب بكونها مؤامرة على الثورة وعودة للفساد الذي قامت ضده. ويذكرنا كل ذلك بالتسويقات التي يطرحها اليوم أنصار المجلس العسكري بأن بقاء المجلس صار ضرورة لحماية الدولة المدنية من تغول الإخوان المسلمين وجماعات الإسلام السياسي، رغم أنهم لم يصلوا إلا مواقعهم إلا عبر صناديق الاقتراع وفقاً لانتخابات حرة ونزيهة. إلى جانب إعطاء الإعلان الدستوري المكمل حق الوصاية للمحكمة الدستورية لنقض أي نص في الدستور تتوافق عليه تأسيسية الدستور المكلفة بإعداده، وهو ما يعد إفراغاً لعمل اللجنة بهدف تفصيل دستور على مقاس المجلس العسكري.
كل ذلك دفع بمجلس قيادة الثورة لتحريض النقابات العمالية –وعلى رأسها نقابة عمال النقل- لتنظيم الإضرابات التي شلت الحياة، وخرجت في مصر أغرب مظاهرات في التاريخ تهتف بسقوط الديمقراطية والحرية والأحزاب. ويذكرنا ذلك بما نشهده اليوم من مظاهرات واعتصامات فئوية تنظم أمام القصور الرئاسية لإرباك الرئيس مرسي من تنفيذ برنامجه الانتخابي، الى جانب الدعوات المثيرة للجدل والاستغراب التي طالبت المجلس العسكري بعدم تسليم السلطة للإخوان، ثم ترحيب أصحاب تلك الدعوات بحل البرلمان نكاية بالإسلاميين الذين حصدوا معظم مقاعده، وكان أغرب ما في الأمر المطالبات الشاذة التي دعت المجلس العسكري للانقلاب على سلطات الرئيس المنتخب وعزله من السلطة بحجج هي أوهى من خيوط العنكبوت.
دفع ذلك الرئيس نجيب لتقديم استقالته مرة أخرى لكن مجلس قيادة الثورة رفضها خشية اندلاع مظاهرات شعبية مثلما حدث في فبراير، ووافق نجيب على الاستمرار انقاذاً للبلاد من حرب أهلية، ومحاولة إتمام الوحدة مع السودان، وأصبح بذلك رئيساً منزوع الصلاحيات، واستمر على ذلك الحال حتى 14نوفمبر عندما أبلغه عبدالحكيم عامر بأن مجلس قيادة الثورة قد قرر إعفاءه من رئاسة الجمهورية، وفرضت عليه الإقامة الجبريةمتعرضاً لصنوف العذاب حتى وافته منيته. وهو ما يمكن أن يكرره المجلس العسكري اليوم مع الرئيس محمد مرسي بحيث يعزل من منصبه بعد تهيئة الشارع لتقبل ذلك عن طريق التنسيق مع القوى التي ترفض هيمنة الإسلاميين على الحياة السياسية، وساعتها لن يعدموا الوسيلة لتنفيذ ذلك، خصوصاً أن القضاء صار أداة في أيديهم، ويمكن إسناد تلك المهمة إلية.
وهكذا نرى بأن مقدمات عزل الرئيس محمد نجيب تتشابه إلى حد كبير مع ماتشهده مصر اليوم في الصراع الدائر بين الرئيس مرسي والمجلس العسكري، وذلك يجعلنا نتساءل هل يؤدي تشابه المقدمات الى تشابه النتائج؟وسيدفعنا ذلك لطرح العديد من التساؤلات الأخرى، مفادها: هل سيقبل الرئيس مرسي أن يكون مجرد رئيس منزوع الصلاحيات؟ وإذا قبل هل سيقنع المجلس العسكري منه بذلك أم أنه سيصوب نظره على كرسي الرئاسة كما فعل مجلس قيادة الثورة مع نجيب؟ وإذا ما حدث ذلك هل ستعي القوى المدنية في مصر خطورة دعمها للدولة العسكرية بدعوى خشيتها من الدولة الدينية؟ وهل تعي صرخة الرئيس محمد نجيب التي أطلقها في مذكراته عندما ذكر بأن خروج الجيش من ثكناته وانتشاره في الحياة السياسية والمدنية كان سبباً في وقوع الكارثة التي ظلت مصر تعاني منها حتى اليوم؟.
وأخيراً:هل ستقبل القوى السياسية المناوئة للإخوان المسلمين وتيار الإسلام السياسي نتائج اللعبة الديمقراطية؟ أم أنها ستقع في الخطأ الذي وقع فيه الإخوان أنفسهم في الخمسينات عندما قبلوا التحالف مع الضباط الأحرار ضد الأحزاب السياسية ثم كانوا هم أول ضحايا ذلك التحالف؟..ولا شك أن الإجابة على تلك الأسئلة بصدق وتجرد هي من ستحدد مستقبل الصراع الذي تشهده مصر اليوم بين الرئيس مرسي والمجلس العسكري، بل وستحدد مستقبل الدولة المصرية برمتها وطبيعة نظام حكمها وحجم دورها الإقليمي والعالمي.