السلفيون في اليمن وتحديات المرحلة القادمة 3- 4
بقلم/ عارف علي العمري
نشر منذ: 12 سنة و 7 أشهر و 6 أيام
الثلاثاء 17 إبريل-نيسان 2012 06:37 م

يعتبر العمل السياسي بالنسبة للسلفيين كمن يسير في طريق ألغام, فللعمل السياسي ضريبته التي تحتم على كل سياسي أن يتعامل مع تلك الضريبة بمنتهى الرشد والعقلانية, وبالتالي فانه من الواجب أن يمد الجميع أيديهم لذلك الحزب الجديد لتجنب إصابته بعض الألغام السياسية المزروعة هنا أو هناك.

وبالتالي فإنني من خلال تلك الحلقات الثلاث أحاول أن اشخص بعض المعوقات التي بنيتها على دراسة متأنية لظهور التيار السلفي كحزب سياسي في اليمن وسأبدأ في الحلقة هذه بعوامل نجاح حزب الرشاد السلفي في اليمن.

عوامل نجاح حزب الرشاد اليمني

يمتلك الحزب عوامل نجاح مهمة جداً وخصوصاً إذا ما حافظ عليها واستطاع أن يستغل تلك العوامل استغلال طيب في مراحل نموه السياسي ويمكن انجاز بعض عوامل النجاح في الأتي:-

أولاً: وجود قاعدة سلفية لاباس بها في الشارع اليمني تثق بدعاة هذا التيار وتعتبره تياراً نقياً يمكن منحه الفرصة ليجرب حظه في عملية السياسة والإصلاح السياسي بعد الثورة.

ثانياً: يبدو أن حزب الرشاد يمتلك قدرات مالية وتنظيمية لا بأس بها ومن ثَمَّ فقد استطاع الحزب في الماضي عبر جمعيتي الحكمة والإحسان أن يخرج له بعض المجلات التي تعبر عن السلفية الحركية, وبالتالي فان وجود تلك المجلات والجرائد قد يخدم الحزب في عرض أفكاره لقطاع كبير من الناس.

ثالثاً: اشتغال السلفية الحركية بالعمل الدعوي والعلمي والخدمي في المناطق المحلية لوجوده من ناحية وعدم انخراطه في العمل السياسي أو أعمال العنف التي ذهبت إليها التيارات الجهادية كالقاعدة ,حفظت لها قوتها وعافيتها، كما حفظت لها سمعتها وهيبتها في نفوس عامة اليمنيين، ومن ثَمَّ فإن هذا أحد مصادر قوة حزب الرشاد.

رابعاً : اهتمام السلفية الحركية التي يمثلها حزب الرشاد - بالعمل الخيري والإغاثي الذي اهتم به السلفيون منذ عشرين عاما في اليمن، وقدموا فيه الكثير من الجهود الملموسة عبر عشرات الجمعيات والمؤسسات الخيرية في اليمن، والمنتشرة في عامة محافظات ومدن الجمهورية، ومن أبرزها جمعية الإحسان الخيرية، وجمعية الحكمة اليمانية الخيرية، وقد قدمت تلك الجمعيات والمؤسسات خدمات جليلة للمجتمع تمثلت في كفالات لآلاف الأيتام والأرامل بمساعدات شهرية لمدة سنوات، وحالات ضمان اجتماعي خيري لآلاف الأسر اليمنية بمساعدات شهرية لسنوات أيضا، إضافة لمساعدات مقطوعة للحالات المرضية والطارئة، ومشاريع موسمية مثل إفطار الصائمين في رمضان، وتوزيع لحوم الأضاحي في عيد الأضحى، وتوزيع الملابس في العيد وللأيتام، وإنشاء مراكز إيواء الأيتام، والقيام بقوافل ومخيمات صحية لعمليات العيون والأنف والأذن والحنجرة وغيرها.

عوامل إخفاق حزب الرشاد

عوامل النجاح السابقه يقابلها أيضاً تحديات قد تمثِّل عوامل للإخفاق نذكرها في ما يلي:

أولاً: الشعور بالقوة الزائدة لدى حزب الرشاد الذي لم يختبر قوته بعد، والشعور الزائد بالقوة في السياسة والحرب قد يكون عامل خطر على من يتملكه.

ثانياً: ضعف الخبرة لدى حزب الرشاد؛ فهو لم يمارس العمل السياسي من قبل، ومن ثَمَّ فإن أدوات العمل السياسي ومرانه ومكره لم يملكه هذا الحزب.

ثالثاً: قلة العناصر المدربة لدى حزب الرشاد؛ فأغلب العناصر القادمة إلى عالم السياسية غالب خبرتها هي في الدعوة والعمل في المساجد وفي أوساط المتدينين.

رابعاً: تأثر الرؤية السلفية الحركية بمنطق العقيدة القائم على التوحد والوحدة والإجماع بينما الرؤية السياسية والحزبية قائمة على التنوع والاختلاف وربما التضاد والتناقض.

خامساً: عدم إعطاء منطق التدرُّج والتغيير مكانته في العقل السلفي؛ فالتغيير دفعة واحدة يأباه منطق التحول الاجتماعي والسياسي.

سادساً: تركيز العقل السلفي على مناطق الاختلاف أكثر من تركيزه على مناطق التوافق والمشتركات، وهو ما قد يُفْقِده القدرة على بناء التحالفات السياسية أو الانتخابية، وهي إحدى المطالب الرئيسية للعمل السياسي والحزبي.

سابعاً: غياب خطة واضحة لدى حزب الرشاد لإدارة ما نطلق عليه التنوع داخل الحركة الإسلامية؛ بحيث تقوم هذه الخطة على الاعتراف بالتعدد والعمل على إثرائه وتوظيفه لصالح صدقية حزب الرشاد عند جمهوره ؛ وذلك بعدم إظهار التناقضات الداخلية للإسلاميين على العامة وعدم مواجهة الإسلاميين لبعضهم في المواقع التي يجب أن يتحدوا فيها مثل الترشيح في الانتخابات مثلاً.

ثامناً: غلبة العاطفة عند كثير من أعضاء حزب الرشاد، بينما السياسة تقوم على الصرامة والدراسة الجادة للواقع ومن ثَمَّ تقديم الكفاءات وليس أهل الثقة والولاء.

تاسعاً: ارتباك العلاقة بين العمل الدعوي والحزبي؛ وهو ماقد يضعف ذلك من قدرة الحزب على المنافسة والمنازلة السياسية واتخاذ ما يراه من خطوات عبر قراراته هو، لا شك أن الدعوة السلفية الحركية وقادتها أعطوا زخماً في مرحلة التأسيس للحزب، بَيْد أن المراحل التالية تفترض أن تستقل الأحزاب عن العمل الدعوي بسبب الطبيعة المختلفة لكل من المجالين من ناحية، وحتى يمكن بناء خبرة حزبية مستقلة لهذه الأحزاب وحتى لا تتحمل الدعوة الممارسات السياسية والحزبية.

عاشراً: عدم وضوح القيود الإقليمية والعالمية في التفكير السلفي؛ بحيث يبدو العامل الداخلي هو الأكثر تأثيراً في تشكيل الواقع السياسي؛ بينما في حالة دول رخوة كاليمن فإن العامل الدولي والعامل الإقليمي لا بد أن يتم أخذه بعين الاعتبار وبقدر كبير من الصرامة والجدية، وهذا يتطلب عقلاً سياسياً كبيراً ومحنكاً لا تأسره العاطفة ولا تغرُّه اللحظة الحاضرة؛ وإنما يفكر ويدبر للمستقبل، كما لا تستهويه الكلمات والخطب الرنانة؛ وإنما يحكمه التخطيط المحكَم والعمل المضني والتنفيذ الصارم.

إحدى عشر: الحملة الظالمة التي يقوم بها مشائخ السلفية التقليدية كمحمد الريمي – الامام- ويحيى الحجوري, إذ أن مشايخ المدرسة السلفية التقليدية لايتقنون شي كما يتقنون الجرح في الجماعات الإسلامية .

*وللكلام بقية