مصلحة الوطن فوق الجميع
بقلم/ رجاء يحي الحوثي
نشر منذ: 12 سنة و 7 أشهر و 16 يوماً
السبت 07 إبريل-نيسان 2012 10:43 م

هل يمكن أن يكون الاقتتال أو الاغتيالات مثلاً جزءاً من المصلحة الوطنية؟ هل الفوضى وعدم وجود دولة جزء مكمل لهذه المصلحة، وهل الوضع المتدهور اقتصاديا مصلحة وطنية , وهل زيادة البطالة والفقر والجوع مصلحة وطنية, وهل تفجير أنابيب الغاز وقطع التيار الكهربائي مصلحة وطنية ,وهل الانفصال مصلحة وطنية, وهل تنطوي العملية التفاوضية على سبيل المثال أيضاً على مصلحة وطنية ناهيك عن كونها عليا، وهل بقاء الحال كما هو عليه بعد الثورة والشهداء مصلحة وطنية,وهل تنطوي حتى على أية مصلحة وطنية بالسياق التي هي عليه وبالواقع الذي يتم فرضه على الأرض وعلى أنغامها وبالصورة المشوهة التي تعكسها عن واقع الأرض اليمنية؟

يجب أن تعلو المصلحة الوطنية فوق كل الطموحات الشخصية والجمعية والفئوية، والحزبية ويجب أن نجعلها مصلحة عليا فوق كل المصالح والاعتبارات الأخرى، ويجب أن ينطلق هذا الموقف باتجاه الفعل الصحيح وفق حسابات دقيقة بعيدًا عن مستنقع المنافع والأحقاد والرواسب الدنيئة والحسابات الذاتية والطموحات والمصالح الذاتية ، لأنها مواقف مرفوضة بكل المعاير الدينية والأخلاقية والوطنية.

إن محاولة إغفال المصلحة الوطنية العليا يفقد الشخصية صفة الوطنية ويغمسها في المصالح الأنانية الضيقة، إن على الجميع ترتيب الأولويات بما يضمن المصلحة الوطنية العليا ومستقبل الأجيال القادمة، وحفظاً لمصلحة الأمة وتقديساً للوحدة وللتراب ورفض كل المحاولات السلطوية للبعض لتقليص الفرص أمام فرض الوطنية والانتماء وفق ممارسات وأفعال وخطب بعيدة عن الذكاء والحكمة وبعد النظر. والرؤيا المستقبلية لهذا الوطن التي فيه مستقبلنا ومستقبل أبنائنا.

إنني أشعر بتأنيب الضمير حين أسمع من أن البعض قد اخترق جدار المصلحة الوطنية العليا ، وأخذ يمارس الوصاية والتسلط، وينتهك حرمة اللحمة و الواحدة العظيمة، ويفضل مصلحته أو مصلحة حزبه أو يشيع الأخبار الكاذبة ويسرد القصص الوهمية والحكايا ويتحدث بلا وعي ولا إدراك ولا مخيلة، وبتجرد تام من المسئولية والحنكة والعقل.

لقد مللنا من التصريحات النارية والخطب الرنانة والتشدق الضيق الأعمى والشك اللامحدود التي لم تؤدي كلها إلا إلى الاحتقان والتوتر والتفرقة والعنصرية بعيداً عن الحس الوطني والتطلع الحقيقي للنماء والتطور والمواكبة في كل المجالات .

إن على الجميع أن يترجموا عملياً إيمانهم العميق بالعمل لصالح الوطن وليس لصالح الكتل والجهات والتجمعات و الأحزاب وإنما مصلحة مشتركة هي اليمن الذي يجمعنا أرضا وسما وشعباً واحداً.

إن محاولة سرقة الوطنية أو تغيير مفاهيمها وانتمائها من لدن البعض وبطرق ملتوية ومختلفة تشوبها العتمة ويلونها الرماد يوفر الإحساس بالمرارة، وينذر بأخطار رهيبة لم تكن في الحسبان ولا ضمن الأجندة.وستكون عواقبها وخيمة على هذا الوطن انه لا يحتمل المزيد فقد أنهك لفترات طويلة أما آن الأوان أن يعيش ويستقر وينعم بكل ما تنعم به باقي الدول من امن وأمان واستقرار ورخاء ونماء.

إن البهتان في القول والتسويف والمماطلة والظهور بالحزبية أو الانتماء لتيار معين في الفعل يعد دليلاً واضحًا وإصرارًا عميقًا على تقديم المصلحة الشخصية الضيقة على المصلحة الوطنية العليا.وهذا أيضا منذر بالخطر.

إنها مفارقة كبرى يندى لها الجبين وتميل عندها كفة العدل والإنصاف، ناهيك عما تتركه من أثر سلبي في وجدان الناس. خاصة وان اليمن يمر بمرحلة دقيقة وحساسة يتطلب وقفة الجميع وإصرارهم للخروج مما هي فيه ,وان التنبؤات بالقاعدة أو بالانفصال أو بالحوثيين كلها مؤشرات تنذر بالخطر يتطلب وقفه جادة لمصلحة هذا البلد العظيم المعطاء ولا نتركه يغرق في الفوضى أن الوطنية اليمنية بكل أخلاقياتها ومثلها وتقاليدها السامية هي ضحية هذا الفلتات والفئات وهذه الفوضى الشاملة وإلا لمصلحة من ما يجري.

إن مسلسل الضحك على الذقون من خلال أطروحات وأقاويل وخطب سقيمة واهية لاهية صفراء يعد ضربًا من ضروب المهزلة وعنصر هدم خطير. إن على هؤلاء أصحاب النزعات والمشاريع الذاتية والفئوية والحزبية والأهداف الشخصية الضيقة والأفكار الصغيرة أن يدركوا طبيعة المرحلة، وطبيعة استحقاقاتها، ومتطلبات العصر، ويبادروا إلى علاج أوضاعهم بشيء من الحكمة والعقل والبصر والبصيرة، وأن يكفوا عن التملق، وكبح جماح تطلعاتهم المسعورة لامتلاك زمام الأمور على هواهم بكل طيش وحماقة وغلظة.

لقد وصلوا إلى حد اللامعقول وغير القابل للتصديق والتصفيق والتمجيد، ولا بد من مواجهتهم بفكر علمي ثقافي حر لتعريفهم بأخطائهم وتقصيرا تهم وإخفاقاتهم بعيداً عن المجاملات الرخيصة والثناء الكاذب ومحاولة التسلل إلى قلوبهم عبر الثناء والمدح الباطل. الذي لايغني أو يسمن من جوع .

ويجب أن يقزم من نصبوا أنفسهم أوصياء على المجتمع ويفهموا بأننا أصبحنا أمة واعية ونسيجاً كبيراً من العلماء والمثقفين والأدباء والإعلاميين، وحتى جميع طبقات مجتمعنا الأخرى المختلفة والمتفاوتة أصبحت تعي وتدرك وتفرق بين القاعات الموحشة التي تملأ القلوب همًا وحزنًا وأسى وبين قاعات الإبداع والعطاء والاختراع وتفعيل الفكر والعقل والمنطق. نعم نحن بحاجة إلى مراجعة نعيد من خلالها تعريف مفهوم الوطنية حتى نتمكن من تحديد مرتكزات راسخة للمصلحة الوطنية العليا وعلينا أن نعيد النظر بكل ما من شأنه تجديد العقد الاجتماعي اليمني إذا أردنا السير معاً فعلينا تحديد مرتكزات جديدة ومتفق عليها للممارسة السياسية والعمل السياسي المشترك لكل الفئات دون استثنى ولتكن مصلحة الوطن أولا.

وإذا كنا بحاجة ماسة لشيء فهو العقد الاجتماعي الجديد القائم على الوطنية اليمنية بكل مدلولاتها ومعانيها وقيمها وأخلاقياتها.