وزير الخارجية يستقبل الرحالة اليمني منير الدهمي بالرياض الضالع.. القوات المشتركة تدمر مرابض قناصه المليشيا وتحرز تقدما ميدانيا تفاصيل لقاء وزير الدفاع ومحافظ حضرموت باللجنة الأمنية بالمحافظة محكمة الجنائية الدولية تصدر أوامر اعتقال بحق نتنياهو وجالانت وتكشف عن أسبابها المنطقية عاجل: وزير الدفاع الأمريكي: سنعمل على انتزاع قدرات الحوثيين في اليمن مليشيا الحوثي تحول محافظة إب لقادتها ومشرفيها القادمين من صعدة وعمران عاجل:حريق هائل يلتهم هايبر شملان العاصمة صنعاء نقابة المعلمين اليمنيين تدين الاعتداء السافر على المعلمين في شبوة وتطالب بتحقيق عاجل ''أكد أنه لا أحد فوق القانون''.. أول مسئول كبير يحيله رئيس الحكومة للتحقيق بسبب قضايا فساد ومخالفات الحكومة اليمنية تتطلع إلى شراكات استثمارية وتنموية مع الصين
كثر الحديث مؤخراً عن النظام الفدرالي الذي يطرحه البعض باعتباره وصفة ناجعة لحل المشاكل التي تعاني منها اليمن بما فيها القضية الجنوبية، وتتفاوت الأراء بخصوص ذلك بين من يريدها فدرالية بإقليمين شمالي وجنوبي، وبين من يريدها فدرالية بأقاليم متعددة، بينما يرفض فريق ثالث فكرة الفدرالية لإدارة تلك الأقاليم المتعددة ويرى بأن الحكم المحلي واسع أو كامل الصلاحيات في إطار دولة لامركزية قد يكون هو الخيار المناسب لليمن، لكون اليمن في رأيهم ذات مساحة محدودة، وليس فيها تعدد ديني أو لغوي أوعرقي؛ وهي الأمور التي تستدعي قيام حكم فدرالي. ونحن هنا لن نناقش هذه الأراء لأنه قد سبق لنا تقديم ذلك في دراسة منشورة بعنوان (قراءة في مسارات القضية الجنوبية والخيارات المتاحة لحلها)، وسنكتفي بتقديم صورة عامة عن النظام الفدرالي، مع ضرب أمثلة من دول العالم المختلفة لنكون على بينة من أمرنا ونحن نتحدث عن هذا النظام.
الفرق بين الفدرالية والكنفدرالية
يطرح البعض بأن النظام المناسب للدولة اليمنية يتمثل بالكنفدرالية، ويكون ذلك الطرح في الغالب عن عدم فهم للنظام الكنفدرالي، وعدم إدراكهم بأنه ليس نظاماً يمكن تطبيقه في إطار دولة واحدة كما هو الحال مع النظام الفدرالي بقدرما هو نظام تنسيقي بين عدة دول، لذلك فضلنا أن نبدأ بالتعريف بالنظام الكنفدرالي قبل تفصيل الحديث عن النظام الفدرالي لتتضح لنا الفروق بين النظامين:
- الاتحاد الكنفدرالي ليس له حكومة اتحادية كالنظام الفدرالي، وبدلاً عن ذلك تنشأ هيئات إشرافية للتنسيق بين دوله. وكذلك يحتفظ مواطنو كل دولة في إطار الكنفدرالية بجنسيتهم، بينما الجنسية في الدولة الفدرالية واحدة. ويعد الاتحاد الأوروبي نموذجاً لنظام الكنفدرالية.
- في الكنفدرالية تسيطر كل دولة على سياستها الخارجية، وذلك بعكس النظام الفدرالي الذي تسيطر فيه الحكومة الاتحادية على السياسة الخارجية من دون ولاياتها. إلى جانب أن كل مكون من مكونات الاتحاد الكنفدرالي يتحمل تبعات خروقاته للقانون الدولي، بينما في الفدرالية تتحمل السلطة الاتحادية ذلك.
- في الاتحاد الكنفدرالي يحق لكل دولة من دوله إعلان الحرب دون مشاورات بقية الأعضاء، أما في الدولة الفدرالية فذلك حق للحكومة الاتحادية. وكذلك فإن الحرب بين مكونات الاتحاد الكنفدرالي تعد حرباً دولية، أما الحرب بين مكونات الدولة الفدرالية فتصنف على أنها حرب أهلية.
- يحق لأي دولة الانسحاب من الاتحاد الكنفدرالي في الوقت الذي تريد، بينما لا يتم ذلك في النظام الفدرالي إلا وفقاً لاشتراطات معقدة وفي ظروف معينة، وإن كانت بعض الفدراليات تحرم ذلك.
النظام السياسي في الدولة الفدرالية
ليس هناك رابط بين النظام الفدرالي وشكل نظام الحكم الذي تعتمده الدولة الفدرالية، فهناك دول فدرالية تعتمد نظام الحكم الرئاسي مثل الولايات المتحدة، ودول أخرى تعتمد نظام الحكم البرلماني كالهند، بينما تعتمد مجموعة ثالثة نظام الحكم المختلط (نصف رئاسي) مثل روسيا.
وتتميز الدول الفدرالية باعتماد غرفتين برلمانيتين: تقوم الأولى على أساس الثقل السكاني للولايات، ويمكن انتخابها أيضاً على أساس القائمة النسبية التي تعد فيها الدولة الاتحادية دائرة واحدة؛ من باب تجسيد رابطة الوحدة الوطنية بين أبناء الدولة. بينما يتم انتخاب الغرفة الثانية على أساس التمثيل المتساوي لولايات الدولة، حفاظاً على حقوق الولايات الصغرى.
ويحق لكل ولاية أن يكون لها دستور خاص ينظم السلطات الممنوحة لها بموجب الدستور الاتحادي، إلى جانب برلمان يشرع القوانين الخاصة بكل ولاية في الأمور التي لا تدخل ضمن سلطات البرلمان الاتحادي. أما النظام القضائي فغالباً ما يتوزع بين سلطات الاتحاد وسلطات الولايات، وتعد من ضمن مهام القضاء الاتحادي المحاكم المختصة في الفصل بتنازع الاختصاصات بين حكومة الاتحاد وحكومات الولايات، أو بين حكومات الولايات بعضها البعض.
أسس تقسيم الولايات الفدرالية
في الفدراليات التي تقوم على أساس اتحاد مجموعة من الدول تعتبر الحدود بين الدول السابقة هي حدود الولايات الجديدة، مثل ماليزيا. أما في الدول التي تتحول من نظام الحكم المركزي البسيط إلى نظام الحكم الفدرالي المركب فيتم التقسيم الإداري للدولة الاتحادية على أساس العوامل التي دعت لاعتماد النظام الفدرالي، فقد يتم التقسيم على أساس لغوي أو عرقي أو ديني ومذهبي او تاريخي أو جغرافي أو اجتماعي، مع ملاحظ إمكانية الجمع بين أكثر من معيار وفق الظروف الخاصة بكل مجتمع.
ونجد أن أهم الفدراليات المعروفة عالمياً لا تشترط وجود ميناء لكل ولاية أو إقليم في الدولة الاتحادية كما يطالب البعض بذلك في اليمن، ذلك أن التجارة الدولية التي تتم عبر الموانئ هي من اختصاص الحكومة الاتحادية، إلى جانب أن النظام الفدرالي يقوم على أساس التكامل بين أقاليم الدولة بغرض تجذير الوحدة، وليس على أساس أن يستغني كل أقليم عن الأقاليم الأخرى، لأن ذلك سيجعل الأقاليم – بعد مرور فترة من الزمن- تطالب بالتحول إلى دول مستقلة. والغريب أن شرط الميناء لكل إقليم في اليمن جعلنا نطالع رؤى عجيبة لتقسيم أقاليم اليمن؛ بحيث يجمع الإقليم الواحد بين مناطق تفتقد إلى التجانس الجغرافي والثقافي والاجتماعي، الأمر الذي سيعني ترحيل مشاكل الدولة المركزية التي أدت إلى ظهور المطالبات بقيام حكم اتحادي في اليمن لنعيد انتاجها من جديد على مستوى الأقاليم؛ وكأنك يابو زيد ما غزيت.
تجدر الإشارة إلى أن عواصم الدول الاتحادية وبعض مدنها المهمة التي تحظى بخصوصية اقتصادية أو دينية تعتبر مدن اتحادية ذات صبغة وطنية ولا ترتبط بإقليم من الأقاليم، والأمثلة على ذلك كثيرة ومعروفة. وهو ماسيتطلب أن يكون عليه الحال في اليمن مع العاصمة صنعاء؛ وربما مع المنطقة الحرة عدن.
توزيع السلطة بين المركز والأقاليم
يقوم النظام البرلماني على أساس تقاسم السلطة بين المركز والأقاليم، ومع ذلك لا نجد نظامين فدراليين يتطابقان في العالم، ذلك أن النظام الفدرالي في كل دولة يصطبغ بالمؤثرات المحلية السائدة فيها. وتلجأ الدول الفدرالية إلى طريقتين لتقاسم السلطة بين الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات: تقوم الطريقة الأولى على أساس تحديد سلطات الحكومة الاتحادية واعتبار كل ما دونها من سلطات الولايات؛ كما هو الحال في الولايات المتحدة وألمانيا. أما الطريقة الثانية فتقوم على أساس تحديد سلطات حكومات الولايات واعتبار كل ما دونها من سلطات الحكومة الاتحادية؛ كما هو الحال مع الهند وكندا. تجدر الإشارة إلى أن بعض الدول الاتحادية تمنح بعض ولاياتها سلطات محلية أكثر من غيرها نظراً لظروفها الخاصة، كما هو الحال مع ولايتي: صباح وسرواك في ماليزيا الواقعتين في جزيرة بورنيو ويفصلهما البحر عن بقية الولايات الماليزية الواقعة في شبه جزيرة الملايو، وكذلك أقاليم: كتالونيا وغاليسيا والباسيك في أسبانيا التي تنفرد كل منها بخصائص عرقية عن الأقاليم الأسبانية الأخرى.
وبشكل عام فإن الحكومة الاتحادية في النظام الفدرالي تختص بالعلاقات الخارجية، والتجارة الدولية، والجمارك، والعملة، والجيش، والأمن الوطني، والتخطيط الاستراتيجي. بينما تختص السلطات الإقليمية والمحلية بالشرطة المحلية، والخدمات بمختلف أنواعها؛ ما عدا المشاريع الخدمية ذات الطابع الوطني أو ذات التكاليف المرتفعة التي لا تستطيع الحكومات الإقليمية تنفيذها فإنها تدخل في مهام الحكومة الاتحادية أو تنفذ بصورة مشتركة.
معايير توزيع الثروة
لا تعتمد الدول الفدرالية معياراً واحداً لتوزيع الثروة بين سلطتها الاتحادية وسلطاتها الإقليمية في الولايات وسلطاتها المحلية في المقاطعات أو المحافظات التي تتكون منها الولايات، فبعضها -كما هو حال أسبانيا- تعتمد توزيع دخل الدولة على أساس نسب توزع بين الحكومات المحلية والإقليمية والاتحادية، على تفاوت في هذه النسب من دولة إلى أخرى. بينما تعتمد بعض الدول في توزيع الدخل على أساس نوع النشاط، فالضرائب في أمريكا مثلاً توزع على ثلاثة مستويات، بحيث تورد ضريبة الدخل للحكومة الاتحادية، وضريبة المبيعات لحكومات الولايات، وضريبة العقارات لحكومات المقاطعات. وتعتبر الثروة البترولية في أمريكا مخزوناً قومياً لا يملك حق استخدامه إلا الحكومة الاتحادية.
بينما نجد في دولة الإمارات العربية بأن كل إمارة تستحوذ على جميع ثرواتها بما فيها الثروة البترولية والغازية، الأمر الذي جعل إمارتي أبو ظبي ودبي الثريتين تسيطران على شؤون الاتحاد، بينما كُبلت بقية الإمارات الفقيرة بالديون التي تقترضها من إمارة أبوظبي بدرجة أساسية. الأمر الذي يجعل مستوى المعيشة بين أبناء الإمارات يتفاوت بدرجة كبيرة، فمرتب المدرس مثلاً يبلغ في دبي نصف مرتب نظيره في أبوظبي، أما في الإمارات الأخرى الفقيرة فإنه يقل عن ذلك بكثير. ولذلك فإن بعض الدارسين لا يعتبر اتحاد الإمارات نظاماً فدرالياً، ويجعلونه في مرتبة وسط بين الفدرالية والكنفدرالية.
هذه خلاصة عامة عن نماذج الأنظمة الفدرالية المعتمدة في العالم أحببنا طرحها ونحن على أبوب مؤتمر الحوار الوطني اليمني، لنستأنس بها ونحن نقرر نظام حياتنا المستقبلية في يمننا الجديد، بحيث نأخذ من تجارب العالم مايتناسب مع تاريخنا وتنوعنا الجغرافي والثقافي والاجتماعي والمذهبي، وما يتناسب مع مساحة دولتنا وتعدادها السكاني وظروفها السياسية. ولاشك أن اعتمادنا على مبادئ العدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية، والشراكة الوطنية في السلطة والثروة، سيوصلنا لتحقيق حياة حرة وكريمة وهانئة وآمنة لكل أبناء شعبنا، ونستطيع القول حينئذ بأن الوطن اليمني سيتسع لكل أبنائه.