الرئيس المنصور بإذن الله أو المركوز لا حول ولا قوة إلا بالله
بقلم/ د.فيصل الحذيفي
نشر منذ: 12 سنة و 8 أشهر و 8 أيام
الأربعاء 14 مارس - آذار 2012 03:11 م

في هذه اللحظة التاريخية الحاسمة في تاريخ اليمن المعاصر لا أحد يمتلك الشرعية المعترف بها داخليا وخارجيا سوى رئيس الجمهورية عبده ربه منصور هادي ، بينما تبدو كل مؤسسات الدولة منتهية الشرعية بهيآتها وقوانينها ورجالها، ولذلك فان الرئيس الشرعي وحده قادر على تعطيل الدستور والعمل بالقوانين السارية وإصدار إعلانات دستورية انتقالية لتسيير المرحلة الانتقالية من أجل تحقيق الأهداف المتفق عليها بين أطراف العمل السياسي والشعب كله من ورائه داعما ومؤيدا لا يختلف عنهم إلا بلاطجة المخلوع صالح .

كل الأمور إذا معلقة بيد الرئيس باعتباره محل إجماع شعبي بالانتخابات بالاستفتاء بالتزكية بالرضا الشعبي العام حيث لا أحد يرفضه حتى الآن أو يجهر بالرفض له بأي حال من الأحوال ، وعلى هذا الأساس فان المستقبل القريب ينبئ بأحد الاحتمالين لسلوك الرئيس والنتائج المترتبه. « الاحتمال الأول : أن يكون الرئيس عبد ربه منصور هادي بإذن الله» والاحتمال الثاني أن يظل عبده ربه منصور « الرئيس المركوز لا حول ولا قوة إلا بالله».

والاحتمالين سيجري مناقشتهما في هذا الحيز تباعا

الأول : الرئيس المنصور الهادي بإذن الله

من المهم الكشف عن طبيعة شخصية الرئيس هادي فهو قد يكون اسم على مسمى ، حيث يسعى إلى انجاز التغييرات المحققة للأهداف بالتدريج والحكمة والحذر وكثير من الصبر تبعا لحجم الصعوبات والتراكمات وبالتالي فان الرجل سيعمل بصمت فهذه شخصيته سواء كان نائبا أو رئيسا أو وزيرا وطابع الهدوء والسياسة المحسوبة والمدروسة هو ما سيتمم به انجازاته السياسية الانتقالية دون الدخول بصدام مع أي طرف أو على الأقل تجنب استعجال الصراع قبل نتف الريش وتقليم الأظافر، لكنه في مقابل هذا الهدوء سيكون حاسما إزاء أي شخصية أو جهة تتمادى أو تسعى إلى الاستمرار بتغليب سلوك الاعوجاج. يتجلى هذا الحسم بما يلي :

1- وقد بدا التغيير بمهدي مقولة لأنه رفض أكثر من مرة الانصياع إلى الأوامر الصادرة من عبده ربه منصور حين كان نائبا، فكان مقولة أول الشخصيات تغييرا كرسالة لغيره بأنه سيطاله التغيير طالما لم يفهم طبيعة المرحلة ومعادلات التغيير السياسي واشتعال الشارع والمخاطر المحدقة بالوطن من صوب.

2- إجراء تغييرات لاحقة وليست بعيدة لا تقل أهمية في مناصب وزارة الداخلية أهمها إدارة الشؤون المالية باعتبارها منبع التمويل التي يرضع البلاطجة منها الاموال والمكافآت وهي من موازنة الوزارة على حساب منتسبيها دون وجه حق ، والحبل على الجرار على خلاف ما هي مخصصة له,

3- تغيير طارق محمد عبد الله صالح من قيادة الحرس الرئاسي بناء على مؤشرين. الأول: العمل بالقاعدة الموروثة من الرئيس المخلوع وهي أن كل رئيس من حقه أن يختار طاقمه الخاص الثاني: أن طارق صالح تواطأ في إدخال المخلوع ليعقد اجتماعا مع بلاطجته في دار الرئاسة دون وجه حق ودون استئذان من الرئيس صاحب الحل والربط على الأقل في إدارة القصور الرئاسية ، وهي غلطة لاتقبل التسامح باي شكل من الاشكال.

4- المضي قدما في إعطاء الضوء الأخضر للحكومة في إجراء التغييرات وفقا للحاجة وللمصلحة حتى تستكمل التغييرات الشاملة مع البدء بإقرار قانون التدوير الوظيفيي في كل مؤسسات الدولة والتي ستطال الجميع دون استثناء.

عدم التدخل في سلطة الحكومة والتعدي على اختصاصاتها فهي معنية بإجراء التغيير الضروري دون الحاجة إلى إصدار قرار جمهوري أو استئذان ضمني فيما هو من اختصاص الوزراء ، لذلك فان اليمن لديها حكومة كاملة الصلاحيات والاختصاصات بعد خلع علي صالح الذي احتكر كل السلطات وأصدرا القرار مهما علا أو دنا ، في هذه النقطة بعض الوزراء لم يستوعب انه كامل الصلاحيات ولا يزال ينتظر التوجيه الرئاسي المباشر كما كان معتادا وخاصة وزراء المؤتمر الشعبي العام.

في نهاية استعراض المنحى التفاؤلي بالرئيس عبده ربه منصور بإذن الله ينبغي أن يستقر في وعي الناس أننا أمام شخصية رئاسية جديدة مختلفة عما ألفناه طيلة 33 عاما تعمل بصمت عال وحكمة وحذر وتدرج حتى بلوغ الهدف دون ضوضاء، فهذه شخصيته وطبيعته وبالتالي فلا ينبغي أن نفرط بالتشاؤم. ولكن بالمقابل لا ينبغي أن نستريح أو نترجل عن العمل الثوري السلمي. 

لكن البعض الأخر لا يلغي تخوفه من أن يظل عبد ربه منصور شخصا مسيرا من الباب الخلفي للسلطة بواسطة رئيسه الحزبي فينطبق عليه الرئيس « المركوز » من باب عدم الرضا عن بطء التغييرات ، فالبطء بالعدالة ظلم أفدح .

الثاني : الرئيس المركوز لا حول ولا قوة إلا بالله

في ظل هذا الاحتمال المخيف فان المآخذ التي تثار في الوعي العام عن عبده ربه منصور كشخصية لا يمكن التعويل عليها بالتغيير الحاسم ضد المخلوع وبلاطجته وبالتالي فعلى الثورة أن تستعر من جديد بأقوى عنفوان للتخلص من بقاء الفاسدين بدعم رئاسي في كل المؤسسات ومن تلك التخوفات مايلي:

1- كيف يقبل عبده ربه منصور أن يكون مرؤوسا من رجل ثار عليه شعبه وخلعه من السلطة بالثورة الشعبية العارمة، وهو رئيس دولة لا سيادة عليها غير سيادة الشعب ، فكيف يقبل أن يكون مرؤوسا وهو صاحب الشرعية الشعبية التي لا تقبل الانتقاص والتبعية لأحد، والسيادة الشعبية تعني أن لا يعلوا عليها أحد إلا إذا كان الرئيس منـتـقـص السيادة أحد أمرين « قاصرا أو مخبولا» بمعنى فاقدا للوعي السياسي.

وللتخلص من هذه المثلبة فان على الرئيس الشرعي عبده ربه منصور هادي أن يستقيل من رئاسة المؤتمر الشعبي العام ليكون رئيسا للشعب اليمني بكامله ويقف على مسافة واحدة من الجميع حتى تتعزز ثقته بالجميع دون طعن أو مؤاخذة ، ولم يعد للحزب أو أي طرف سياسي بعد الانتخابات أي فضل عليه، كما أن في المقابل على الأقل أن يصبح هو وليس علي صالح رئيسا للمؤتمر الشعبي العام وإذا كان هذا الحزب في أسوأ الأحوال حريصا على بقاء عبده ربه منصور منتميا له فعليه أن يختاره رئيسا للحزب وليس جعله مرؤوسا من علي صالح المنتهية صلاحياته السياسة.

3- كيف يقبل أن تظل القيادات الأمنية والعسكرية والاستخباراتية ومفاصل المؤسسات المالية بيد المخلوع ، فمثلما سعى المخلوع إلى تعزيز سلطاته باختيار طاقمه المناسب فمن حق عبده ربه منصور أن يختار فريق عمله بالمثل ، ولا داع للتباطؤ بتغيير القيادات العائلية بقرارات جمهورية من شخصيات وطينة واسترداد المؤسسات المصادرة عائليا إلى حضيرة الشعب المالك الأصلي لهذه المؤسسات، وان أي تأخير في هذا الإجراء لن يسمح بالتقدم نحو عقد الحوار الوطني الشامل في ظل المصادرة العائلية غير الشرعية لمؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية والاستخباراتية والمدنية دون مسوغ عقلي او توافقي اذ كيف نطيح بالرأس ونبقي على الجسد.

4- كيف سيقنع عبده ربه منصور الشعب الثائر الذي آثر انتخابه والقبول به على رفضه بجريرة نيابته للمخلوع طيلة 15 عاما دون أن يكون له موقف لصالح الشعب فكيف سيتم إقناع الشعب والشباب كقوة ثورية لا يستهان بها سواء كانت حزبية أو مستقلة بان تشترك بحوار وطني مع الإبقاء على من دمرهم وسرقهم وأشرف ووجه بقتل رفاقهم وجرحهم واختطافهم وتعذيبهم .

5- كيف يمكن الجمع بين الحصانة وهي اعتراف بالجرم من طالبها لان المجرم وحده هو من يبحث عن ضمانات وحصانات أما البريء فلا يبحث ولا يفكر عن ذلك لأنه بريء. فكيف يمكن الجمع بين الحصانة مقابل مغادرة السلطة بسلام مع العودة إلى ممارسة العمل السياسي من البوابة الخلفية تحت يافطة المعارضة برئاسة الحزب الشريك في الحكومة التوافقية.

الخلاصة : الأخطر من كلما سبق أن يكون المخلوع لديه ترتيب انقلابي دموي أو سياسي بالحيلة والغدر والخداع وتراكم المال المنهوب من الشعب أن يقلب الطاولة على رأس الجميع، وهذا ما يوحي به خطابه الأخير حيث يصف الشعب أو جزء منه وهم الشباب الثوار بأنهم مجرمون وبلاطجة وأنه لا ثورة غير سبتمبر وأكتوبر، علما بان ثورة أكتوبر فقط كانت ثورة شعبية وحركة تحرر ضد المحتل البريطاني بينما ثورة 26 سبتمبر كانت انقلابا عسكريا باركه الشعب في المدن ورحب به ودعمه ودافع عنه وجعل منه ثورة بهذا الالتفاف بعد وقوعه.

أن لم يتم عزل أفراد العائلة من المناصب السيادية وعزل الموالين لهم من الفاسدين المفسدين دون تعويضهم أو مكافأتهم بمناصب أخرى فان المستقبل سيكون مؤذنا لثورة عارمة ضد بقايا النظام العائلي وعلى رأسهم عبده ربه «الرئيس المركوز لا حول ولا قوة إلا بالله».

ونحن نتمنى له من قلوبنا أن يكون الرئيس عبده ربه المنصور بإذن الله ، وان يعمل بعمل هارون الرشيد ضد البرامكة الذين ظنوا أنهم أصحاب السلطة الحقيقيـين، فبرامكة العفافيش أشد خطرا على اليمن واليمنيين من برامكة هارون الرشيد.

ليت هندا أنجزتنا ما تعد **** وشـفـت أنفسـنا مما تجـد

واســتـبـدت مرة واحـدة **** إنما العاجز من لا يستـبد

hodaifah@yahoo.com