تعز ، ليالي يخرج من رحمها وطن!!!!
بقلم/ محمد حسن الجلال
نشر منذ: 12 سنة و 11 شهراً و 15 يوماً
السبت 10 ديسمبر-كانون الأول 2011 12:22 ص

مسلسل ليالي الموت ..هكذا اعتاد أبناء تعز يطلقون على ساعات القصف التي تشنها بقايا العصابة على المدينة ،الموت فيها وزع كأكياس المعونات بالمجان ، في الشوارع ،على الممرات ، في الأرصفة، في الأزقة و المنازل ،على كل من اختفى أو ظهر، ثار أو صمت ، صحا أو نام ، قعد أو قام .

عندما تعيش بقلب لص كل حركة من حولك تبدو مخيفة ، وعندما تعيش بنفسية المجرم كل جسم أمامك يخيل لعقلك السخيف يحمل حبل مشنقة جرمك ، منطق تفكيرك يدفعك دائما أن تصادر كل شي يتحرك على الأرض أو يطل من سطح ،هذا المنطق الذي يعيشه مجرمي ولصوص النظام في تعز أمام مدينة لاتكل عن الحركة.

لذا من الطبيعي أن يسقط العديد من الشهداء والجرحى عندما توجه مدفعية لص تجاه مدينة آهلة بالسكان كـ (تعز) لكن؛ من الصعب بل من الصعب جدا أن تثنى مدينة نفسها عن مواصلة مرثونها نحو الحرية أو توقفها لحظة واحدة عن سباقها نحو المجد أو تكسر صمودها الذي أضحت تعرف به .

نعم ، تعز الصمود أصبحت تنادى بهذا الاسم بعدما عرفت لسنين بالحالمة ، صامدة بصدرها المفتوح في وحشية قمع لم تشهده على مدى تاريخها الأصيل، وحالمة بدولة الحقوق والحريات والمواطنة العادلة، فلهذا هي الحالمة ، ولذاك هي الصمود ، وقبل هذا وذاك إنها تعز عاصمة الثورة الشبابية السلمية ، ومن قبل هذا كله دار سيدنا معاذ وحاضنة رسالة رسالة الحبيب عليه الصلاة والسلام إنها مدينة رسول رسول الله ، عصفت بها سموم الحقد فتغشت على فراش متاعبها تتمخض من ثقل الجرح الوطن الذي تحلم به ، وتسابق فصول مسرحية الحقد بصقور تعشق التحليق رغم قلة الريش وتغطية السماء بدخان البارود.

الأنين أصبح جزء لا يتجزأ من جدران المدينة، تنهدات الصخور هي صدى يرجع من أتراح الطفولة المصادرة، لغة الدمع حاضرة وبقوة عند مثقفي المدنية وكتابها وأدبائها وشعرائها ومنشديها، إبداعاتهم القادمة من هناك تحمل عناء الجرح وآلام الأحياء كلما عزفوا على آلة فنونهم المتعددة بتعدد مواهبهم ، البسمة غادرة فم الفن أيضاً منذ غادرت القذيفة فوهة المدفعية وحلت جاثمة فوق جسم المدينة الطاهرة.

منكوبة لكنها صابرة ، مدمرة لكنها حية ، تنزف لكنها عصية على الاستسلام ، تقصف لكنها لم تتوقف عن الخروج، صحيح لم تستطيع تدفن شهداء ليلة البارحة من مطر القذائف ، وعجزت إسعاف جرحاها العالقين تحت ركام اله الموت ، لكنها لم تعجز أن تقدم شهداء آخرين من اجل إكمال مسيرة الثورة. إنها ليالي قاسية تعاني فيها مخاض وطن وسيظل شبابها في منابر كفاحهم لن يبرحوها حتى تأذن المدينة