بعد ان قدموا هذه التضحيات- هل يسمح اليمنيون بسرقة ثورتهم
بقلم/ د: حسين عبدالقادر هرهره
نشر منذ: 12 سنة و 11 شهراً و 24 يوماً
الأحد 27 نوفمبر-تشرين الثاني 2011 04:16 م

لم يكن احد يتوقع ان الدماء الغزيرة التي سفكت في اليمن على مذبح الحرية سوف تعتبرها احزاب المعارضة سلم للوصول الى كرسي الحكم، ولعل هذا الامر يعطي دلالة واضحة كيف ستصبح اوضاع اليمن اذا تسلمت هذه الاحزاب السلطة.

ان اول سقطات هذه المعارضة هي موافقتهم على بند الضمانات في المبادرة الخليجية التي تعفي القتلة من دماء اليمنيين التي سفكت في كافة انحاء اليمن، وهذه الفقرة لوحدها هي الخنجر الذي يطعن المبادرة ويسقط شرعيتها، ومع الاسف ان الرئيس السابق قد فطن الى حقيقة هذه المعارضة لانه خبرها فترة طويلة وتلاعب بها ويعلم ان ليس لها شعبية تذكر ولو كانت كذلك لحركت الجماهير منذ سنوات طويلة ولذلك عمل منذ بداية المفاوضات على عزلها عن الشارع اليمني حتى لاتحمل اجندة الشباب الثائر في الساحات، وبعد ان انفرد بها وضع شروطه وعدل المبادرة عدة مرات حتى اصبحت على مقاسه تماما واصبح بامكانه السفر والعودة الى اليمن بكل امان برغم كل الجرائم التي ارتكبها مع عصابته الاجرامية ضد ابناء اليمن، بل انه وضع المسامير المثبته لحكمه في كل مكان، فهولاء اولاده واولاد اخوته وابناء عمومته وابناء اخواته يسيطرون على مفاصل الدولة ويمكنه الاشارة لهم باصبعه حتى ينفذ مايريد ويحرك مايريد وحكاية هيكلة الجيش وتنظيفه من هؤلاء المجرمين بعد حين ماهي الا رماد يذر على العيون ، لان الرئيس القادم (الذي لايهش ولاينش)سوف يستمر سنتين في الحكم وهو من عودنا ان ليس له موقف يمكن الاعتماد عليه منذ عرفناه بجوار الرئيس المخلوع، ولانستبعد ان تكون حركاته وسكناته من وحي الرئيس السابق الذي جعله مادة يتندر بها اليمنيون منذ زمن بعيد وكلنا يعلم مايقال في الرجل.

ان المعارضة اليمنية دخلت هذه الحوارات الماراثونية بحجة انها تريد رفع العناء عن اليمنيين في حياتهم المعيشية ومن اجل عودة المياه الى مجاريها، ولكنها نسيت او تناست ان اليمنيين خرجوا الى الساحات وهم يعلمون انهم سيدفعون الثمن غاليا من دمائهم واموالهم ومعيشتهم من اجل تحقيق مطالبهم حتى يصبحوا امة محترمة بين امم العالم بعد ان شوهها هذا النظام وصورها للعالم انها امة فقيرة يسودها الفوضى وتسيطر عليها العقلية القبلية والجهل والتخلف وان اغلب اهلها يكسبون قوتهم ورزقهم من التسول والاغتراب في دول العالم، ان هؤلاء الشباب عندما خرجوا كانوا يعوا تماما مايريدون واهدافهم واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، والتغيير الذي ينشدوه ليس تغيير الرئيس بل تغيير النظام واجتثاثه من جذوره، وماقامت به المعارضة لايتعدى ازاحة الرئيس وبقاء نظامه، وبصراحة اقول ان احزاب المعارضة لم تقم بما قامت به من اجل انهاء عذاب الشعب اليمني بل من اجل وصولها الى السلطة ولو على دماء اليمنيين الطاهرة.

ان حصول الرئيس السابق وعصابته على ضمانة بعدم الملاحقة القانونية هو عطاء من لايملك لمن لايستحق، وهو مخالف لكل الاعراف الدينية والقانونية التي تلزم بمحاكمة القاتل وعصابته وملاحقته قانونيا ، بل ان المصيبة تتجاوز هذا الامر الى عدم معالجة الاموال المنهوبة من الشعب اليمني وهي بعشرات المليارات من الدولارات ولم تقم احزاب المعارضة باي جهد للاشتراط بعودة هذه الاموال وملاحقة من نهبها، وللعلم ان المنظمات الدولية لن تسمح بتمرير بند الضمانات حتى لو وقعت عليها هذه الاحزاب كما ان الاموال المنهوبة سوف يتم ملاحقتها وقد بدأت بالفعل بعض الدول الاوروبية بهذا الاجراء ومنها المانيا الاتحادية التي كشفت عن مئات الملايين من الدولارات تم ايقافها لبعض اعضاء النظام الفاسد وسوف تكشف الايام عن هذه الثروات الهائلة التي هربها هؤلاء المجرمون الى خارج اليمن ليتنعموا بها بينما شعبهم يرزح في الفقر وشظف العيش.

ان الشباب في الساحات امام مفترق طرق صعب، فاما ان يرضوا بهذه الحقنة المهدئه وتضيع ثورتهم ودمائهم ، واما ان يصمدوا ويكملوا هذه الثورة وينظفوا اليمن من هذه العصابة ومعها هذه الاحزاب المهترئة التي تصورت ان بامكانها سرقة ثورة شعب باكمله، وقد قطع الشعب اليمني مسافة طويلة في طريق الثورة ولم يبق الا القليل ولابد من الصمود حتى النصر.

كما لابد لشباب الثورة ان يعيدوا تنظيم ثورتهم بتشكيل احزاب تضم الكفاءات السياسية والقانونية والادارية ويعلنوا عن برامجهم، ولديهم الكثير من هذه الكفاءات من رجال الفكر والسياسة واساتذة الجامعات المنظمين الى الساحات، بل ان عليهم الاستعانة بالكفاءات من ابناء اليمن في بلدان الاغتراب في الولايات المتحدة واوروبا ودول الخليج واغلب هؤلاء يقفون مع الثورة ويتمنون اليوم الذي يشاهدون اليمن قد عادت لمجدها وتخلصت من شوائبها ولديهم الاستعداد للعودة وتلبية النداء.