ثورة منتصرة.. وتبعية منتهية
بقلم/ محمد الحذيفي
نشر منذ: 13 سنة و 3 أشهر و 4 أيام
الثلاثاء 23 أغسطس-آب 2011 05:08 ص

لقد جمع النظام اليمني كل صفات السوء من بين أنظمة الحكم المختلفة في العالم حتى نظام طالبان التي حكمت أفغانستان بكل مظاهر التخلف لم يصل إلى درجة السوء التي وصل إليها النظام اليمني.

بيده كل مفاصل الدولة ولا أقول السلطة لأن مفهوم الدولة أوسع وأشمل من مفهوم السلطة فالدولة أرض – بحر – سماء – بر – بشر – هواء – قوانين كل ذلك يدعي هذا النظام أنه ممسك بتلابيبها ويعد نفسه حاكما عليها , وبموجب هذا الإدعاء يجب عليه قانونيا , وأخلاقيا توفير كل احتياجات من يحكمهم من أمن , وغذاء , وكساء , وتعليم , وصحة , ورفاهية , وتقدم , وازدهار , وتوفير كل مستلزمات حياتهم المعيشية , والأمنية , وغير ذلك من الخدمات , لكنه فشل في كل ذلك وأصبح يلقى باللائمة على الآخرين , وعلي الذين لا يمتلكون شيئا مما يملك.

منذ انطلاقة الثورة العظيمة وهو يحاول افتعال الأزمات ويرم بها على شباب الثورة . وتارة يبرأ الثوار ويلقي باللائمة على أحزاب المشترك رغم أنها أوهي من بيت العنكبوت , وأخرى على القبائل المساندة للثورة ليصورهم على أنهم جماعات متخلفة لا تفقه سوى التخريب , وقطع الطريق التي أجبرهم عليها أو على ممارستها طيلة حكمه لهذا البلد , لكن القبائل أثبتت أنها أرقى وأفضل من هذا النظام , وتمتلك حسا وطنيا ورقيا حضاريا لا يمتلكه النظام نفسه , وعملت على حماية المشاريع والخدمات الواقعة تحت نفوذها والتي يرسل النظام زبانيته لتخريبها بغرض إلصاق تلك الأعمال الجبانة بها أو بشباب الثورة .

أخر تلك التقليعات ما تحدث به رأس هذا النظام في خطابه الأخير من اتهامات لشباب الثورة في الساحات بأنهم سبب الأزمات التي يعاني منها الوطن مستخفا بعقول 25 مليون يمني وكأنهم لا يفقهون , ولا يفهمون شيئا , وكأنه ليس فيهم عقلاء , ولا منصفين , ولا محايدين يرقبون الأوضاع عن قرب وبعين منصفة , تعامل معهم وكأنهم جميعا على شاكلة عبده الجندي – مع اعتذاري الشديد للدكتور أبو ذر – وأحمد الصوفي , وياسر اليماني , وعباس المساوى الذي كثيرا ما يهتم بشكله وبحركاته البهلوانية على شاشات الفضائيات ولا يهمه مضمون ما سيقول اللذين ظلوا طيلة الشهرين الماضيين وتحديدا منذ بدأ النظام بافتعال الأزمات , ومعاقبة اليمنيين عقابا جماعيا على مواقفهم المساندة لثورة الشباب السلمية وهم يرددون مثل هذا الكلام , ويحملون الشباب , وأحزاب المشترك , والقبائل المساندة , وعلي محسن مسئولية كل تلك الأزمات التي افتعلوها , والتي يعاني منها الوطن منذ عشرون عاما وليس من اليوم والنظام يعدنا ويمنينا بوضع الحلول الجذرية لتلك الأزمات وما يعدنا إلا كذبا وغرورا , وكان الناس يلتمسون المبررات لهؤلاء المتحدثين من نواحي اعتبارية عدة , لكن أن يأتي رأس النظام ويحاول تسويق ما كان يسوقه عبده الجندي , وأحمد الصوفي , وياسر اليماني , وعباس المساوى فهذا ما لا يصدقه عقل , وهو ما يبعث على الاشمئزاز , وأسوء ما يتوقعه الإنسان . 

أمعقول بعد " 33 " عاما من الإنجازات العملاقة التي أصموا أذان اليمنيين بها , ومن العطاء اللامحدود لهذا النظام , ومن بناء الأجهزة الأمنية , والاستخباراتية , والعسكرية الخارقة التي أنفق عليها المليارات من قوت هذا الشعب المسكين لا يستطيعون تأمين الخدمات الأساسية للمواطن من مجموعة شباب مساكين معتصمين سلميا في الساحات لم يستطيعوا الدفاع حتى عن أنفسهم من بطش تلك الأجهزة الأمنية وصلوا إلى هذه الدرجة من القوة بمنع وصول الخدمات الضرورية إلى الناس بين عشية وضحاها , ثم أين أجهزة الضبط الإداري والأجهزة الأمنية التي يباهي بها هذا النظام بأنه بنا قوة ضاربة في الأرض لحماية الدولة ؟ وليس لحماية الفرد طبعا لا تنتشر في عموم المحافظات من أجل حماية مكتسبات الدولة التي يتباهون بأنهم بنوها على مدار 3 عقود من الزمن .

أمعقول "33 " عاما من انجازات هذا النظام يعيقها مجموعة من الشباب ويتحكمون بالحاجات الضرورية للناس من الغاز , والكهرباء , والمشتقات النفطية التي توفرت بالأسواق بعد إنزال جرعة جديدة عليها من قبل هذا النظام , والقوت الضروري للإنسان ,ويعجز النظام عن حماية ذلك إن هذا يعني بكل بساطة أن نظاما كهذا لا يستحق البقاء ولا يمكن أن يقبله اليمنيون أن يبق حاكما عليهم لأنه ليس أمينا عليهم وعاجزا عن توفير مصالحهم وحمايتها , والشباب , وأحزاب المشترك الذين يتهمهم هذا النظام بفعل كل ذلك هم الأجدر بالحكم وبإدارة اليمن – رغم قناعتي بعدم جدارة المشترك لذلك حتى يثبت عكس ذلك – هكذا يقول العقل , وهكذا يقتض فقه المصالح.

إن مثل هكذا خطاب وإلقاء التهم جزافا بدون أدلة مادية , وبراهين عملية , وحجج دامغة تقنع الناس لهو دليل واضح على سوء هذا النظام , وكم هو سيء في إدارته للبلد بهذه العقلية وبهذا الخطاب الذي أغلق به كل الطرق على المحايدين , والمستقلين , والمنصفين , وزاد من شعبية المشترك التي تتدهور في كل يوم يمر من عمر الثورة.

إن شباب الثورة الذين تكال لهم كل تلك التهم لا يخوضون صراعا مع الرئيس على عبد الله صالح أو مع بقايا نظامه كما يسمونهم والذي سقط بنظرهم يوم جمعة الكرامة , وإنما يخوضون صراعا مريرا مع من يدعم نظام الرئيس صالح وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية التي تسمح له بإطلاق التهديدات والتحديات من أراضيها في انتهاك صريح وواضح للأعراف الدبلوماسية التي تحكم العلاقة بين الدول والشعوب الحرة في نضر الثوار والذين يؤمنون إيمانا مطلقا بأن ثورتهم منتصرة , وأن تلك التبعية منتهية عما قريب طال الزمان أم قصر.