مغالطات أبي الشرخ في مقاله
بقلم/ أبي معاذ الشامي
نشر منذ: 13 سنة و 3 أشهر و 28 يوماً
الأحد 24 يوليو-تموز 2011 06:36 م

على صفحة مأرب برس كتب من أسمى نفسه (عبدالله أبو شرخ ) بتاريخ 12 يوليو- تموز 2011 مقالاً معيباً عنونه بـ السلفيون وتاريخية النصوص الدينية فادّعى فيه زوراً وبهتاناً محدودية نصوص القرآن والسنة وعدم إحاطتها بالشؤون البشرية والأحوال الانسانية وقصرها عن مواكبة الحضارة والتطوير والمتغيرات ... إلى آخر هذيانه وعيبه بعض أحكام الشريعة كمسألة الرِّق واستهزائه بها وسخريته منها .. وكذلك تهجمه على السلفيين وافترائه عليهم وغير ذلك مما سنشير إليه مما سوّد به مقاله وجاء بإفكٍ عظيم..

فأقول وبالله أستعين:

باختصار هذا الرجل لم يأت بشيء جديد، فهو لا يعدو أن يكون كغيره من أذناب العلمنة ورويبضاتها الذين لا يفتؤون ينشرون أفكار سادتهم وكبرائهم، بيد أن هذا الرجل حاطب ليل قد فضحه جهله وزُين له سوء عمله وركب رأسه فخاض فيما لا ينبغي له الخوض فيه، ففضح نفسه وكشف عن جهله وغيّه، ولو أنه ضبّ قلمه وألصق لسانه بسقف حنكه لكان خيرا له ..

وحتى لا أطيل في المقدمات أبدأ الرد – باختصار- تحت هذه النقاط التالية:

أولا: جهله الفاضح بدين الله وشريعته: وهذا أمر طبيعي فيمن أعرض عنه وتمرّد عليه ولم ينقد لأحكامه.. وصور جهله في مقاله – على صغر حجمه ككاتبه – قد ملأ المقال فلا تكاد تنتهي من جهله في جملة حتى تفاجأ بأخرى أطم منها .. وصور جهله باختصار:

1- قوله: (أهم ما يميز السلفيين هو ادعائهم بأن النصوص الإسلامية من قرآن كريم وسنة نبوية صالحة لكل زمان ومكان،) وهذا – لعمري- لو قاله صبيٌ يسيل مخاطه على وجهه في الطرقات لأخَذَنَا منه العجب، فكيف برجل يدعي الفكر والعلم والعلمنة!!! إن صلاحية النصوص لكل زمان ومكان – يا جاهل – هي إحدى قطعيات هذا الدين وأصوله وثوابته العظام ومن المعلوم منه بالضرورة ، انعقد على ذلك إجماع السابقين واللاحقين منَ جميع طوائف المسلمين ولا اختصاص للسلفية بذلك!! فالله ورسله هم الذين قرروا ذلك وأحكموه وشرعوه .. وهذا لا يحتاج مني للتدليل فهو أشهر من أتكلف لنقل الأدلة لإثباته ..

2- تساؤله: (فهل حقاً أن جميع نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية صالحة لكل زمان ولكل مكان؟! ماذا مع النصوص القرآنية المنسوخة ؟ هل ما زالت صالحة رغم أن صلاحيتها قد انتهت منذ نزول آيات أخرى بدلت أحكامها، مثل حكم الخمر الذي تبدل ثلاث مرات؟!)

قلت: هذا القدر من كلامه يحتوي على جملة كبيرة من جهله نقتصر على أهم نقطة فيها وهي صلاحية هذه الشريعة لعموم الزمان والمكان لكثرة دندنته حولها بله هي أساس طرحه..

1- قوله: (ماذا مع (كذا !!) النصوص القرآنية المنسوخة ؟ هل ما زالت صالحة رغم أن صلاحيتها قد انتهت منذ نزول آيات أخرى بدلت أحكامها، مثل حكم الخمر الذي تبدل ثلاث مرات؟!) قلت: للنسخ أسباب كثيرة وحكم جليلة ليس في واحدة منها ما يدل على ما فهمه هذا الجاهل –لا من قريب ولا من بعيد - من كون النص المنسوخ انتهت صلاحيته للتطبيق.. ومن ثم فالشريعة –كذلك- غير صالحة للتطبيق برمتها!!! (قياس خنفشاري يحتاج لمنجنيق أحد إخواننا الظاهرية!!!)

فالأسباب التي تكلم عنها العلماء كثيرة: (أنظرها موسعةً في كتب الأصول وعلوم القرآن):

1- منها :ابتلاء واختبار العباد للطاعة والامتثال: مثل تغيير اتجاه القبلة.

2- ومنها: التخفيف والتسهيل على الأمة : وأمثلة هذا السبب مكتظة في كتب الأصول وعلوم القرآن بله هذا هو السبب الرئيسي للنسخ.

3- ومنها : التدرج في الأحكام : مثل تحريم الخمر، فكان مباحا في أول الإسلام ثم حرم ،والتدرج إنمّا كان لمراعاة طبيعة المخاطبين بالحكم لا لكونها غدت غير صالحة لحكم ذلك الزمان قبل التحريم كما فهم هذا الجاهل!!

• ثم إن المنسوخ من أحكام الشريعة بالنسبة لمجموع الشريعة يُعتبَر قليلاً جداً، وبالتالي فإن مسألة عدم ثبوت أحكام الشريعة وصلاحيتها بسبب النسخ لا يصح بأي وجه من الوجوه، لأن تغير بعض الأحكام القليلة لا يؤثر على ثبوت أحكام الشريعة بشكل عام..

• ثم إن هناك أمرا يغفله هؤلاء الجهلة في غاية الأهمية تدحض شبهتهم من أصلها وهو ضبط مسألة الثبات والمتغيرات في الشريعة الإنسان:(فلا الشريعة ثابتة في كل أحوالها، ولا الإنسان متغيِّر في كل شؤونه، فالشريعة منها ما هو ثابت محكَم، وهو القطعيات ومواضِعُ الإجماع، ومنها ما هو متغيِّر نِسْبِيٌّ، وهو الظنيَّات وموارد الاجتهاد؛ بل إن منها منطقة العفو التي أحالت فيها إلى التجربة والمصلحة، في إطار من قواعد الشرع الكلية ومقاصده العامة.

ولقد كان منهجُ الشريعة في ذلك كلِّه إجمالَ ما يتغيَّر وتفصيلَ ما لا يتغير، ولهذا فصَّلَتِ القول في باب العقائد، وباب العبادات، وأحكام الأسرة ونحوه، وأجملَتِ القول في كثير من المعاملات التي تتجدد فيها الحاجات، وتكثر فيها المتغيرات، واكتفت فيها بإيراد المبادئ العامة والأُطُر الكليَّة، تاركةً للخبرة البشرية أن تتصرف في حدود هذه الأُطُر بما يحقق المصلحة ويدفع الحاجة،

وأما تغيّر الإنسان، فإن ذلك ليس على إطلاقه؛ لأن من شؤون الإنسان ما هو ثابت، ومنها ما هو متغيِّر متجدِّدٌ؛ فالغرائز الفطرية والحاجات الأساسية للإنسان ثابتة مُحْكَمَة، وسيَظَلُّ الإنسان ما بَقِيَ الليلُ والنهار، ومهما تغيَّر الزمان والمكان في حاجة إلى عقيدة يعرف بها سِرَّ وجودِهِ واتصاله بخالقه، وإلى عبادات تُزَكِّي رُوحَه وتُطَهِّرُ قلبه، وإلى أخلاق تُقَوِّم سُلوكه وتُهَذِّبُ نفسَه، وإلى شرائعَ تُقِيمُ مَوَازِينَ القِسط بينه وبين غيره؛ فالَّذي يتغيَّر من الإنسان هو العَرَض لا الجوهر، الصورة لا الحقيقة، ولقد تعاملتْ نصوص الشريعة مع الإنسان على هذا الأساس؛ ففَصَّلَتْ له القول في الثابت الذي لا يتغير من حياته، وسكتتْ أو أجملتْ فيما من شأنه التغيُّر والتجدُّد، صُنْع الله الذي أَتْقَنَ كلَّ شيءٍ، ألا يَعلم مَن خَلَقَ وهو اللطيف الخبير؟!\" اهـ(شبهات حول تطبيق الشريعة الإسلامية للدكتور صلاح الصاوي)

3- قوله: (مثل قولهم أن \" لا إكراه في الدين \" بينما الأصح أن \" الدين عند الله الإسلام\".) وهذه آبدة من الأوابد أشرت إليها لا لأرد عليها فقلمي أنزَهُ وأرفع من الرد على هذا الهذيان لكن لبيان إلى أي هوّة بلغ الجهل بهذا المسيكين!!

4- مسألة السبي وملك اليمين وتعجبه منها وتساؤله عن صلاحيتها في هذا العصر خاصة بعد اتفاقية جنيف!!! (مصدر تشريع العلمنة) أقول باختصار:

1- إن هذا المثال لهو أكبر دليل على صلاحية الشريعة لكل زمان ومكان ..فالرق الذي شرعه الإسلام كان معمولا به في ذلك الوقت، وكان فيه قانون معمول به لدى جميع الشعوب على مختلف الديانات.

2- وبرغم أن الإسلام ضيق أسباب الرق وجعلها بسبب واحد فقط وهو الحروب وفتح أسباب الحرية إلا انه لم يحرمها مطلقا ، لماذا؟ لتبقى صلاحيته لكل زمان ومكان فإن عاد الرق بعد تقلب الزمان وتغير الأحوال عاد حكم الرق

3- فلو كان هناك نصا يحرم الرق ثم عاد زمن الرق والاستعباد للعالم لصار المسلمون في مأزق كبير، يسترقهم أعداؤهم وهم لا يقدرون أن يتعاملوا بالمثل مع أسراهم لوجود نص يحرم هذا !!! ولذا فقد جعل الإسلام الباب مواربا حذرا من تقلبات الأيام ..فتأمل!! والكلام عن الرق طويل الذيل متشعب الكلام ولا يمكن الإلمام بأحكامه والرد على الشبهات الواردة عليه في مثل هذا المقال، لكن يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق!!

ثانيا: تناقضاته: فقد ملأ مقاله بالتناقضات الفاضحة فكل جملة تهدم أختها!! نشير إليها باختصار شديد:

1- قوله: (ينما المسلم العلماني الذي يؤمن بالله وبالقرآن) قلت: مسلم لكن (دون الاستسلام للأحكام والانقياد للأوامر والامتثال للتشريع والسمع والطاعة لما يشرعه الله ورسوله) وإيمانٌ بالله ولكن(ربّا في المساجد ودور العبادة دون الاعتراف بانفراده وربوبيته بالتشريع وسنّ الأحكام) وبالقرآن ولكن(دون تلك الأحكام التي عفا عنها الزمان كالحدود الوحشية والسبي وغيرها من التشريعات التي لا تناسب أبناء القرن الواحد والعشرين!!!) هذا هو إيمان صاحبنا وذلك هو إسلامه (إنّ هذا لشيءٌ عُجاب!!!)

2- ثم عبّر عن إيمانه السابق بالله وبالقرآن منطوقا لا مفهوما بقوله مباشرةً:( يفهم تماماً أن هذا النص قد تجاوزه الزمن بلا عودة!!!!!!) لا تعليق

3- ثم قال كذلك معبرا عن إيمانه بما سبق:(هناك من النصوص في القرآن الكريم وفي الحديث الشريف لم يعد لها مكان في حضارة اليوم)!! قلت: هذا مذهبٌ جديد في تأصيل مسائل الإيمان فات شيخ الإسلام ابن تيمية الكلام عليه!! إيمان بدون تصديق وقول وعمل!!! لعلنا نطلق على أصحاب هذا المذهب بــ(مرجئة العلمانية!!)

ثالثا: كذبه وتجنيه وافتراءاته وحقده على السلفين: أما هذه فقد ملأ بها مقاله نشير إلى شيء من ذلك باختصار:

1- (لكن ليحتفظوا هم وحدهم بحق التلاعب بالناسخ والمنسوخ....الخ هذيانه

2-(ترتزق من الإسلام عبر فبركة وصناعة الفتاوى..)

3-(لقد أضر السلفيون بالإسلام وبالقرآن أيما ضرر،...الخ)

4- (السلفيون والجهاديون طبقوا آيات القتل على اعتبار أنه جهاد،.. الخ)

5-(وعلى السلفيين أن يكفوا عن إزعاج المجتمع وإشغال المفكرين والكتاب،.. الخ)

وجوابنا عن كل ذلك: (سبحانك ربي هذا بهتان عظيم).