فرقتنا سياسة صالح.. ووحدتنا ثورة الشعب.!!
بقلم/ د.رياض الغيلي
نشر منذ: 13 سنة و 6 أشهر و يوم واحد
الإثنين 23 مايو 2011 07:25 م

ذكرى الوحدة هذه المرة غير كل مرة .. إنها ذكرى بنسيم الحرية ، ونكهة الثورة.

صبيحة يوم السبت 21 مايو احتفل صالح ومن معه بالذكرى الواحدة والعشرين لإعادة تحقيق وحدة الوطن في ساحة العروض بمعسكر الأمن المركزي مستعرضاً ما تبقى معه من وحدات الجيش والأمن ، ألقى خلال احتفاليته خطاباً نارياً لم يترك فيه أحداً في الداخل والخارج إلا وتعرض له فالثوار وصفهم بالخونة والعملاء والإنقلابيين ، والمبادرة الخليجية وصفها بالمؤامرة الإنقلابية على الشرعية الدستورية ، واتهم الأشقاء والأصدقاء بالتعامي من خلال نظاراتهم السوداء التي يلبسونها فحجبت عنهم حقيقة الجموع التي تناصره وتؤيده ، وذكر أمريكا وأوروبا أن البديل عنه القاعدة التي ستسومهم سوء العذاب.

كانت هذه هي المرة الأولى التي يتقدم صالح الاحتفال بذكرى الوحدة في غير يومها المعتاد (22 مايو) وكانت كذلك المرة الأولى التي يتمترس فيها بزاوية من زوايا معسكراته التي أعدها لقمع شعبه الذي صبر على حكمه الدكتاتوري طيلة هذه العقود ، حيث ألغى بهذه الاحتفالية الباهتة فصول الزمان والمكان .. فهمتُ في اليوم التالي لها ما كنت أتساءل عنه في اليوم السابق لماذا يحتفل صالح بالثاني و العشرين يوم الواحد والعشرين ؟ لم يكن الأمر في اليوم التالي يوم 22 مايو غريباً حيث أراد صالح أن يفرغ بلاطجته وعصاباته لقطع الطرقات وإعاقة الناس عن الوصول إلى ساحة التغيير بشارع الستين التي أعلنها شباب الثورة ساحة لاحتفال الشعب كل الشعب بذكرى وحدته !!

صبيحة الثاني والعشرين من مايو المجيد توجهت نحو سيارتي للانتقال إلى ساحة التغيير ، فتقدم إلي أحد الجنود ونصحني بكل أدب أن أترك سيارتي وأتحرك مشياً على الأقدام لأن البلاطجة قطعوا كل الشوارع ووضعوا حواجز في كل المداخل منعاً لأي تحرك، لشكرته على نصيحته ثم شغلت سيارتي وتحركت ، كان الشارع على غير عادته خالياً من حركة السيارات ، وانعطفت إلى أقرب مدخل حتى وصلت إلى شارع بغداد فإذا بالبلاطجة يعيدونني ، توجهت إلى شارع الجزائر فكان الوضع فيه كسابقه ، سلكت مداخل ضيقة وطرقاً متعرجة لأصل غلى شارع الشهيد الزبيري وفي كل تقاطع أصطدم بجمهرة من البلاطجة يحملون العصي والأخشاب لأعود من حيث أتيت ، إلى أن اقتنعت بصعوبة التحرك على السيارة ، فركنتها في أحد الأزقة وهرولت على قدمي متجهاً إلى جولة عصر ، وهناك اخترقت مجاميع البلاطجة وهو يستفزون السائرين نحو ساحة التغيير بشعارات يرددونها منها (الشعب يريدك يا علي .. واحمد من بعدك يا علي) ويلوحون بأعلام المؤتمر التي استبدلوها بعلم الوطن ، كل ذلك والناس سائرون في صمت لا يكترثون بهذه الشعارات الاستفزازية التي كان مرددوها يقتربون بها إلى أذن كل سائر .. إنها ثقافة النظام الذي حكمنا طيلة هذه العقود !!

وصلنا إلى ساحة التغيير ؛ كانت الجموع كبيرة رغم الصعوبات التي واجهتهم للوصول إلى هذا المكان .. وهناك وجدت الشعب الحقيقي فرحاً بذكرى وحدته ، يحتفل بها بمشاعر جياشة فياضة ، لم أرَ شعاراً لأي حزب ولم أرَلوناً سياسياً يظهر على بقية الألوان السياسية ، وجدت هناك الحضرمي والعدني واللحجي والضالعي والتعزي والإبي والصنعاني والصعدي والمهري يحملون علماً واحداً هو علم الوطن الواحد ويرددون شعاراً واحداً هو شعار الثورة السلمية (ارحل .. ارحل يا علي ) .

كان العرض الكرنفالي عظيم المعاني والدلالات رغم بساطته ، لم يكن مناطقياً ولا جهوياً ولا حزبياً ، بل كان ثورياً ومهنياً ، الأطباء والصيادلة ببوالطهم البيضاء ، طلاب الجامعات والمدارس كلٌّ بزيه ، أساتذة الجامعات بزيهم الرسمي الأنيق ، المحامون ، المهندسون ، العمال ، القبائل ، الأطفال ، النساء ، وأجمل ما في العرض الكرنفالي كتيبة الضباط المؤيدين للثورة السلمية بزيهم العسكري الذين شاركوا بمختلف رتبهم دون سلاح وهم يحملون الأعلام الوطنية وفي نهاية الكرنفال تقدم أحد الضباط وهو يحمل العلم وسلمه لصف من شباب الثورة الذين أقسموا يمين الولاء للوطن إيذاناً بانتقال السلطة إلى المدنيين.

كان يوماً عظيماً هذا اليوم الذي جمع القلوب ، فقلت لصاحبي هذا هو المعنى الحقيقي للوحدة ، إن هذه الثورة وحدت أبناء الشعب الذي فرقهم ومزقهم صالح بسياساته الخرقاء ، إن الوحدة يا صاحبي وحدة قلوب قبل أن تكون وحدة أرض ، فما أعظمك أيها الشعب الثائر ، وما أروعك أيتها الثورة المباركة .