ناطق المشترك: على نفسها جنت براقش
بقلم/ متابعات
نشر منذ: 14 سنة و 8 أشهر و 7 أيام
الإثنين 15 مارس - آذار 2010 09:18 م

حاوره لصحيفة الناس/ عبد الله دوبله:

*خرجتم "الخميس" (11/3/2010م) واعتصمتم بالعاصمة وبعض المحافظات للتضامن مع الحراك السلمي الجنوبي وضد عسكرة الحياة العامة... لماذا الآن؟.

المرحلة تحتم علينا هذا الموقف لأنها لم تعد تحتمل التمهل، فالسلطة صارت كالأعمى في غابة لا يستطيع الخروج منها فتصرفاتها وإجراءاتها تماثل ذلك الأعمى في التخبط، لم يعد يحكمها عقل ولا رشد يستوعب خطورة ما تقوم به من أعمال فقد أساءت إلى كل شيء في الحياة، دمرت الإنسان ووعيه وقيمه ودمرت الاقتصاد وأشعلت الحروب.

تخيل كيف تُوقف الحرب في صعدة اليوم وغدا تفتح جبهة أخرى في الجنوب ولا تشعر بمسؤولية قرارها وخطورة عسكرة الجنوب واستخدام السلاح الثقيل ضد المواطنين الأبرياء كما حدث السبت الماضي بالضالع، فإذا كان هناك- كما تدعي- من هو خارج عن القانون فعليها أن تتعامل معه بإجراءات وفقاً للقانون والدستور، وهناك شواهد ومعطيات كثيرة تؤكد بأن السلطة على علاقة بمن هم خارجين عن القانون ومواقف المشترك بهذا الخصوص واضحة فهو لم يكن ولن يكون مع أولئك أي (الخارجين عن القانون) بل هو مع النضال السلمي.

*ولكن موقفكم هل هو وطنيا ووحدويا كما تقولون؟ أم هو انتهازي لصب الزيت على النار كما تقول السلطة؟ أم تكتيكي لكسب الحراك؟

لا ينطلق المشترك من الحسابات الضيقة، وإنما يعمل على استنهاض كل المكونات الوطنية والقيم التي تحمي المشروع الوطني، وبناء الدولة الحديثة، والشراكة السياسية وعدالة التوزيع للثروة بعيدا عن الاستئثار.

لقد وقع المشترك مع المؤتمر على عدد من الاتفاقات وهو يعلم- حسب التجارب السابقة- بأن السلطة سواء باسم المؤتمر أو غيره لن تلتزم بأي اتفاق، فهي لا تلتزم لا بدستور ولا بالقانون فما بالك بالاتفاقات، ومع ذلك ظل المشترك يعمل وما زال على إصلاح هذا الانحراف.

ولقد وصلت السلطة في غيها وغرورها وغطرستها إلى مرحلة "لا أريكم إلا ما أرى"، وبهذا فهم في السلطة لا يقبلون أي نقد أو أي حل إلا ما يتماشى مع هذه الرغبة وأي رأي أو موقف يتعارض مع هذا النهج يرونه جرماً وعمالة وخيانة ووو.......... الخ.

*وهل يعتقد المشترك إنه بقراره الأخير استطاع إلى حد ما فرملة السلطة عن تنفيذ مخططها للعمليات العسكرية بالجنوب؟.

المشترك مع بقيه القوى الوطنية يؤدي دوره الوطني ولا يريد فرملة إجراءات السلطة فحسب، بل إيقاف السلطة عند حدودها وإيقاف كافة التداعيات الخطيرة التي وصلت إليها البلاد بفعل السلطة، وسيعمل المشترك بكل ما أوتي من إمكانيات من خلال النضال السلمي والحوار الشامل لمواجهة التداعيات الخطيرة مع كل فئات شعبنا العظيم حتى نقيم ذلك الانحراف الخطير في الفهم والممارسة.

*هل يمكن أن نفهم أن المشترك اتخذ قرارا بالسير في طريقي الاعتصامات من جهة ومواصلة الجهود للحوار الشامل؟.

الاعتصامات والاحتجاجات السلمية إحدى الوسائل الإستراتيجية للمعارضة المدنية وإدراكنا من وقت مبكر بأن السلطة وصلت بالبلاد إلى درجة قصوى من الخطورة لم يعد بإمكان أي طرف من الأطراف السياسية بمقدوره مواجهتها منفردا، وعلى هذا الأساس تمت الدعوة للتشاور الوطني الذي يفضي إلى حوار وطني شامل لا يستثني أحدا, وهذا ما نحن ماضون فيه، وقد أنجزت رؤية الإنقاذ التي تضمنت في طياتها كل الحلول والمعالجات لمشاكل البلاد وبناء الدولة الحديثة والتي تعمل على تحقيقه اللجنة التحضيرية للحوار الوطني.

*نعرف أن الحوثي أعلن استعداده للتحالف مع المشترك على ضوء وثيقة الإنقاذ، بالنسبة لمعارضة الخارج والحراك.

لقد أدركت الكثير من القوى السياسية والفعاليات الاجتماعية أهمية الحوار والجدية لدى المشترك ولجنة الحوار لإنجاحه فاقتنع الكثير ممن كان لهم تحفظ أو شكوك بأن الحوار لن يبلغ أهدافه وأزيلت عوامل التردد العالقة في ذهن البعض من مشروع الحوار، إضافة إلى أن المخاطر التي تمر بها البلاد دفعت الكثير لإلغاء تلك الحسابات، وهبوا إلى التوحد من أجل إنقاذ اليمن من التفتت والحروب الأهلية وعبث السلطة، ومن هذا المنطلق، نلمس تجاوبا إيجابيا ومثمرا.

*مجلس التضامن بإعلانه الشراكة مع اللجنة التحضيرية هل هو يأتي في نفس الإطار؟.

نعم انطلقوا من تلك الدوافع المخلصة للوطن وقد صدر بلاغ صحفي يوضح ذلك الاتفاق.

*ولكن ما سر التوقيت الآن من إعلان الشراكة؟.

نحن تجاوزنا مسألة التوقيتات، فكلما أسرعنا في توحيد الجهود والمواقف لإنقاذ البلد كانت فرصنا أكبر لتحقيق النجاح؛ لأن سياسية السلطة المتطرفة وردود الأفعال تدمر اليمن وتحاصر المشروع الوطني بعامل الزمن أيضا الذي لم يترك لك متسعا فكل يوم يفاجئك بجديد وبالذات في المرحلة الأخيرة.

*بالنسبة لمواقف السلطة من موقفكم بشأن التضامن مع الجنوب، يبدوا أنه آلم السلطة كثيرا حتى آن الرئيس أعلن مؤخرا أن اتفاق فبراير أكبر خطأ وقع فيه المؤتمر الحاكم ودعاه لعدم تكراره وإجراء الانتخابات القادمة بمن حضر.. هل تشعرون أن السلطة جادة في ذلك؟.

المشترك متمسك باتفاق فبراير وهو يعمل لتحقيق بنوده فيما يتعلق بالحوار حتى ولو كان من طرف واحد وهو ما نقوم به مع بقية شركاء المكونات السياسية والوطنية، وإذا أرادت السلطة وحزبها عزل نفسها فهذا شأنها وفيما يتعلق بمضيها منفردة فإذا كانت عاجزة عند توقيع الاتفاق فما بالك باليوم. اليمن اليوم غير يمن الأمس اليمن اليوم يعاني من الأزمات فما بالك باليمن بعد عام. المرحلة لم تعد تتحمل أي مجازفة للسلطة وإن جازفت لن يكتب لها النجاح. الظروف والمعطيات السياسية لا تسمح لها أن تخطو خطوة واحدة مما تهدد به إلا إذا أرادت الانتحار السياسي فهذا شيئا آخر.

*القوى السياسية والشعب أم أنتم؟.

نحن جزء من الشعب وقواه السياسية، وعندنا اللجنة التحضيرية التي تضم معظم القوى الوطنية والسياسية المعبرة عن هذا الشعب، السلطة ليس لها إلا الفساد والإفساد والادعاء باسم الوطن، فالسلطة صارت في وادٍ و الشعب في وادٍ آخر.

*والحوار الوطني هل وصلتم فيه لطريق مسدود رغم المبادرات التي تأتي من هنا وهناك؟.

الحوار صار مطلبا محليا وإقليميا ودوليا، وهناك إجماع عليه، ولكن تواجهه السلطة بعدة عقبات وكوابح وهي تعمل ليلا ونهار لتنتج من الحوار نفس النسخة التي أنتجتها من الديمقراطية. لقد عملت من الديمقراطية آلية تنتج السلطة من جديد وتوفر لها الشرعية الدستورية ولو شكلا وكذلك الاعتراف الدولي بها وهي تريد للحوار ذلك السيناريو، ولكن ما أؤكده الآن أنها لن تستطيع تحقيق ذلك لعدد من العوامل: أولا حرب صعدة وما آلت إليه من تداعيات. ثانيا الوعي الوطني المتنامي.

ولهذا فأنني أحذر السلطة مخلصا بأنها إذا لم تع المعطيات السياسية بأفق استراتيجي يستوعب متطلبات الدولة وليس السلطة فأقول لها ستأتي مرحلة لن تسمح لها أن تكون شريكا ولا طرفا في الحوار وهي لا تدرك ذلك؛ لأن الحوار قد استكمل مكوناته ومتطلباته وتجاوز أفقها وصارت مشروعيته السياسية والشعبية والوطنية والدولية قائمة، ولم يبقَ أن يطرح لها غير التغيير وليس الحوار؛ لأنها فقدت مشروعيته وشرعيته وصارت غير مؤهلة للحوار.

*هل يمكن القول أن القوى الوطنية ستتحاور لوحدها وستتخذ قرارا بتغيير السلطة بكل هذه السهولة؟.

معطيات الحوار هي التي تحدد آفاقه وزمانه ولن تبقى طاولة الحوار مفتوحة للسلطة متى ما شاءت دخلتها. أعني بذلك حينما ترفض الإجماع الوطني فبهذا الرفض أخرجت نفسها من هذه الشرعية ومن هنا سيتحول مطلب الحوار معها بصفتها النقيض لشرعية الإجماع الوطني ومنهج الحوار الحقيقي؛ لأن سياستها وتنكرها للحوار الحقيقي والمتغيرات التي أنتجتها سياستها الفاشلة والمتطرفة بها، استبعدت نفسها بنفسها وأننا لحريصون على الضمير الحي أن وجد عند عقلاء الطرف الآخر.

*وعلى ماذا تراهنون؟.

الرهان على الله سبحانه وتعالى وعلى الوعي الوطني المتنامي لدى كافة فئات وشرائح الشعب وعلى كل القوى المخلصة لوطنها وشعبها، والتاريخ علمنا مراحل صعود الأنظمة وسقوطها وباستقراء هذه العوامل والمعطيات وفعل السلطة وإجراءاتها في الميدان يتحدد ذلك الأفق الزمني، ولكن نقول كيف تستوعب وتقرأ هذه العوامل والمعطيات من قبل الممسكين بالسلطة.

*ولكن لماذا فشلتم حتى الآن في التوصل لاتفاق مع المؤتمر لتنفيذ اتفاق فبراير والدخول في الحوار الشامل؟.

السبب, الخلاف بين منهجين مختلفين.. المشترك الذي يعمل على الأجندة الوطنية بمسؤولية وإدراك للمخاطر التي تمر بها اليمن، والسلطة التي لا تعي أي مسؤولية، وتتصرف حسب هواها وحساباتها الضيقة والخاطئة، وكما قلت لك سابقا السلطة تريد من الحوار منتجا لها من جديد كالانتخابات.. عشرون سنة وهي تنتج بنفس الآلية وبنفس الوجوه.

*والمبادرة السورية إلى أين وصلت؟.

الأخوان السوريون طلبوا مساعدتنا من منطلق حرصهم القومي والأخوي على أمن واستقرار ووحدة اليمن ونحن قدرنا هذه الجهود المخلصة وقدمنا ردنا لهم و حتى الآن لم يصلنا أي رد من المؤتمر بالرفض أو القبول سواء مباشرة أو عبر السوريين، وعلى ما يبدو أن خطاب الرئيس كان التعبير الأدق لموقف السلطة من الاتفاق.

*ومبادرة المعهد الأمريكي؟.

قدم المعهد أفكارا ربما صُدم بمواقف الطرف الآخر وحتى الآن لم يتم التوصل لأفكار معينة وبالنسبة لنا فنحن متمسكون باتفاق فبراير نصا ومضمونا.

*هل صحيح طرح عليكم التوقيع على الاتفاق في لبنان، لتهريبكم من ضغوط حميد الأحمر؟.

مشكلة الطرف الآخر أنه لم يستطع أن يستوعب تجربة المشترك، فالمشترك ليس لديه أشخاص هم الذين يقررون، هناك مؤسسات بنيت على قاعدة الحوار والتوافق السياسي والرأي والرأي الآخر، وهذه تجربة عظيمة لم يرق وعي السلطة لهذه التجربة المميزة، والشخصنة للقضايا موجودة عند الطرف الآخر.. وليس عند المشترك والكلام أن حميد الأحمر هو من منع المشترك من التوقيع على الاتفاق ليس صحيحا إطلاقا والمشترك متمسك ببنود الاتفاق بندا بند.

*في ردكم على السوريين.. ما الفرق بين عبارة "المشترك وشركائه" التي قدمتموها وبين عبارة "المشترك ومن يريد" في محضر الإرياني؟.

بالتأكيد نحن شركاء مع اللجنة التحضيرية، فعلينا أن نعمل بموجب الشراكة وهذه الشراكة هي التي تحكمنا ولسنا من يحكمها أو يفصلها على ذاته، فعلى السلطة الترفع عن التحجج بهذه التعريفات ونقول لهم استوعبوا المشترك فهو يحمل مشروع وطني وهو من يحكم سياسة المشترك وليس الرغبات والذاتية، أكرر وأقول استوعبوا على الأقل هذه المفردة.

*وهل تنوون باشتراط التناوب على رئاسة اللجنة التحضيرية المشتركة المقترحة تعيين حميد الأحمر رئيسا لها من قبلكم؟.. ومعروف أن الرئيس معترض عليه؟.

عندنا هيئات هي التي تقرر، وهذا الكلام سابق لأوانه، والمشكلة ليست في ذلك، المشكلة أن السلطة لا تريد الحوار، تريد استهلاك الوقت إلى موعد الانتخابات المقررة في أبريل 2011م، وبه توصل المشترك إلى خيارين إما تمديد جديد، أو كلفتة الانتخابات بالآلية التي تريدها.. وأعتقد أن مستقبل البلد أهم من مستقبل الأشخاص ومتطلباتهم ورغباتهم وفي نفس السياق لنا خيارنا.

*وماذا عن خياركم أنتم؟.

لن نمكنهم من هذين الخيارين سيكون لنا خيارنا الذي يتناسب مع متطلبات شعبنا ووطننا والمرحلة المقبلة.

*هل يعني أنكم ستفشلونها؟.

كما أكدت لك في السابق، اليوم وليس بعد سنة، هل البلد والظروف مهيأة للانتخابات؟.. لا.. إذا المرحلة لم تعقلها السلطة ومتطلباتها ستكون هي والوطن في وضع آخر من الخطورة..

*وهل يمكن أن نفهم أن اعتصاماتكم الخميس الماضي لتعقيل السلطة؟.

المشترك تفرض عليه مسؤولياته تحذير السلطة بأن لا تغامر أكثر مما قد غامرت؛ لأنه إذا ترك لها المجال فيعني ذلك أننا أعطيناها ما تبقى من استقرار اليمن تعبث به كيف ما تشاء!.

*هل كانت رسالة للسلطة؟.

نعم بالتأكيد.. وستأتيها رسائل أخرى، فالشعب وقواه الوطنية لن يسمح للسلطة بأن تغامر بمستقبله أكثر مما قد غامرت.. على السلطة أن تختصر المسافة وتختصر الوقت ولتعود إلى طاولة الحوار الشامل برشد ووعي، ما لم فهناك مثل يقول على نفسها جنت براقش.

*أخيرا.. هل يمكن تلخيص ما يحدث بينكم وبين السلطة أنه صراع بين مشروعين أحدهما يريد ما بعد الرئيس مختلفا والآخر لا يريد أن يستسلم بسهولة؟.

بالتأكيد نحن نريد يمنا جديدا مختلفا عن الماضي والأوضاع الراهنة المأساوية، نريد دولة حديثة، دولة المؤسسات والقانون نريد يمن مستقر يمن يحكمه العدل والعدالة والحرية والمواطنة المتساوية والشراكة الحقيقية في الدولة والثروة .

*وإذا لم تستسلم السلطة؟.

هنا على القوى الوطنية والسياسية أن تستكمل الحوار، وما سيفضي إليه من نتائج تتحمل مسؤولياتها وتعمل لتحقيقه على الأرض.

*ومن سينتصر؟.

سنترك ذلك للشعب.

*وتراهن على الشعب؟.

نعم.. ولإيماننا أننا في الاتجاه الصحيح من أجل المصلحة الوطنية والحفاظ على وحدة البلد واستقراره ومحاربة الفساد والاستبداد والاستئثار بالثروة والسلطة، وأن ذلك مهمة مقدسة على كل مواطن، فقد صار هذا الواجب فرض عين ليس فرض كفاية، وعلينا أن نستشعر جميعا الأخطار المحدقة وإلا ستكون الهالكة على الجميع. وأدعو كافة القوى الوطنية إلى الالتفاف حول المشروع الوطني، فالمرحلة تتطلب من الجميع تحمل المسؤولية.