هل ينقذ الخليج اليمن.. ؟ تقرير

الأربعاء 04 مارس - آذار 2015 الساعة 08 مساءً / مأرب برس - تقرير/احمد الضحياني
عدد القراءات 4193
  

في منتصف 2014 وقعت دول الخليج العربي وعلى وجه الخصوص السعودية ضحية للعبة مخابراتية دولية في اليمن حينما تغاضت عن سقوط محافظة عمران بيد المليشيات الحوثية بمساندة قوات الحرس الجمهوري الموالي للمخلوع صالح. وتعاملت مع الامر على انه سقوط للقوى القبلية والعسكرية الموالية لحزب الاصلاح حد افادة الرئيس هادي الذي بادر زائرا للسعودية بنفس اليوم لسقوط عمران ليطمئنها ان عمران عادت لسيطرة الدولة.

هذا الخطأ الاستراتيجي للمملكة كان هدفا استراتيجي لمشروع التخادم الامريكي الايراني لتمكين الحوثيين من السيطرة على عمران كمفتاح الدخول الى العاصمة صنعاء وهو ما حدث بالفعل.

كانت الاحداث المتلاحقة بعد احكام الحوثيين السيطرة على صنعاء أمر مقلق لدول الخليج، حيث وجدت نفسها غير قادرة على ممارسة دورها السياسي ،بالإضافة الى الخطر الذي بات يمثله الحوثيين أحد اجندة ايران في اليمن على امنها القومي والاستراتيجي. كما يمكن القول ان المشكلات التي تناثرت في البيت الخليجي والتي ظهر منها على السطح سحب سفراء السعودية والبحرين والامارت من دولة قطر جعلها منشغلة في كيفية تطبيع العلاقات فيما بينها وحل مشكلاتها، وجعلها ايضا شبه غائبة واكثر رخاوة تجاه ما يرتب ويجري في اليمن.

 توصلت دول الخليج متأخرا الى تسوية الخلافات والتي عاى راسها اعادة السفراء الى دولة قطر نهاية العام 2014م. وقادت المملكة العربية السعودية حوارا لتطبيع العلاقات بين قطر ومصر. فيما كانت اليمن نهاية 2014م تعيش اسوء حالاته من سيطرة المليشيا الحوثية على مؤسسات الدولة ونهبها للمعسكرات والمعدات الحربية للجيش والقيام بعملية حوثنة واسعة لمؤسسات الدولة المدنية والعسكرية. أثمرت تسوية دول الخليج لبهض خلافاتها فيما بينها موقف ثابت يرفض الانقلاب الحوثي وتمسكها بالشرعية والمبادرة الخليجية، وتبنيها لمشروع قرار لمجلس الامن يفرض عقوبات على الحوثيين ويطالبهم سحب مليشياتهم من العاصمة صنعاء وبقية المحافظات، كما قامت بسحب سفرائها من صنعاء، ومن ثم اعادتهم للعمل في عدن بعد عودة الرئيس هادي لممارسة مهامه وهذا يدل على عودة الذراع الخليجية لليمن ومؤشر على تبنيها وتصدرها لمهمة انقاذ اليمن مجددا.

العوامل والروابط المشتركة بين الخليج واليمن

 تربط اليمن بدول الخليج العربي العديد من الروابط المشتركة والتي منها:

 *روابط اجتماعية ذات بعد تاريخي في كون اليمن اصل للقبائل التي انتشرت في في ربوع الجزيرة العربية كقبيلة كندة وغيرها حيث تمثل هذه روابط مشتركة لتعزيز الهوية الاجتماعية الواحدة لدول مجلس التعاون الخليجي واليمن.

 *الرابط الثقافي حيث تربط اليمن بالخليج روابط ثقافية اللغة الواحدة والدين الواحد وهو ما يجعل عملية الاندماج الثقافي عملية سهلة وسريعة وتساعد الحفاظ على الهوية .

دعم الخليج لليمن دليل المصير المشترك

واصلت دول مجلس التعاون الخليجي جهودها في اليمن كدلالة على المصير المشترك، فقد اعلن الامين العام لمجلس التعاون الخليجي عبدالرحمن العطية في 14يناير2008م في قمة الدوحة مقترح مقدم من ملك السعودي عبدالله بن عبدالعزيز يقضي بدعم اقتصاد اليمن في اقتصاديات دول التعاون. وتمثلت هذه الجهود في دعم مشاريع التنمية والبنى التحتية في اليمن حيث عقد مؤتمر المانحين في لندن بشأن هذا الخصوص لتنفيذ المشاريع التنموية التي رصد لها خمسة مليارات دولار. وانصبت الجهود على كيفية استيعاب اموال وتعهدات المانحين ،وبسبب الفساد المستشري في مؤسسات الدولة وسيطرة شبكات النافذين من نظام المخلوع صالح على اجهزة الدولة، وضعف اجهزة الدولة ايضا لم يتم استيعاب اموال المانحين باكملها بل تم انجاز تخصيص مبلغ(3)مليارات(819)الف دولار من اجمالي تعهدات المانحين البالغة(5)مليارات و(300)و(12)الف دولار وبنسبة تخصيص بلغت %71.9. حيث بلغت تعهدات دول مجلس التعاون الخليجي مليار و600مليون و31الف دولار، و تصدرت المملكة العربية السعودية قائمة التخصيصات حيث بلغ اجمالي تعهداتها مليار ومائة مليون وواحد وثمانون الف دولار. واحتلت سلطنة عمان المرتبة الثانية حيث بلغت تعهداتها 100مليون دولار.

كما تعكس الروابط المشتركة والمصير المشترك لليمن ودول مجلس التعاون الخليجي قبول انضمام اليمن الى بعض المؤسسات التابعة لمجلس التعاون الخليجي .

وهذا يدل دلالة واضحة على عمق المصير المشترك والدور الخليجي في المساهمة في دعم اليمن تنمويا، ولكن فشل النظام السياسي الذي حكم اليمن سابقا ومحاولته تطبيع مسار العلاقة لصالحة في توريث الحكم لعائلته أثر سلبا على منحنى العلاقات بين اليمن ودول التعاون ،حيث عمل على ابتزازها وتهديدها بورقة الارهاب وهاجس المخاوف الامنية.

ويعود جذور الدعم الخليجي لليمن الى الثمانينات فقد عملت كل من الكويت ودولة الامارات بقيادة الشيخ زايد بن سلطان على انشاء العديد من البنى التحية والمؤسسية في اليمن كالمدارس والمستشفيات والجامعات والسدود المائية. كما عملت دول التعاون الخليجي على استيعاب العمالة اليمنية حيث تصدرت العمالة اليمنية اعلى نسبة في المملكة العربية السعودي تلتها قطر والبحرين والكويت والامارات.

وفي 2011م تقدمت المملكة العربية السعودية ومن معها من دول المجلس بالمبادرة الخليجية كتسوية سياسية لنقل السلطة في اليمن بعد ثورة شعبية شهدتها كافة ربوع اليمن.

 واعتبر البعض المبادرة الخليجية انها انقذت اليمن وجنبته الحرب الاهلية، رغم التفاف البعض عليها في الداخل اليمني ورفض البعض الاخر لها. كما مثلت المملكة العربية السعودية ودولة قطر الحضن الدافئ للحكومات اليمنية لإغاثة وانقاذ انهيار الدولة اليمنية من ازماتها الاقتصادية المتكررة بفعل السياسات الخاطئة للنظام السابق، ومدت يديها بسخاء لدعم الموازنة العامة للدولة، بالإضافة الى دعم المشاريع التنموية والخيرية.

كيف يمكن للخليج انقاذ اليمن؟

يمكن لدول مجلس التعاون الخليجي ان تلعب دورا رئيسا ومحوريا في انقاذ اليمن من الغرق في شراك المصالح الدولية والاقليمية واطماع ايران التي باتت تطل براسها على دول الخليج العربي وتهديدها لمصالحها القومية والاستراتيجية عبر الممرات البحرية وهذا الدور يتمثل بالاتي:

*دعمها للشرعية المتمثلة بالرئيس هادي وعودة المؤسسات من حضن المليشيا الحوثية.. وقد كان موقف دول مجلس التعاون الخليجي واضحا واعلن مبكرا رفصه للانقلاب الحوثي وابدء استعداده لكل الاجراءات المتعلقة بذلك ،وتكلل دورها بدعمها للشرعية من خلال فرض عزلة دولية واقتصادية على الانقلاب الحوثي بصنعاء الذي يسانده المخلوع صالح.

 *دعم القوى والمكونات الثورية والقبلية الرافضة للانقلاب الحوثي ومساعدتها في تكوين اكبر تحالف للإسقاط الانقلاب الحوثي واستعادة الدولة بحيث يصير لهذا التحالف حاضن اقليمي.

*السعي الجاد لاعادة تطبيع العلاقة مع حزب الاصلاح اليمني اكبر الاحزاب اليمنية لما له من امتداد تنظيمي وشعبي واسع كجبهة سياسية وشعبية قوية عصية على الانكسار، والقادر الفعلي على مواجهة الانقلاب بشقيه(الحوثي-والمخلوع صالح).على اعتبار ان الصراع الذي يحدث في اليمن له امتداد اقليمي ودولي محوره الخلفي(ايران وروسيا ).وحشد الاحزاب الرافضة للانقلاب تحت قيادته اي الاصلاح.

*دعم استكمال ما تبقى من المبادرة الخليجية وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني، وكذلك دعم ما تضمنه بيان الرئيس هادي في 20فبراير ،كما يمكن للسعودية رعاية الحوار بين القوى السياسية بديلا عن المبعوث الاممي جمال بن عمر كونه فشله الذريع .

أيضاً إن استعادة الدولة اليمنية المخطوفة من قبل مليشيات الحوثي المسلحة ومن ثم إيجاد بيئة آمنة في شتى المجالات وحل كافة المشكلات الأمنية وخاصة ما يسمى بتنظيم القاعدة وعنف الحوثيون والحراك المسلح ملف يجب ان يسيطر على العلاقات اليمنية الخليجية

, فهناك كثير من النقاشات رأت أن أمن واستقرار اليمن يعد عنصراًً في امن واستقرار الخليج العربي, بمعنى أن امن واستقرار الخليج مرتبط بأمن واستقرار اليمن.. فاذا كان التنسيق الأمني في الفترة السابقة مقتصراً على تبادل المعلومات الاستخباراتية ومكافحة الإرهاب.. فهي تعتبر من الترتيبات اللحظية التي فرضتها حالة الهيمنة الأمريكية على المنطقة.. ومواجهتها بالطريقة السابقة لن يسد الفجوات الأمنية بقدر ما ينتج إطار يتواجد فيه كل ما بشأنه يعكر الأمن والاستقرار, فحينما نناقش البعد الأمني للعلاقات اليمنية الخليجية لابد أن ننوه بأنه لا يتمحور الأمر حول جانب محدد ولكن لابد من توسيع المدركات الأمنية لتتجاوز التنسيق العسكري إلى محددات الأمن الإقليمي في الجزيرة العربية.. ذلك مرتبطاً ارتباطاً وثيق بموقع اليمن وما يمثله من أهمية استراتيجية ذات أبعاد سياسية واقتصادية وإطلالها المباشر على البحر الأحمر والبحر العربي ومضيق باب المندب.

وما سيمثله هذا الموقع في تعزيز العلاقات اليمنية الخليجية ..وعلى دول الخليج اليوم جعل نفسها وجود في معادلات توازنات القوى في المنطقة التي يريد مشروع التخادم الامريكي الايراني جعلها منطقة تحت بؤرة الصراع والتنافس الدولي والاقليمي الذي دائما يحرص على مصالحه, وإعادة رسم المنطقة في الجزيرة العربية بما يتناسب مع المصلحة اليمنية الخليجية .

لهذا فان محددات العلاقات اليمنية الخليجية اليوم يجب ان يشمل الابعاد التالية:

الموقع الاستراتيجي لليمن والمنطقة

ان الموقع الاستراتيجي لليمن وما يمثله هذا الموقع من مجال حيوي.. فهو يطل على البحر الاحمر والبحر العربي والمحيط الهندي.. حيث يمثل خليج عدن ومضيق باب المندب المدخل الجنوبي للبحر الاحمر اهمية مضاعفة في تامين عبور السفن البحرية الدولية والإقليمية.. وما يمثله خليج عدن من اهمية حيث يمر منه ويلتقي عنده اهم ثلاثة ممرات مائية بحرية دولية: الأول الخط القادم من الخليج العربي والثاني الخط القادم من شرق وجنوب شرق آسيا.. والخط القادم من شرق افريقيا وجنوبها الى البحر الاحمر وتؤثر على حركة الملاحة في البحر الاحمر كأهم ممر مائي شديد الحيوية لحركة النقل البحري وحركة التجارة العالمية يربط من جهة بين جنوب شرق آسيا وجنوب أفريقيا وأوروبا والأمريكيتين من جهة.. كما أن هذه الممرات للملاحة البحرية واقعة ايضا في منطقة شديدة التوتر والصراع والفوضى الأمنية (ابتداء من الصومال وجيبوتي وحتى أرتيريا وأثيوبيا) وما يمثله التواجد الأجنبي على سواحل واراضي هذه الدول القوات الأمريكية المتمركزة في جيبوتي والوجود الصيني الإيراني في الصومال والتواجد الاسرائيلي الامريكي في أريتيريا, مما جعل المنطقة اكثر سخونة.. ويعود التواجد الأجنبي العسكري في هذه الدول بسبب تحولها الى دول فاشلة وغير قادرة على ايجاد نفسها وتأمين المجال الحيوي الذي يحوي العديد من الممرات المائية والملاحية البحرية والتي تمثل الامن الاستراتيجي للعالم والتي تمر منه الناقلات النفطية واكثر من 15الف سفينة بحرية سنوياً.. ومدخل جنوبي واستراتيجي لحقول النفط العربي

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن