عندما يهرب الدكتاتور كالفأر
نائف مناع
نائف مناع

ساندتهـ الأقدار وحالفهـ الحظ وواتتهـ الظروف ليجد نفسهـ في سدة الحُكم جالساً على كرسي العرش للبلاد التي سادها ليس لأنهـ وريث عرش الكرسي أو أنهـ أهلاً لها ، فبدأ بإصدار الأوامر ليتم تنفيذها بسرعة تفوق سرعة الضوء ، بعدها يختار لهـ مُستشارين ووزراء وقّوادين يأتون لهـ بُكل شيئ قبل أن يرتد إليهـ طرفهـ ...

بعد الوصول لكرسي العرش بدأ يتمترس فيهـ وفي ظل أجهزة امنية قمعية لاهمْ لها سوى حماية ذلكـ الكرسي ومن يتربع فوقهـ ، أباح لنفسهـ ماليس مُستباح شرعاً وعُرفاً ودستوراً فبدأ يتلاعب بثروات البلاد وخيراتها من خلال عقوداً لشركات أجنبية تنهب تلكـ الثروات مقابل نسبة مقطوعة أو شراكة تضامنية تضمن لهـ أموالاً سيغتني بها شعوباً بأكملها وستكون كفيلة بمعالجة مشكلة الفقر المنتشرة في شتى أصقاع المعمورة ...

أباح لكُل من تولى منصب وزارة أو إدارة أو قيادة بالنهب والسلب والعبث والعيث في ثروات البلاد كي لايجد من يلومهـ او يحاسبهـ على ما أباح لنفسهـ وأستباحهـ ، وبذلكـ تتسع دائرة الفساد لينتشر على أثرها الفقر والبطالة وما إن تتفاقم مشكلة الفقر والبطالة لتطال أغلب فئات الشعب التي تقتات على خطابات وشعارات ووعود يقوم بإلقاءها ذلكـ الدكتاتور تحت مُسمى الوطن ورفعة الوطن والنهوض بهـ بينما الوطن يئن وعلى أنين الوطن يتألم الشعب الذي سيثور يوماً متى ماوجد نفسهـ بين فكي الفقر والبطالة التي بها يتحقق الموت ، ووجد بأن عليهـ قبل أن يموت بأن يُميت ذلكـ الدكتاتور وحاشيتهـ الفاسدة ...

يحكمون طيلة أيام حياتهم ، وتتخلل تلكـ الأيام أحداث ومواقف وفيها يتلاعبون بعواطف الشعب المغلوب على أمرهـ بكلمات يقومون بصياغتها تتضمن بأن لا جلوس على كرسي الحكم مدى الحياة بينما لم نرى أحد أولئكـ الزعماء -الذين يمترسون تحت ظل انظمة لاتمت للملكية بصلة يموتوت ويقومون بتوريث الحُكم لأبناءهم مثلما فعل معاوية عندما قام بتوريث الحُكم لإبنهـ يزيد ليقوم بسن سُنّة وافقت هوى الكثير من الدكتاتوريين العرب – تنازل عن الحُكم بإسم الديمقراطية المستوردة والتي يزعمون بها أنها حُكم الشعب بنما الشعب لايزال محكوماً مُستعبداً في ظل تلكـ الديمقراطية المزعومة ...

جميع الأجهزة التي يقوم بإصدار قرار بإنشاءها والتي تشمل الجانب الإستخباراتي بكافة أجهزتهـ المهمة الوحيدة لها هي مطاردة الشعب المغلوب على امرهـ كي لايتفوهون بكلمة مقصوداً بها ذلكـ الدكتاتور وليس كما يظن البعض بأن مهمتها مقصورة على حماية البلاد التي لم يأتي لها عدواً غازياً من الخارج ...

وفي ظل حُكم الدكتاتور البائس تنتشر ثقافة الفساد لتشمل عامة الشعب لتبدأ رحلتهـ مع الفقر والبطالة ، وفي ظل سياسات الحكومة العقيمة التي تتخذ إجراءات الغرض منها هو إيصال الشعب إلى حافة الموت ، ولكن تبدأ الشرارة الأولى في الإنطلاق ، ولكن من سيقوم بالتضحية بنفسهـ ويجعل نفسهـ شرارة تتحول إلى ناراً حارقة يحترق بها ذلكـ الدكتاتور البائس وحكومتهـ التي أوكل لها شؤون البلاد ، لايستطيع أحداً من الشعب المغلوب على أمرهـ في ظل الأجهزة الامنية القمعية أن يكون شمعة تحترق لتبدأ بعدها حياة شعباً بأكملهـ ...

بسبب الفقر والبطالة والإجراءات المُتخذة من الحكومة والتي بين طياتها تحمل الموت لذلكـ الشعب نهض أحدهم ليقوم بإحراق نفسهـ ليكون شمعة تُنير الدرب لغيرهـ ، وشرارة تنطلق منها ناراً ليست سوى ثورة شعب جائع مقهور ومغلوب على امرهـ ، ذلكـ الدكتاتور الذي نهب وسلب ثروات البلاد يقطن القصور ولايعرف عن الشارع ومن يسكنهـ ويسكن مُدن الصفيح شيئاً ، حتى تلكـ الأجهزة الإستخباراتية لاتقوم بإيصالهـ سوى تلكـ المعلومات التي تمس سعادتهـ ، ولاتنقل لهـ حال الشعب الذين نسوا بأنهم ينتمون إليهـ وفي يوماً سيعودون إليهـ يلعنون ذلكـ الدكتاتور ويلعنون أنفسهم لأن ولاءهم كان للدكتاتور وليس للوطن وشعبهم ...

في خضم تلكـ الحرائق التي أشعلتها تلكـ الشرارة الصغيرة بدأ الدكتاتور يحزم امتعتهـ برفقة أسرتهـ إستعداداً للهروب في حالة عدم السيطرة على تلكـ الحرائق التي جابت شوارع ومُدن البلاد بأكملها تعبيراً عن غضبهم لما لحقهم نتاج سياسة الدكتاتور وحكومتهـ الفاسدة ...

تحركت كافة الأجهزة الأمنية التي ترتبط بالدكتاتور لقمع تلكـ المُظاهرة التي أستحالت إلى ثورة لم تصمد أمامها تلكـ الأجهزة رغم كثرة سقوط الضحايا من الثوار الذين لم يثوروا على مستعمر ومحتل أجنبي بل ثاروا على إبن وطنهم الذي عقّ وطنهـ ونال عقاب عقوقهـ من حيث لم يشعر ...

ردّد الشعب الثائر مقولة مضمونها : من كان ولاءهـ للدكتاتور ، فإن الدكتاتور قد هرب وعليهـ اللحاق بهـ ، ومن كان ولاءهـ للوطن فإن الأوطان تبقى ولاتموت وعليهـ البقاء ...

أكتظت المطارات والموانئ البحرية والمنافذ البرية بالذين لم يكونون يوماً على وفاق مع الوطن وولاءهم كان لذلكـ الدكتاتور الهارب...

أي موطناً سيستقبل ذلكـ الدكتاتور الذي هرب وتركـ وطنهـ بعد ان أحالهـ إلى جحيماً لايُطاق بسبب سوء حُكمهـ وإدارتهـ للبلاد التي أنتفضت ضد ظُلمهـ وإستبدادهـ لشعبهـ الذي تغلّب على كُل ماكانت ولازالت الشعوب تظن بأنهـ لن يتغلب عليهـ سوى الموت عندما يحين موعد أجلهـ وهو مُتربعاً كرسي الحكم ..
في الأحد 16 يناير-كانون الثاني 2011 07:26:48 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.net/articles.php?id=8789