إما أن تكون أو لا تكون يا سيادة الرئيس؟
نشوان محمد العثماني
نشوان محمد العثماني

ذهبت أتربة الحرب الصعداوية فجاجا لم نكن نتوقعها, وإن كانت امتدادا طبيعيا في تحولها الأخير نحو السعودية, للتراكم الذي سبقها, إلا أن ملامح القادم مخيفة من حجم التحولات المتسارعة على كل الصعد. وإذا نظرنا للبانوراما التراجيدية المرتسمة الآن في عموم البلد, سنجد فاجعة مهولة قد حلت بوطن 22 مايو. فحرب صعدة لا تزال تقرع طبولها, وبعصي أكبر من ذي قبل, بالتزامن مع ارتفاع وتيرة الاحتجاجات المطلبية لأبناء الجنوب, الذين في أقل من عشرين عاما تحولوا من محققي الوحدة اليمنية إلى مطالبين بفك الارتباط منها, كنتيجة لا أود حاضرا ألج تفاصيل أسبابها.

لكن ما يهمنا في خضم هذه النتائج الملتهبة, للأسباب التراكمية التي رافقت النظام الحالي منذ أمد بعيد, أن توصلنا, نحن وغيرنا, إلى أن نظام الرئيس علي عبد الله صالح لم يعد صالحا للحكم على الإطلاق منذ ما بعد انتخابات 2006م.

لكن المشكلة تكمن في أن الرئيس صالح غير مقتنع بحقيقة كهذه, وكما يعرفه الجميع فإن أهم خصلة يتميز بها, وإن كانت سلبية, هي المكابرة ولو كان على غير الصواب. وفي ظل إصراره في البقاء على رأس السلطة, وربما يتخذ خطوات تزيد الطين بلة, تكمن مشكلة أكبر تعقيدا من سابقتها. فلا هو مقتنع بالتنازل عن الحكم, ولا يستطيع إيجاد حلول لهذه الأزمة الطاحنة. فما الحل إذن؟.

إننا إذا أضفنا خيارا ثالثا, فهذا يعني أن سياسة الحكم الحالي تدعو إلى خيارين إضافيين, أحلاهما مر, إما الانقلاب الثوري الذي لا يحبذه أحد في العصر الراهن, وإما انتظار الأجل الحتمي الذي سيشكل معه الغياب المفاجئ لكرسي السلطة, فرصة ذهبية ستفسدها أطماع الكثيرين, وسيصك الجميع خياراته الخاصة, ومآل هذه الخيارات عدم الاتفاق على البديل بكل تأكيد, وهو ما سيقود إلى فرض حكم عسكري أسوأ من سابقه, أو تذهب اليمن شذرا, كما كانت زمن دويلاتها القديمة كما ينبئنا التاريخ.

ولا أتنمى هنا أن يقدم الرئيس استقالته لمجرد الاستقالة فقط, فهذا ما لا يرجوه لبيب, ولكن عليه أن يعزم على اتخاذها في ظل تهيئة الملعب السياسي من صخور الممارسات التي دكت أرضيته, حتى تكون اليمن مهيأة للتبادل السلمي للسلطة الذي لم يحدث في تاريخها على الإطلاق.

ولا أستطيع التمني في أن يحدث هذا, ولا يحدث ذاك, إلا أنني أرجو أن تكون عند الأخ الرئيس الشجاعة التي قالها ولم يفعلها في عامي 2005 و2006, فليفعلها الآن؛ لأن أزمات اليمن الحالية وما ستئول إليه, لن يتحمل وزرها غيره, كما أن اليمن لا تؤمل على أحد أكثر مما تؤمل عليه؛ لتخليصها مما هي فيه, فإن أراد التاريخ وحسن النهاية, فليفعل ما تتطلبه بلده ويتمناه شعبه الكريم, وإن أراد غير ذلك, فلست أذكى منه في توقع المصير. وليس أصعب على الإنسان من أن يُرمى في مزبلة التاريخ.

nashwanalothmani@hotmail.com


في الإثنين 16 نوفمبر-تشرين الثاني 2009 07:39:23 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.net/articles.php?id=6069