عيد ميلاد العاصفة في صنعاء !!
عارف الصرمي
عارف الصرمي
لم تحتفل قوات التحالف بعيد ميلاد العاصفة التي شنتها بجيوش ١٤ دولة في وجه الانقلاب في اليمن !
ولم تخرج لنا كل رموز الشرعية في عدن والرياض بأي تصريح او حتى تلميح تزهو فيه بمنجز حقيقي ملموس حققته لاستعادة الدولة !
والمفارقة أن طرفي تحالف الدولة العميقة مع السلطة الفعلية وانصارهما هم اللذين أقاموا الدنيا ولم يقعدوها وهم يحتشدون ويتظاهرون في وضح النهار في قلب صنعاء، تحت سمع وبصر وصوت طيران التحالف !!
مالذي أنجزه الحوثي والرئيس السابق ليحتفلوا به بكل هذا الزهو وهم لايزالون يواجهون حربا شاملة تستهدفهم من السماء والارض منذ سنة كاملة قتلت منهم الآلاف ودمرت منازلهم ولاتزال تحلق فوق رؤوسهم وتدك المدن والاسواق والتجمعات وهي ترصدهم وتطاردهم ! 
فيما الصمت المخزي 
هو لغة الشرعية الدستورية المسنودة محليا و اقليميا ودوليا 
من العرب والعجم؟ !
و من اللافت جدا أن تحالفا لجيوش ١٤دولة تحارب وتقاتل الحوثي وصالح واتباعهما، ثم تنقضي علي الحرب ١٢ شهرا ولم تستطع حتى ان تقلل فقط من اعداد المناصرين للانقلاب !
وهو ما يفجر اسئلة من العيار الثقيل عن حقيقة قدرة دول العاصفة او رغبتها في القضاء على صالح والحوثي ! اللذين يقاتل جيشهما ولجانهما الشعبية بمختلف الجبهات ، ولم يمنع او يقلل ذلك من ضخامة الحشود التي حضرت لهما مهرجانين منفصلين بيوم واحد في وضح النهار ، لدرجة انهم كانوا بكامل نشوتهم ولم يتعرضوا حتي لمجرد ازعاج من طيران التحالف الذي رافقهم وظل يحلق فوق رؤوسهم علي امتداد زمن المهرجان الذي تواجد فيه شخصيا الرئيس السابق صالح بشحمه ولحمه
وخطب في الجماهير تحت سقف سلاح وصواريخ طيران التحالف العربي بقيادة السعودية !!!
لا اعتقد ان من الحكمة ان يمر هذا الحدث امام اعيننا مر الكرام دون ان نسأل انفسنا عن سر احتفاض صالح والحوثي بشعبيتهما فيما لاتبدوا الصورة كذلك بالنسبة للرئيس هادي وحكومته وفريقهم المدني والعسكري في الرياض !
أكاد أجزم ان اليمنيين في الداخل بما فيهم خصوم الحوثي وصالح باتوا يشعرون بخيبة امل كبيرة جدا بكل قيادات الشرعية ، لأنها لم تضهر من أجلهم حتي مجرد عتب على قوات التحالف حيال الآلاف من المدنيين غير الموالين للانقلاب اللذين قتلتهم العاصفة ،واضعاف اضعافهم من الجرحي بحجة استهداف اماكن تواجد الحوثيين !
كما ان هذه الشرعية لا تزال ساكتة و عاجزة و تغض الطرف عن سياسة التحالف العربي في الحصار الاقتصادي علي الشعب بأكمله في الداخل ليفترسهم الفقر بلا رحمة و تتناهش غلاء المعيشة كرامتهم دون ان يتعاطف معهم احد على الاطلاق حتى الان !!
و بإدراك هاتين الحقيقتين فقط يمكن لنا فهم الاسباب التي تجعل سنة كاملة تنقضي من عمر أشرس واعنف الحروب في تاريخ اليمن ، ومع ذلك فمن يصمت بعدها ويغيب هو صوت قيادة الشرعية !،
فيما لايزال الحوثي وصالح وسط الجماهير !!
وعموما ،، فمن شاهد المهرجان الكبير الذي احتشد للرئيس السابق سيدرك بما لايدع مجالا للشك حقيقة أن الدولة العميقة التي كان الرجل يدير بها البلد هي التي حشدت وحضرت مهرجان صالح !! تماما كما كانت تفعل الشيئ نفسه إبان حكمه ،ليتأكد للجميع أن صالح خرج فقط من السلطة وشرعيتها،التي انتقلت للرئيس هادي في حين لايزال صالح محتفظا لنفسه بكامل نفوذ الدولة العميقة ممن اصطفاهم لنفسه دهرا في الجيش والامن والمخابرات وقيادات وكوادر حزبه المؤتمر الشعبي العام وشريحة كبيرة من مشائخ وقبائل الجغرافيا الزيدية التي كان اصلا قد قدم منها لحكم اليمن !!

كما أنه لاينبغي لمنصف التقليل من شعبية وجماهيرية الحوثيين في صنعاء والمحافظات المجاورة لها في ذات الجغرافيا الزيدية،
فيمكن القول ان الحوثي وصالح في هذه المساحة الجغرافية تحديدا يلعبان بملعبهما ووسط جمهورهما !
إلا ان الحقيقة ذاتها تتسع للقول بأن انصارالله بعد ان اصبحوا السلطة الفعلية فقد اصبح ما تبقى من مقدرات البلد تحت ايديهم و هو بالتأكيد مايسهل عليهم حشد الجماهير المؤيدة لهم او المتوددة لسلطتهم !
ولأن الفكرة تأتي بعد ان تنتهي السكرة ، فالآن وقد انفض سامر الحشود، تعالوا معي الى جردة حساب هادئة ومسئولة ،
لما صرفناه من وقت وجهد ومال
في هذه المهرجانات ثم لنرجع البصر كرتين ونفتش في النتائج ان كانت موجودة أم أن الحصاد ليس سوى كومة كبيرة من القش بلا محصول !!
فهل حقا يمكن لصالح والحوثي ان يصلوا لنتيجة من مثل هذه الحشود حتى لو كانت ملأت كل شوارع وأحياء وأزقة صنعاء ؟!
فكل حشود المهرجانات والمظاهرات والمسيرات والاحتجاجات السابقة مجتمعة طوال السنوات الماضية تؤكد لنا ان وضيفتها الوحيدة انها ترمز للشعبية والجماهيرية وليس غير ذلك !
فقد كان علي عبدالله صالح رئيسا لليمن ل٣٣عاما وكان يخرج اضعاف اضعاف هذه الحشود وبكل المحافظات اليمنية بمختلف المناسبات حتي الايام الاخيرة لحكمه ومع ذلك لم تمنع خروجه من الحكم !!
تماما كما ان الرئيس عبدربه منصور هادي حكم البلد لسنتين ونصف وخلالها كانت مقدرات الدولة تحت يديه ومعه حلفاؤه من حزب الاصلاح وبقية احزاب المشترك ومشائح( حاشد)اكبر قبائل اليمن،وجميعهم كانوا قادرين ان يحشدوا الجماهير المليونية إسبوعيا في اكبر محافظات اليمن حتى الايام الاخيرة لحكمه ، ومع ذلك اعتقلته جماعة الحوثيين وحبسته بمنزله و لم نسمع صوتا واحدا من كل تلك الحشود ولم تمنع نهايته التي كانت مؤكدة لولا التطور الدراماتيكي المفاجئ في فلم الهروب الكبير !!!
بل لقد كان الرئيس العراقي السابق صدام حسين اقوى الرؤساء العرب بما بناه من دولة العراق وجيشها وبقبضته الحديدية علي البلد وما فيه..
وقد أخرج الجماهير كالطوفان البشري تتظاهر دفاعا عنه و دعما له حتى آخر ايام حكمه !
ومع ذلك سقط حكمه وتم اعتقاله ومحاكمته واعدامه امام جماهيره وانصاره وامام الشعب والعالم !!!!
والخلاصة ان هذه الحشود لاينبغي ان نحملها فوق ما تحتمل،
ولا ان نتطلب منها فوق ما تطيق،
او نأمل منها ان تعطينا مما لا تملك !! 
فإذا تجاهلنا هذه الحقيقة وذهبنا ننتظر من الجماهير المليونية ان تعيد الحكم لرئيس سابق
او ان تمنع زواله من سلطة عابرة علي ضهر تحالف الضرورة !
فالمؤكد دائما ان الحمل الكاذب ليس سوى انتفاخ و رغبة بالتقيؤ ، لكن لا وجود ابدا للجنين !!!

في الأربعاء 30 مارس - آذار 2016 09:54:53 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.net/articles.php?id=42200