وعاد الزمان وعاد يوم حليمة
عبدالله عبدالكريم حسن الدعيس
عبدالله عبدالكريم حسن الدعيس


رغم ان التاريخ لا يعيد نفسه لكن الاحداث تتشابه
  منذ قرون ضاربة في أعماق التاريخ كانت للعرب حضارة بل دولة في الجنوب في ( اليمن السعيد ) مملكة (سباء ) وملكتها العظيمة بلقيس حوالي ٩٦٠ ق. م ما يعكس بعض جوانب الصورة الحضارية للدولة العربية التي شهدتها أرض اليمن في الجنوب وعندما انهار السد العظيم      ( سد مارب ) وحدثت هجرات من الجنوب الى الشمال بنى المهاجرون العرب وأقاموا حضارة بل ( دولة ) عرفت بدولة ( النبط) شملت جنوب فلسطين وسورية الجنوبية الشرقية وشرقي الاردن وشمال شبه الجزيرة العربية وشهدت هذه الدولة وعاصمتها ( البتراء ) حياة ذات حضارة واستقرار منذو أواخر القرن الثاني قبل الميلاد ووصفت هذه العاصمة بأنها ( حمراء وردية وقديمة يبلغ عمرها نصف عمر التاريخ )

وكانما شاء التاريخ الا تغيب عن الوجود دولة للعرب حتى تقوم اخرى ففي الوقت الذي كانت تحتضر فيه النبط وعاصمتها البتراء كانت تظهر دولة ( تدمر ) العربية الى الوجود وشملت هذه المملكة العربية في عهد ملكتها العظيمة ( زنوبيا ) سوريا وجزء من اسياء الصغرى وشمال شبه الجزيرة العربية وبلغت مبلغا في الحضارة والتجارة ؛ وعندما كان شمس تدمر آخذة بالغروب كانت هناك دولتان عربيتان تتخذان مكانيهما على مسرح التقدم و الحضارة إحداهما دولة ( المناذرة ) في الشرق في حوض ما بين النهرين على حدود الدولة الفارسية والثانية دولة ( الغساسنة ) في الغرب والتي شملت المساحة الممتدة من قرب البتراء الى الرصافة شمال تدمر والبلقاء والصفاء وحران والتي كانت ( بصري ) عاصمتهاالتجارية والدينية وصاحبة الكاتدرائية الشهيرة التي بنيت فيها سنة ٥١٢ م

وفي الوقت الذي كانت تسلم فيه دولتا ( المناذرة )  ( والغساسنة ) الروح كانت تبنى وتدعم في قلب شبه الجزيرة العربية تلك الدولة الاسلامية الجديدة التي قامت على أساس تعاليم الدين الاسلامي الحنيف عل يد خاتم الأنبياء والرسل   ( محمدابن عبدالله عليه أفضل الصلاة والتسليم )

و كما هي سنن التاريخ وصراع الحضارات

لم يكن الفرس والأحباش هم وحدهم الذين مدوا نفوذهم وأسباب سيطرتهم الى ارض شبه الجزيرة العربية بل ان الامبراطورية الرومانية قد نافستهما في هذا المضمار فدولة ( النبط) وحضارتها لم تترك وطابعها العربي لتنموا وتزدهر بل لقد عاجلتها محنة التدخل الاجنبي من قبل الرومان لتحول بينها وبين هذا الطريق منذو عصر ملكها الحارث ( ١٦٩ ق. م ) وتحولت هذه الدولة العربية الى مجرد جزء من الولاية الرومانية في غرب اسياء

وبيزنطة المسيحية قد جعلت الغساسنة يتنصرون في القرن الخامس الميلادي بعد ان اتخذت من المسيحية دينا رسميا ً لها

والحارث بن جبلة ( ٥٢٩ - ٥٦٩ ) يقود قومه الغساسنة في الحرب ضد المنذر الثالث اللخمي ملك ( الحيرة) لحساب الرومان ومكافأة له على انتصاراته يعينه الإمبراطور الروماني سيدا ً على كل القبائل العربية بسورية ؛ وتستمر بعد ذلك الأحقاد والاحن والمعارك بين العرب الغساسنة والعرب المناذرة لحساب كل من الفرس والرومان ، ف ( المنذر اللخمي ) احد ملوك الحيرة يأسر في سنة ٥٤٤ م احد أبناء الحارث ملك غسان فيقدمه قرباناً للألهة ( العزى ) ثم يعود المنذر الغساني بن الحارث لإحراق عاصمة اللخميين المناذرة فيكافئه الرومان بان يضعوا فوق رأسه التاج

( ويوم حليمة ) الذي اصبح وأصبحت أحداثه جزء من الملاحم وأيام العرب هو يوم من ايام الحرب بين عرب الغساسنة وعرب المناذرة اللخميين

( وحليمة) هذه هي بنت الملك الحارث الغساني التي استعرضت جيوش ابيها وطيبتها بيديها بالطيب وهي زاحفة الى ميدان القتال 

ورغم ان دولة الغساسنة قد قامت وعاشت في كنف الرومان فان تطورات الأحداث لم تجعل أباطرة الرومان يقنعون منها بالخضوع فوجهوا اليها الضربات ما مزقها شر ممزق وحولها الى مجموعة من الإمارات يحكمها أمراء لا صلة بينهم بل ان بعض هؤلأ الأمراء قد جعلوا ولاءهم لاكاسرة الفرس بينما بقى الباقون منهم على ولائهم لأباطرة الرومان !


في الإثنين 07 مارس - آذار 2016 07:57:04 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.net/articles.php?id=42130