مقبرة الغزاة غزوها بأبنائها
علي العقيلي
علي العقيلي

عُرف عن اليمن قديماً وحديثاً أنها مقبرة الغزاة، لكثرة الجيوش التي تغزوها ولا تعود لشراسة أهل اليمن، ولوعورة طبيعة جغرافيا الأرض، حتى قيل جبال اليمن تُقاتل مع أهلها .

قوى الاستعمار الحديث استفادت من أخطاء قوى الاستعمار السابق لليمن منذ ما قبل الميلاد إلى ما قبل ثورة 14 اكتوبر المجيدة، الذي كان يحتل اليمن بالتواجد العسكري على الأرض، مما يكلفها فاتورة باهظة للاستمرار في احتلال اليمن، والبقاء على أرضه، فترسل الجيوش تلو الجيوش ولا تعود .

بعد أحداث سبتمبر كنّا نسمع عن نيّة أمريكا في غزوا اليمن بعد افغانستان، وكان العديد من الساسة ورجال التاريخ يتحدثون عن اليمن بأنه سيصبح دولة محتلة عسكرياً بتواجد عسكري أمريكي على الأرض على غرار افغانستان والعراق .

وقد كانت الادارة الأمريكية تتحدث في العقد الماضي عن نيتها في تدخل عسكري على الأرض في اليمن لمساعدة الادارة اليمنية في الحرب على الإرهاب كما تزعم، وقد أصدر علماء اليمن عام 2009 بيان بوجوب الجهاد ما إذا تدخلت أمريكا عسكرياً في اليمن .

ولكن قوى الاستعمار الحديث استفادة من تجارب قوى الاستعمار القديم، فلم تقدم على خطوة كفيلة بخسارتها في احتلال اليمن بالتواجد العسكري على الأرض، ولكنها ابتكرت خطة جديدة أشد خطراً على اليمن من التواجد الأجنبي على الأرض تحافظ على قواتها الاستعمارية العسكرية من بشر وعتاد من الفناء في اليمن، فقامت باحتلال النظام الحاكم في اليمن وتدخلت بشكل سري في تأسيس الدولة ونظامها، وقامت بتصفية القادة الوطنيين، حتى جاءت لنا بصالح واحتلت اليمن 35 عام عن طريقه ولا زالت .

ولكنها كانت تدرك بأنه سيأتي يوم والشعب يكتشف مدى ذلك الاستعمار الخفي، وسيقوم ضده بثورة ليتحرر منه بإسقاط النظام العميل الذي ينفذ أجندة الاستعمار ويكمن الاستعمار فيه، وكانت تدرك أيضاً بأن فكرة احتلال الأنظمة ستصبح قديمة وغير صالحة ما إذا قام الشعب بثورة ضد النظام المحتل فلن يقبل بعودة نظام آخر عميل، وسيؤسس نظام من رحم ثورته، لهذا ابتكرت خطة تجنيد الآلاف من أبناء اليمن عن طريق تأسيس جماعة يمنية تخضع لها في الفكر والإرادة مقابل تقديم الدعم المادي والعسكري .

وتعد هذه المرحلة الحالية التي يمر بها اليمن والوطن العربيي كل تعد نهاية جيوش الأنظمة العسكرية وبداية ظهور جيوش العقائد، وستكون هي الأقوى لهذا الاستعمار الذي اليوم يحتل اليمن عبر جيش عقائدي يحمل فكر، والجيش العقائدي العميل أشد خطراً على اليمن من الجيش النظامي العسكري الذي كان يحتل اليمن في عهد صالح .

اليوم قوى الاستعمار تحتل اليمن عبر جماعة الحوثي المحتلة، وتقدّم لها الدعم السخي وهي تنفذ أجندتها في اليمن وتحقق أهداف كانت أمريكا ترى من المستحيل تحقيقها في اليمن ما إذا تدخلت عسكرياً، وقد تتكبد خسائر فادحة في أرواح جنودها وعتادها العسكري دون تحقيق أهدافها، والحوثي الآن يحققها لها بأقل تكلفة ويحافظ على سلامة أرواح جنود وضباط الجيش الأمريكي وعتادهم العسكري .

ماذا كان فعل الاحتلال الأمريكي لو دخل عسكرياً على أرض اليمن أكثر مما فعله الحوثي من قتل للأطفال والنساء وهدم وتفجير لبيوت الله ودور القرآن والحديث ؟؟ .

كيف رضي اخي الحوثي أن يقوم بدور الجندي الأمريكي حافظاً على حياة ذلك الجندي الأمريكي ويقوم بقتل أخوته اليمنيين ويقتل أطفالهم ويهدم بيوتهم ويخون وطنه ويدمر أمنه واستقراره ؟؟

كيف رضي أخي الحوثي أن يقتلني من أجل اطلاق سراح عدو إيراني جاء ليخرب بلادي بتوريد السلاح إليها ؟؟.

هكذا استطاعت قوى الاستعمار الحديث ان تجنّد أخي ليقتلني، وتحتل أرضي عن طريقه، وتبسط نفوذها، وتحقق أهدافها على حسابي وحساب اخي وحساب أمن واستقرار وطننا ومستقبل أبنائنا .


في الثلاثاء 21 أكتوبر-تشرين الأول 2014 09:04:59 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.net/articles.php?id=40489