الإسلاميون وربيع الثورات
هاني غيلان عبد القادر
هاني غيلان عبد القادر

ما تبقى من ليبيا التي تمزقها الان المليشيات والقبائل بعد أن رحل عنها القذافي تاركا اياها في أبشع حال ملاقياً اسوء مآل، ما تبقى منها سيحكي للعالم والتاريخ قصة هذا الربيع الدامي الذي غنت له الشعوب العربية ورقصت وهللت طويلا ثم فوجئت بأنه لم يكن بمستوى طموحاتها وتطلعاتها ..

الأوضاع في سوريا ليست بأحسن حالا حيث أسر وعوائل كاملة أبيدت عن بكرة أبيها.. قرى ومدنا كاملة دُكَت ومُحيت من الخارطة تماما، والمحصلة... هي عودت سوريا إلى العصور الوسطى وما قبلها، مئات الالاف من القتلى والمعوقين والمشردين سيُمسكون بين يدي الله بتلابيب ورقاب مشائخ تويتر وأمير قطر والقائمين على قناة الجزيرة ويسألونهم سؤالا واحدا لا غير: اليوم بعد كل هذه الدماء التي سكبت وهذا الدمار الذي أُحدِث أين الحرية والكرامة والرخاء الذي وعدتمونا وأين الديموقرطية التي زعمتم؟؟

في مصر أيضا هناك عمل دؤوب ومنظم لزيادة الاحتقان في الشارع وشق صف المجتمع وتفكيكه والتمهيد لحرب أهلية مدمرة يجر فيها (جماعة الإسلام السياسي) للإصطدام بالجيش المصري الوطني العربي المسلم، الجيش الأقوى عربيا وأفريقيا والعاشر عالميا ..

قبل الاحداث الاخيرة التي اعادت العسكر الى الواجهة وإن بوجوه جديدة كانت (جماعة الإسلام السياسي) تردد في إعلامها وقنواتها الآيات الكريمة والاحاديث الشريفة الدالة على وجوب طاعة ولي الامر في المنشط والمكره وحرمة الخروج عليه وتحذر من الشغب والمضاهرات والقلاقل والإحتكام للشارع فاين ذهبت كل تلك الآيات والأحاديث اليوم وأين كانت في بدايات الربيع العربي؟ !

( الإخوان المسلمون) الموهوبون في العمل الجماهيري والخيري يخسرون كثيرا من رصيدهم الشعبي والأخلاقي نتيجة خلطهم الدين بالسياسة ويا ليتهم تفرغوا لما يجيدونه ويبرعون فيه، أما الإصطدام بالحكام والحكومات وببقية طوائف المجتمع فلن يجر عليهم وعلى بلدانهم سوى الخراب والدمار.. إن حشر الدين في الثورات التي ضاعت في رياحها الرحمة والقيم الإنسانية يعتبر تدنيساً لمبادئ الدين الحنيف القائم على نبل الغايات والممارسات وثبات ووضوح المنهج والرؤيا والمبادئ.. أما هذا الربيع الجهنمي الذي هدم عقول الناس قبل ان يهدم بيوتهم فقد تحول لنفق مظلم يتقاتل فيه الجميع ويُرتكب فيه كل فضيع !!

قبل فترة كتب (يزيد بن محمد) في صفحته هذه السطور ومضى لحال سبيله :-

(( قبل عاميــن فقط لــم يكــن دخــان جثــة محمــد بــو عزيــزي قــد انقشــع كــان الربيــع فــي بداياتــه والجماهيــر منتشيــة بمفرداتــه لا تسمــح لأحــد بانتقــاده أو التحذيــر منــه ولا رأي آخــر إلا مــا يوافــق الهــوى.. ولأن هــذا الربيــع قــام فــي دول إسلاميــة فقــد كــان الكثيــر يرقــب مــاذا سيقــول علمــاء الحرمين الشريفين فخــرج صالــح الفــوزان وأقرانــه للتحذيــر مــن هــذا الربيــع للدماء والشتات والفتن التــي ستحصــل للأمة بسببه وللآيات والأحاديث التي توجب طاعة ولي الأمر وتحذر من مغبة الخروج على الحاكم وشق عصا الجماعة فجــن جنــون الحزبييــن وجيشــوا الجماهيــر ورموهــم بعلمــاء السلاطيــن وبائعــي الذمــة وقالــوا أنهم تقليديون يعيشون خارج الزمن وانفــض عنهــم الجمهــور وتحلــقوا من جديد حــول شيــوخ تويتــر الذيــن رسمــوا الأحــلام الورديــة للناس وقالــوا لهم إن الديموقراطية تهون في سبيلها الدماء والأرواح وأن الحرية قبل الشريعــة وقــام القرضــاوي علــى المنبــر ليقــول ثــوروا وفــي رقبتــي الدمــاء.. صفــق النــاس للثانــي وامتعضــوا مــن الأول إلــى أن بــدأت تنكشــف الأمــور فاختفــى علمــاء الجماهيــر بعد أن طبلــوا لحــرق بوعزيــزي نفســه وقالــوا إنهــا نــار تحــرق الطغــاة والمجرمين والظلمة وأقامــوا عليهــا النــدوات واستهزأوا بمــن قــال إنــه انتحــار حكمــه واضــح شرعا ثــم صمتــوا وتواروا قبل أيام عــندما أحــرق الشــاب التونســي (الخــذري) نفســه مدفوعــاً بنفــس الدوافــع وفــي نفــس البلــد فاختفــت تغريــدات تقديــس النــار وسكتــت منابــر تشريــع الانتحــار فما الذي حدث يا ترى هل تغيرت النار أم تبدلت الأحوال؟؟


في الأحد 14 يوليو-تموز 2013 03:33:54 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.net/articles.php?id=21329