إسقاط الطائرات .. الخلل الأمني

الطائرة التي سقطت الاثنين 13مايو بشارع الخمسين جنوب العاصمة صنعاء هي الثالثة ولن تكون الأخيرة وإسقاط الطائرات العسكرية وقريبا المدنية يتم بفعل فاعل دون شك ولا يحتاج الى تفسيرات ظنية، سيتواصل مشوار إرهاب اليمنيين جوا وبرا وبحرا في ظل تراخي وتواطؤ القيادة السياسية وعدم جديتها بالتعاطي مع المجرم والمجرمين الذين يقفون وراء هذه الأعمال، والسكوت على المحاسبة والعقاب هو الذي يشجع المجرم بالاستمرار والتمادي وارتكاب جرائم أكثر.

المؤشرات تشير الى مؤامرة تستهدف إضعاف القوات الجوية وخاصة سلاح الطيران الذي يعتبر سلاح المهمات النوعية وأي بلد لا يوجد بها قوات جوية وطيران عسكري تكون سهلة لانتشار الجماعات المسلحة ونقل الأسلحة وتهريبها.

زعزعة استقرار اليمن هدف لبعض القوى المحلية والخارجية وهذا واضح من المحاولات المستمرة لإدخال الأسلحة المهربة من البحر وبكميات كبيرة ومتنوعة والمشكلة التي تعيق إدخال السلاح المهرب هي صحوة الأجهزة الأمنية بصورة استثنائية.

تدمير القوات الجوية هدف استراتيجي للطرف الذي يسعى لفرض وجوده من جديد او العودة، الأطراف التي تطمح بالسيطرة كثيرة وقد يكون مسلسل إسقاط الطائرات هي إحدى الوسائل للتخلص من سلاح الطيران والحصيلة التي نشرتها كثير من وسائل الإعلام تكفي للتأكد من هذا الافتراض القريب للواقع ، خلال سنوات خسرت اليمن حوالي 32 طائرة عسكرية وعشرات الطيارين والفنيين وهذه خسارة كبيرة

تدمير الطائرات العسكرية في المطارات من خلال إحراقها او تفجيرها شهدت تصاعدا ملحوظا خاصة السنتين الأخيرة وهذا يعني ان المخطط مرسوم لبتر الذراع الضاربة للجيش اليمني.

أطراف متعددة لها هدف كهذا وخاصة الجانب الإيراني الذي يسعى لفرض تواجده بواسطة القوة العسكرية وكذلك الرئيس المخلوع الذي له هدف الانتقام والتدمير وبمساعدة شقيقة محمد صالح الذي كان قائدا للقوات الجوية وتمت إقالته بقرار جمهوري بعد تمرد غالبية ألوية القوات الجوية عليه.

الخلل الفني مستبعد تماما والخلل هو أمني وسياسي أولا وعلى الجهات الرسمية ان تفصح عن المعلومات والتحقيقات وان كانت التحقيقات غير محايدة لعدم وجود خبراء وفنيين في هذا المجال من خارج القوات الجوية وأي تحقيقات نيابية أو قضائية بالطبع ستعتمد على الفنيين من الجوية وهذا ما يؤثر على حيادية التحقيق.

السكوت " المتعمد " على الفاعل " العمد " مخالفة صريحة وواضحة للدستور وتتساوى مع الجريمة المرتكبة ويعاقب عليها القانون، موضوع إسقاط الطائرات على المواطنين الآمنين أصبح مشروع تتوسع دائرته ورغم أن القيادة السياسية والأجهزة الأمنية تعرف الفاعل وتعرف أهدافه وتعرف انها رسائل سياسية تمر عبر دماء اليمنيين ومع هذا يظل الصمت والمماطلة هو سيد الموقف ويظل العقاب غير وارد.

قبل يوم من إسقاط الطائرة بشارع الخمسين بصنعاء أعلنت الأجهزة الأمنية عن إبطال عبوة متفجرة وضعت بالجسر القريب من منزل الرئيس هادي والذي يمر عبره للذهاب إلى مكتبه الرئاسي ووضع العبوة في ذلك المكان كان يستهدف حياة الرئيس هادي شخصيا بالاغتيال المدبر، محاولة اغتيال الرئيس هادي وحسب ما أعلن سابقا هي المحاولة الثالثة وإذا لم يوقف الرئيس هادي المجرم عن جرائمه فلن تكون الأخيرة.

إصرار المخلوع علي صالح على العودة للحكم بصورة مباشرة أو غير مباشرة وبأي طريق وبأي ثمن هو الهدف الذي من اجله تقطع الطرقات والكهرباء وتفجر أنابيب النفط وتنفذ الاغتيالات ويختطف الأجانب وتستنهض القاعدة وخلاياها النائمة في أكثر من مدينة وبحسب الطلب ومن اجل هذا الهدف قد تستدعي الضرورة القضاء على الرئيس هادي شخصيا.

التقصير واضح من الأجهزة الأمنية والعسكرية التي تستحوذ على 25% من الميزانية العامة للدولة وهذه نسبة كبيرة يفرض عليها توفير الحماية الكافية للشعب والحفاظ على مؤسساته والممتلكات العامة والخاصة وهذا التقصير غير مبرر وغير قانوني ويجب ان نعترف جميعا ان المؤسسة الأمنية والعسكرية فشلت بأداء مهمتها الوطنية لحماية الشعب ويجب مراجعة أدائها وتقييم عملها ومحاسبة المتسببين بالتقصير لا السكوت عليهم.

الرئيس المخلوع الممنوح حصانة قانونية محلية يعبث دون شك بأمن البلاد والعباد وهذه الحصانة جعلته حرا يمارس النشاط العدائي دون خوف أو مراعاة للقانون والسلطة القائمة بل هو التحدي الكبير الذي يقف أمامها وهو مصدر العرقلة الأولى للسلطة والقيادة السياسية ومسارات المرحلة الانتقالية وقد حول قصره الفاخر وسط العاصمة صنعاء الى غرفة عمليات تصدر الخطر ومنبع للجرائم والمجرمين.

الموت القادم من المخلوع علي صالح أصبح الجميع هدفا له حاكم ومحكوم ومع السكوت والإصرار على عدم الاعتراف للشعب بأنه المجرم والمدبر فالموت الذي يوزعه أصبحنا جميعا في مرمى نيرانه، والمفارقة الغير أخلاقية ان المجرم ومن معه منحوا حصانة دون ضوابط وحصانته سارية المفعول وبالمقابل تم سحب غطاء الحماية عن الشعب فالقتل والتفجيرات والتخريب تمارس تحت حماية الحصانة ولا حصانة للضحايا من خلال الإجراءات العقابية للفاعلين، والمعروف ان الحصانة منحت من اجل الكف عن المحاكمة المرتبطة بالجرائم السابقة لكنها تحولت الى حصانة مفتوحة ولا ضوابط لها وهي حصانة للجرائم السابقة واللاحقة والمستقبلية.

الرئيس هادي وببرود شديد ومبالغ فيه يعلن عن عودة 71 ألف موظف إلى الخدمة بعد تسريحهم قسريا وهذا العدد الكبير موزعين ما بين ضابط وعسكري وقاضي وأستاذ جامعي وطبيب ومهندس وخبير وقيادي إداري وكوادر متنوعة كانت تمثل النسبة التي تدير مؤسسات الجنوب، العدد الكبير لهؤلاء الذين تم تسريحهم قسريا دون جريمة يتعامل مع قضيتهم الرئيس هادي وكأن تسريحهم كان ناتج عن كارثة طبيعية كالزلزال او البراكين ولم يتعامل معها كجريمة ترتقي الى الإبادة الجماعية لان التسريح من الوظيفة يعتبر موت بطيء وقد يكون أثره أشد وطأة من الموت الحقيقي لان البقاء دون دخل يعد موت يرافقه العذاب، هؤلاء الذين تم تسريحهم لاقوا عناء التشرد والتدهور ولحقت بهم أضرار اقتصادية واجتماعية وصحية ونفسية وتعرضوا للتفكك والانتهاك وهذه جرائم يعاقب عليها القانون .

رد اعتبار هؤلاء المسرحين قسريا واجب وطني وعلى القيادة السياسية ان تراعي ذلك وفتح ملف المتسبب عن هذا التسريح يجب ان ينال جزاءه العادل وهذا اقل شيء لرد الاعتبار لان الفترة التي سرحوا خلالها طويلة وامتدت الى أكثر من 17 عاماً ويجب تعويضهم من المال  المنهوب من الخزينة العامة ، ويمكن للرئيس هادي ان ينشئ هيئة مستقلة مهمتها التحقيق في انتهاكات التسريح القسري الذي طال عشرات الآلاف وتضرر منه مئات الآلاف وهذا اقل ما يمكن تقديمه للشعب الذي تسبب له المخلوع بكثير من النكبات.

السكوت عن محاسبة المجرم يدفعه لارتكاب جرائم اكبر من جرائمه السابقة والمخلوع الذي مارس القتل والتشريد والسجن والنفي والتعذيب وان كانت بعض وسائله ناعمة إلا ان الغرض في النهاية تحقق ويجب فتح ملفات الانتهاكات وتقديمها للقضاء ليأخذ مجراه وفق شرع الله والقانون المغيب مؤقتا.

abbasaldhaleai@gmail.com


في الأربعاء 15 مايو 2013 06:11:41 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.net/articles.php?id=20423