من يكسر عظم الأخر
عمرو محمد الرياشي
عمرو محمد الرياشي

ينبغي الاعتراف ان ما يحصل في اليمن من بعض تجار القتل والفتن ليس سوى مؤشر على قرب انهيار مشاريعهم التآمرية على الشعب اليمني .
وهذا يكشف لنا بشكل واضح مدى حقيقة السعي الحثيث طوال السنوات الماضية لأجل الحصول على غنائم حتى لو كانت على حساب تدمير اليمن ورميه في وحل الفتن والاقتتال والدمار الذي يحاول ابناء اليمن المخلصين ابعاد بلدهم من ويلاته ,خصوصا ان الرئيس السابق والزعيم الحالي علي صالح ونائبه السابق البيض يزجون بأنفسهم في المشهد السياسي اليمني بشكل سلبي .
الجميع شاهد الأحداث التي عاشتها اليمن وربما قد تشهد الايام القليلة القادمة من محاولات مستميتة لعرقة اقامة الحوار الوطني في 18 مارس عبر افعال شيطانية قذرة لبث سمومها في نسيج اليمن الاجتماعي ليتحقق لها ما تريده من اخضاع مصير اليمن وشعبها لمؤامرات قذرة لا يكون اقذر منها سوى اصحاب تلك المؤامرات .
لكن هي احلام السيطرة والنفوذ والسلطة الذي اصبح امرا يشرع لنفسه تصوير كل ما هو خبيث من فتن وتحريض مناطقي وكانه نشاط انساني له مبرراته الواهية .
لا تزال تلك العقليه السياسيه المشوه مبنية على المنظومة القديمة التي كرست لنفسها مجموعة من النظم والأيدلوجيات لاستمرارية الحكم القائم على خلفية النزاعات والصراعات لعلها تصنع فرصة لتمثيل نفسها عبر خداع العامة من الناس خصوصا انها نجحت في التزاوج بين رأس المال المدعوم من الخارج والأطماع الداخليه لها لاختراق عمق اليمن عبر الملفات المتراكمة لتاريخ الصراع في اليمن .
للأسف يظل زخم تلك المنظومة من المرتزقة قوي في ظل عدم ايجاد حلول جذرية طال انتظارها وهذا ما عزز جبهة تهدف لتفتيت المجتمع اليمني وتغذية روح الانتقام التي طغت على الساحة السياسية والاجتماعية.
وهذا ما أعاد للمرتزقة بصيص من الامل وبروز روح التسلق واقتناص الفرص ليصبحوا مخلبا ينهش في المجتمع اليمني .
 تلك النزعة العنصرية عكست النزعة السياسية التي تسعها من خلالها السيطرة وتحقيق مكاسب لها ولمن يدعمها من قوى لا تريد لليمن وشعبه الاستقرار .
الاحداث التي وقعت في نهاية فبراير في بعض محافظات جنوب اليمن ارسلت رسالة واضحة بأن هناك مخطط واضح المعالم ولم يعد هناك مجال للمنكرين من بعض السياسيين والكتاب الذين طالما حاولوا جاهدين تسخير اقلامهم لتبرير أي حدث يصدر من هنا وهناك من منطلق تبرير مناطقي احياناً وتبرير مذهبي احيانا اخرى .
مهما حاول الكثيرين قلب الواقع اليمني وإخفاء مفاصله السياسيه والأطماع الداخليه والخارجية لتمزيق اليمن يظل امر وقوعها دليلاً قاطعا على تلك الاطماع .
ظلت بعض العصب السياسيه في سباق من أجل ديمومة مصالحها مستبعدة كثيراً من العوامل الحاسمه التي من شأنها الخروج باليمن نحو إصلاح حقيقي.
فلا اظن ان قضية الاحتفال بـ 21 فبراير كان قضية وطنيه تستدعي الحشد من اجلها كون ان هناك اهتمام بها وجعلها من أولويات المصلحه الوطنيه لحلحلة بعض الملفات المعقدة وهي من يجب الحشد لها كالإسراع في تعويض المتضررين من الحروب السابقة سواء اكانت قبل الوحدة او بعدها لان زراعة الثقة بحاجة الى جملة وحزمه من الاجراءات العمليه كان ينبغي على الاخوة في حزب الاصلاح جعلها موضوع حشد وتظاهر حتى نخرج بعنوان واضح يحمل طابع مشترك للجميع .
فهناك استحقاقات وطنية يجب معالجتها ,فالشهداء والجرحى ومعانات الثائرين ,وعملية بناء الدولة وغيرها من ملفات كان ينبغي ان تحتل الأولوية في الحشد لها والمطالبة بها والتسريع بتنفيذها .
طبعا هذا لا يعطي الحق فيما قامت به بعض عناصر الحراك و لا يعفيها من المسئولية خصوصا أن قمصان الحرية وحرية الرأي الاخر والمطالبة بالحقوق ظلت كالسترة الوقية للرصاص في وجة الاخرين لتبرير كثير من الاعمال حتى وصلت الى حد القتل والتنكيل بالآخرين وهذا لا يمكن القبول به مطلقاً.
وبالرغم من ما حصل نجد غياب واضح وفاضح لبعض النخب السياسية التي تسعى من خلال اثارة الفتن والقتل الى بناء نفسها بدلا من بناء الوطن .
وما يثلج الصدر هو هبة ابناء جنوب القلب اليمني في رفض كل اعمال العنف المناطقية وحملات الكراهية التي تدعمها بعض من اجنحة الاحزاب السياسية والشخصيات داخل اللقاء المشترك وبقايا نظام صالح في مغامرات سياسية غير محسوبة العواقب, خصوصا ان هناك من يريد ان يجعل من ثورة التغيير أن تخرج باستحقاقات سلبية تفرض أزمات ومخاطر جسيمه كفيله بإغراق اليمن في صراعات هي في غنى عنها .
فعلى النخب السياسية داخل الاحزاب ان تعي ان المسألة والقضية اليوم لم تعد تشكل نزاعاًً شخصيا او عائليا او حزبيا , فتكرار أخطاء الأمس يضر بمصالح الشعب اليمني ويستنهض صراع الماضي المرير ويرجعنا الى نقطة البداية وفقدان الثورة جوهرها الذي من اجله قامت .
فاستمرار تسويق حملات الكراهية التي نراها اليوم داخل اروقة اللقاء المشترك لا ينبغي ان تظهر في مثل هذه الظروف الصعبة خصوصا ان احتياج الناس لبعضهم البعض له مضامين وطنية يطغى على ابعاد سياسية او حزبية فلا يستطيع أي حزب العيش بمفرده وحيدا إلا من خلال التفاعل البناء والايجابي مع الاخرين.
 فما نراه اليوم في عالمنا الجديد من ترسيخ مفهوم الدولة الحديث عبر الميل الى الغاء التكريس الحزبي وحصر مفهوم الدولة والثورة من خلال مؤسسات وانظمة تكون مرجعاً للجميع .
يجب ان نعترف كيمنيين ان المرحلة الحالية حساسة وفي غاية الخطورة ولا تحتمل فتح المجال للحاقدين والقيام بمغامرات وتصرفات تستنهض الحوادث والأزمات .
 يكفينا إعادة انتاج صراعات في اليمن فقد مُلئت صفحات التاريخ بتلك الصراعات التي طالما حملت معها الويلات والشتات لليمنيين .
اخيرا ما يصبوا اليه ابناء اليمن من الأحزاب السياسية ونخبها الوطنية ان يتغيروا فكريا لكي يغيروا حال وطنهم و يتركوا النزعة الفردية والحزبية والانفصال انفصالا كاملا عن تاريخ الصراعات ويكون من هرم اولوياتهم الانتصار للمظلومين من ابناء اليمن والميل الى مصالح بناء دولة تقوم برعاية اليمنيين والحفاظ على مصالحهم وإعادة كرامتهم التي سلبتها منهم الانظمة السياسية السابقة .


في الإثنين 04 مارس - آذار 2013 04:46:30 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.net/articles.php?id=19497