التُّهَمُ الفِّصاح لتجمع الإصلاح (1)
فؤاد سيف الشرعبي
فؤاد سيف الشرعبي

لم يعد يخفى على أحد ما يتعرض له أكبر حزب سياسي منظم في اليمن , والمتمثل بالتجمع اليمني للإصلاح , من حملات شعواء , وانتقادات لاذعة , هجوما لا يستثني شيء , فهو يطال الفكر والمسار والمؤسسات والأفراد وكل ما يمت إلى الإصلاح بصلة , يغض الخصوم الطرْفَ عن أي نجاح وصواب وايجابية , ويبحثون في انتقائية عن العيوب والمثالب , في نظرة ذبابية عدائية , لا تمت إلى النقد البناء بصلة .

ورغم أن تجمع الإصلاح إجتهاد بشري منظم غير منزه , يصيب ويخطئ , وينجح ويخفق , وله أهداف سامية ومعلنة , ومع ذلك يرى البعض – ممن داس عليهم الدهر بكَلْكَلِه - انه شر محض , ينبغي إعلان الحرب الضروس عليه ودون هوادة .

تجمع كل ذي فكر منحرف أو مستورد ليصب جام غضبه عليه , ويختلق كل ما يؤدي إلى تشويهه وتنفير الناس عنه , وقالوا عنه ما لم يقله مالك في الخمر , .

إقترِب من أي صاحب زيغ وهوى ستجده العدو الذي لا يكل ولا يمل عن القدح والذم فيه .

تابع ما يقوله المستبدون من الحكام , سترى أن الفكر الذي ينتمي إليه تجمع الإصلاح , والمتمثل بالإخوان المسلمين هو عدو المستبدين الأول , وهو من أثار الجماهير , وحشد الثائرين , وأطاح بعروش المستبدين , ويكفي ما تفوه به الزعماء المنكسة رؤوسهم من تداعيات ثورة الربيع العربي وهم في النزع الأخير , من زين العابدين , والى مبارك , وصالح , وبشار , وكيف خوفوا الداخل والخارج من هذا البعبع المخيف لكل فكر منحرف مستبد .

تابع الإعلام المنحرف عن فكر الأمة , والقريب إلى الميوعة والسقوط الأخلاقي , وتقصى عن من يطاله النصيب الأكبر والأوفر من الذم والانتقاص والجلبة والتشويه , ستجد أن الإخوان بشكل عام هم من ينالهم نصيب الأسد من فبركات وزيغ هذا الإعلام السافل .

عندها بإمكانك التساؤل : ما لذي جمع كل هؤلاء ذوي العيوب المقززة , والأفكار المنتنة , والأوصال المتشرذمة , وبكل هذا الحقد الدفين والذي من خلاله (قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر ) .

كل هذا يمنح تجمع الإصلاح نظرة تعاطفية من قبل المجتمع اليمني المسلم المحافظ فلا ترمى إلا الشجرة المثمرة

ولو تتبعنا معظم التهم الموجهة إلى تجمع الإصلاح لضحكنا كثيرا من سذاجة التُّهم , وصافة المُتَّهـِم , وبراءة المُتَّهَم , هي في معظمها مدح أكثر من كونها قدح , وايجابيات أكثر من كونها سلبيات , ولكن ما نفعل لأناس تغربوا عن أمتهم , وسكروا بأفكار الغرب حتى الثمالة , وقديما قال الشاعر :

إذا محاسنيَ اللاتي أُدِلُّ بها *** عُدَّتْ ذنوباً فقل لي كيف أعتذرُ

مع عدم إغفالنا أن أخطاء تقع هنا وهناك للحركة الإسلامية , يتم تضخيمها بخميرة الغيض والحسد معا .

دعونا هنا بعد هذا الإسهاب أن نقف مع بعض تلك التهم :

التهمة الأولى : الأسلمة : هي أم التهم ومرضعتها على الأقل , ويُعنى بها سعي الإصلاح الحثيث نحو العودة بالمجتمع إلى رحابة الدين , بشرعه القويم , ووسطيته المعتدلة , في كل مجلات الحياة من نظام الحكم إلى التشريع و التعليم والاقتصاد والثقافة ,,,, وهلم جرا ,

هذه تهمة خطيرة في نظر البعض , فمجرد ذكر الشريعة يصاب البعض بالسهر وحمى الضنك , وإذا ما رفع شعار (الإسلام هو الحل) هتف فصيحهم : واغرباه وا أمريكاه , وا حقوق الإنسان .

وهذه التهمة بالذات تقود إلى تهم ومصطلحات عدة توصم بها الحركة الإسلامية منها ( الرجعية – الظلامية – التخلف – التحجر - الاسلاموية – التشدق – المتاجرة بالدين – العودة إلى القرون الوسطى .......) وهي هي نفسها منذ أن ظهرت الحركة الإسلامية في عشرينيات القرن المنصرم , تـُهم جاهزة لم يتم تغييرها أو تحويرها أو تحديثها ابتدعها السابق وجاء اللاحق ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء , في تقليد أعمى لا يمت إلى الإبداع بصلة على الأقل يبدعوا في مصطلحات جديدة يتحرروا من تلك الألفاظ والمصطلحات البالية المتهالكة , لكنها عقول كالجبال أضلها باريها .

هذه كما أسلفنا أم التهم ويكاد الخصوم أن يقولوا لتجمع الإصلاح كما قال سلفهم من قبل \" أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون \" .

التهمة الثانية : الثبات على المبدأ : ويطلق عليها الخصوم لفظ الانغلاق الفكري رغم أن بعض أفكار الطرف الآخر مستوردة , ويعضون عليها بالنواجذ , في الوقت الذي يصور تجمع الإصلاح على انه حركة منغلقة التفكير , معتكفة على أفكارها , لا تقبل التعايش والتعاون مع الآخرين من ذوي الأفكار الأخرى .

ويكفي بالنظر إلى اللقاء المشترك أن يُلقى بهذه التهمة أرضا وبالضربة القاصمة , إذ كيف إلتقى الإصلاح مع أحزاب مغايرة في الفكر والنشاط والمذهب والمرجعية , في رؤية واحدة , وعمل منظم ومنسق دون تماهي في الفكر ولا ذوبان في المبادئ , وإنما التقاء فيما يتم التوافق عليه والذي لا يقل عن 90% من قضايا البلد .

التهمة الثالثة : التنظيم : فهو متهم بأنه حزب منظم قادر على تنسيق جهود أفراده بشكل ملحوظ , وتحقيق أهدافه المرسومة , إذ يتميز أفراده بطاعةٍ والتزامٍ حزبي , في الوقت الذي تشيع الفوضى والتسيب والتفلت الحزبي في بقية الأحزاب والحركات العاملة في الساحة ,

وهذه التهمة ظهرت بقوة مع ثورة 11 فبراير , حيث ظهر الإصلاح على انه الحزب الأقدر على التنظيم والحشد وتنظيم المسيرات وحراسة الساحات , وتفعيل دور التصعيد الثوري , حتى أرغم النظام على انتكاسة مدوية , وعَجْزُ الآخرين وتفلتهم وعشوائية أدائهم , وتخاصمهم فيما بينهم ,أدى إلى ضعف قوتهم , وقلة حيلتهم , فلم يجدوا من غريم غير أن تجمع الإصلاح حزب منظم , فيا ترى ماذا يفعل هذا التجمع من أجل رفع التهمة هذه عنه !!!!

التهمة الرابعة : الإقصاء : وهي تهمة منبثقة من التهمة الثالثة , فهم ينظرون إلى أفراد الإصلاح على أنهم يقصون كل من غايرهم , أو تبع فكرا غير فكرهم , وهي تظل في حدود التهمة , فالإصلاح عانى كثير من الإقصاء والتهميش , فما كان ليكررها في غيره , فإذا قيل لهم أين الإقصاء ؟ قالوا : في الساحات والمنصات والاعتصام , يرد عليهم المبتدئ في السياسة : أليس في كل ساحة يوجد مجلس ثوري مكون من كافة الأحزاب والمستقلين ؟ , يقال : نعم لكنه صوري , يقال : فلماذا لا يضج منتسبيه من الإقصاء , ومثل هذه التهمة في اللقاء المشترك فالإصلاح حسب زعمهم هو من يرغم بقية أحزاب اللقاء المشترك على رأيه ورؤيته , وانَّ قادة الأحزاب مجرد نعاج تقاد قودا , وتصريحات الدكتور ياسين سعيد نعمان الأخيرة تنفي ذلك جملة وتفصيلا , وتتهم أولئك بالتحامل ,وكفي بها شهادة تنفي هذه التهمة .

التهمة الخامسة : الأغلبية والقدرة على التحشيد : وهي تهمة لا تبعث على الضحك فحسب , بل على القهقهة , حتى يستلقي المرء على ظهره , هذه تهمتك يا تجمع الإصلاح فإما إعتدلت وإما اعتزلت , فبأي حق يكون لك شعبية في كل بقعة من بقاع اليمن بل يكاد يكون في كل بيت يمني , هذا هو الإقصاء في حد ذاته !!! , بل بأي سحر تحشد مئات الآلاف بما يغطي الأفق ,ويخرج عفاش من مكمنه يصرخ كالملدوغ ويذكرك بالاسم .

يحاول بعض التكتلات التي تصب جام غضبها على الإصلاح مثل جبهة إنقاذ الثورة أن تدعوا إلى بعض المسيرات من خلال استخدام الدعوات المستمرة , والإعلانات الفيسبوكية , والملصقات المنتشرة لجمع أنصارها , لتفاجأ بان عدد من يلبي لا يكاد يتجاوز رتبة العشرات , لذا أضحت في الآونة الأخيرة تنتظر دعوات اللجنة التنظيمية لتجري حمارها مع الخيالة سترا للفضائح .

هذه تهمة لا استطيع أن أبرؤك عنها , وهذا قدرك المحتوم , ومن حقك أن تهتف بما ذكرت سابقا .

إذا محاسنيَ اللاتي أُدِلُّ بها *** عُدَّتْ ذنوباً فقل لي كيف أعتذرُ

تلك خمسة تهم , أكتفي بها هنا , على أن يتبع الموضوع بتهم أخرى في لقاءات قادمة بإذن الله .

Fu_55_55@yahoo.com


في الأحد 16 سبتمبر-أيلول 2012 05:38:49 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.net/articles.php?id=17316