وَزَارَةُ الدّاخِلِيّةِ بِيْنَ المَاضِي وَالحَاضِر!!!
محامي/احمد محمد نعمان مرشد
محامي/احمد محمد نعمان مرشد
ما يجب أن يكون عليه حال المواطن هو أن يجد بين رجال الشرطة أمناً وسلاما واستقراراً باعتبارهم الذين يسهرون حين ينام الناس ليُوفروا لهم الطمأنينة والسكينة ! والأمن والأمان في كل زمان ومكان في الريف والحظر وبقدر ما يكون رجال الأمن تابعين للشعب والوطن ويعملون بالدستور والقوانين بقدر ما تتقدم الدول وتزدهر الحضارات وتكثر الاستثمارات ويتحسن الاقتصاد . وكم تجد الفرق واضحا قبل الثورة الشبابية الشعبية وبعدها من حيث تلمس هموم الناس وانطباعاتهم عن وزارة الداخلية بين الماضي والحاضر؟ فالمتتبع للأوضاع اليمنية يتبين له أن النظام السابق كان قد زرع العداء الكبير بين المواطن والشرطة مما جعل الشرطة تنظر للمواطن كفريسة ولقمة سائغة والمواطن ينظر للشرطة كوحش مفترس ذا أنياب ومخالب .

لكن اليوم اختلفت النظرة تماما لاسيما بعد تشكيل حكومة الوفاق الوطني وتعيين اللواء الدكتور عبد القادر محمد قحطان وزيرا للداخلية ذلكم القيادي الأمني البارز صاحب الماضي الأبيض والتاريخ المليء بالمكرومات الذي ما أن استلم مهام الوزارة إلا وانكمشت الجريمة وخفت الفتن وقل الشر وأمَّل المواطنون في الحكومة الجديدة الخير ولوحظ في أقسام الشرطة تَغُيّر ملموس نسبياً حيث اسْتُبْدِل ذلك التعامل والروتين السيئ العفن الذي اعتادت عليه أقسام الشرطة في الماضي بتعامل حسن اعتبره المواطنون احد ثمار الثورة والتغيير نحو الأفضل.

ونحن هنا لا نريد ذِكْر المساوئ التي كان عليها رجال الشرطة في الماضي فقد ذكرنا جزء منها في عدد من المقالات السابقة ولأنها ربما لا تعد ولا تحصى .لكننا اليوم ملزمون بنسيان الماضي وعلينا فتح صفحة جديدة نتعاون فيها على البناء والتطور كما أننا بحاجة إلى تذكير الوزير المخضرم الذي نجح في الماضي بإدارة امن محافظة تعز بامتياز ونجح في غيرها من المناصب التي تولاها بعد وكان ذلك في عهد النظام السابق.فانه سيكون أكثر نجاحاً في قيادته لوزارة الداخلية بالحكومة الجديدة وهي من أهم الوزارات السيادية بعد أن تخضع لها أجهزة الأمن المركزي والنجدة والأمن القومي الخاضعين حاليا لأقارب الرئيس السابق.

فالوزير راع ومسئول عن رعيته ونعني بهم هنا صنفين من الرعية ( الأول)الضباط والصف والأفراد الذين همبحاجة إلى دعمه من حيث منحهم العلاوات والبدلات التي يستحقونها وتخصيص ترقيات أو مبالغ مالية وجوائز لمن ينجح في إدارته وتنكمش الجريمة ويأمن المواطنون والمستثمرون على أنفسهم وأعراضهم وأموالهم في نطاق اختصاصه سواء على مستوى المديريات أو المحافظات هذا فضلا عن تكثيف الدورات للضباط والإداريين ورجال البحث المحققين وذلك بالمعهد العالي لضباط الشرطة على أن يحاضرهم كبار الأكادميين فيعرفونهم بما يجب عليهم وبالقوانين واللوائح لان الملاحظ في الماضي أن الأمية كانت معشعشة على معظم الشرطة حيث لا يعرفون شيئا عن النصوص الدستورية والقانونية واللائحية المتعلقة بأعمالهم وكل ماعرفوه وتعلموه هو عبارة عن أعراف ورثوها عن أسلافهم أما الدستور والقوانين واللوائح فهي في الأدراج يعلوها الغبار وتطلب إنصافها ممن ظلمها هجرا. أما الصنف (الثاني) فهم المواطنون المغلوبون على أمرهم وهم بحاجة أيضا إلى رعاية الأخ الوزير وتتمثل هذه الرعاية في أن يُولِّي عليهم ضباطاً شرفاء ونزيهين من أصحاب الأمانة والكفاءة والخبرة والقدرة وحب الوطن. كما انه يجب تطبيق مبدأ الثواب والعقاب ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب حتى يكون ذلك تحفيزا للسيئ فيتخلى عن سلوكه المشين الذي أخَّره عن الحصول على الترقية فيعمل على الاتصاف بالمحامد والتعامل الحسن وتطبيق القانون فيصل إلى ما يستحقه من الترقيات والعلاوات . وجدير بنا اليوم أن نتنبه إلى ما يجب علينا حول بناء الدولة اليمنية الحديثة التي يقوم فيها نظام الضبط القضائي على معيارين (الأول) الضبط الإداري وهي وظيفة إدارية يقوم بها رجال الشرطة من اجل ضمان احترام القوانين واللوائح وتحقيق الأمن العام والسكينة العامة للمواطنين أما المعيار (الثاني) فهو الضبط القضائي وهي وظيفة عقابية تبدأ بعد وقوع الجريمة مباشرة بهدف معاونة النيابة العامة وإمدادها بالمعلومات والعناصر اللازمة وتقوم أيضا بالبحث والتحري عن الجرائم ومرتكبيها وجمع العناصر اللازمة للتحقيق في الدعوى وتبدأ هذه الوظيفة منذو تلقي البلاغ مرورا بالانتقال والمعاينة لإثبات الحالة والتحري والبحث عن الجاني وضبطه وجمع العناصر لتحقيق الدعوى الجزائية ثم تنتهي بإجراءات سير المحاكمة وصدور حكم ضد المتهم على ضوء ما يستقر في عقيدة المحكمة ومن ثم تنفيذ الأحكام. ونذكر الإخوة العاملين في الشرطة بنص المادة (7) من قانون هيئة الشرطة والتي ربما لم يطلع عليها الكثير منهم حيث نصت بما لفظه: ( تعمل هيئة الشرطة على حفظ النظام والأمن العام والآداب العامة والسكينة العامة ولها على وجه الخصوص أن تعمل على الوقاية من الجريمة ومكافحتها والبحث عن مرتكبها وحماية الأرواح والأعراض والممتلكات وكفالة الأمن والطمأنينة للمواطنين والمقيمين وتقديم الخدمات الاجتماعية والإنسانية وتنفيذ ما تصدره إليها السلطة القضائية من أوامر) وذلك ما أكدته المادة (39) من الدستور إلا أنها أضافت بان(الشرطة هيئة مدنية نظامية تؤدي واجبها لخدمة الشعب ). إذن فالشرطة هم احد أجهزة العدالة التي تحمي حقوق الإنسان وإذا كانت أجهزة العدالة تتكون من الشرطة والنيابة والمحكمة فلا يستطيع عضو النيابة أو القاضي عمل شيء في تحقيق العدالة ما لم تؤدي الشرطة دورها المطلوب في جمع عناصر الجريمة وأدلتها وتقديمها مع المتهم إلى النيابة لتقوم النيابة بإجراءات التحقيق ورفع الدعوى الجزائية إلى المحكمة التي تقوم بالمحاكمة وإصدار الأحكام على ضوء ذلك.


في الأحد 06 مايو 2012 08:52:02 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.net/articles.php?id=15425