الزحف إلى جبل نقم
بقلم/ عبد الملك المثيل
نشر منذ: 12 سنة و 5 أشهر و 13 يوماً
الأحد 13 نوفمبر-تشرين الثاني 2011 04:05 م

سيبدوا العنوان غريبا ، لكنه لن يكون أغرب من تطفل وتسلق العوراء والنطيحة والمتردية وما أكل السبع منها على جسد الثورة اليمنية الحديثة ، وتحديدا تلك الكائنات التي التحقت بمسيرة الثورة مثقلة بالفساد وهربا من المحاكمة والمسائلة بعد أن خدمت سلطة علي عبدالله صالح لفترة طويلة ، تجاوز عدد سنين بعضها العشرين سنة ، ووصل عدد بعضها الآخر إلى ثلاثة وثلاثين سنة ، ، كانت فيها تلك الكائنات سببا مباشرا في بقاء صالح وشريكا أساسيا وفاعلا في كل ما لحق بالوطن من ويلات وكوارث خلال فترة حكمه ، وهي الآن كما أعتقد سببا مباشرا أيضا في تقييد مسيرة الثورة ومحاصرتها أمام الجامعة وتجميدها في ساحات التغيير ، كما كانت وبكل أسف السبب الأول والأخير في تقزيم الثورة إلى " أزمة سياسية " أمام العالم ، لحظة هرولتها بأقدام خالية من الوطنية والوفاء لدماء الشهداء نحو المبادرات والحوارات مع صالح وسلطته المشوهة .

لا بد من تذكير الثوار أولا ، ثم من يستحقون أن نطلق عليهم " فيروسات الثورة " ، أن شعبنا اليمني العظيم عندما خرج إلى الساحات والشوارع ، وقدم الأرواح والدماء في طريق إنتزاع حريته وكرامته ، كان في هبته بصدوره العارية ساعيا وما زال ، نحو غاية تطهير البلاد من كل الأيادي التي عاثت فيها فسادا وقتلا وتخريب ، دون أن يفكر ولو للحظة في ترك أو مسامحة أي يد من تلك الأيادي القذرة ، وهو وإن غض الطرف بفعل فاعل ، يعلم ويدرك ويعي أن بعض الأسماء التي هربت بين عشية وضحاها ، من صف السلطة إلى صف الثورة ، جديرة بالرحيل والخروج من العملية السياسية والعسكرية جنبا إلى جنب مع علي صالح وأولاده وأقاربه ، لأن بقائها في المستقبل سيبقي البلاد على حالها نتيجة تخرجها من نفس المدرسة السيئة التي تخرج منها صالح ، والمتميزة بفشلها في تقديم أو إنتاج أي مصلحة للبلاد ، لأن الشيء الوحيد الذي تفهمه وتعيه وتتقنه هو مصالحها الشخصية وليذهب الوطن اليمني إلى الجحيم .

لقد كشف طول فترة الثورة المباركة ، أن تلك الفيروسات ركبت الموجة وعاثت فسادا في قيم الثورة ، ثم أوصلتها بفعل غبائها السياسي إلى مجلس الأمن الذي تبنى ما سمي بالمبادرة الخليجية ، واعتمدها كمخرج أساسي سينهي به حسب وصفه " الأزمة السياسية " في اليمن ، لتشهد الساحات في مختلف محافظات الجمهورية نتيجة ذلك الغباء ، حالة استسلام ودخول في قائمة الإنتظار للحل الخارجي بدلا من فرض الحسم الثوري على الداخل والخارج ، وحتى لا نخرج كشعب من المولد بلا حمص كما يقال ، وجب علينا لفت نظر الشباب إلى نقطة هامة ومصيرية ، نعتقد أنها لعبت دورا كبيرا في مواجهة الثورة ومحاربتها ، وبقاء علي صالح وأولاده وأقاربه وسلطته المحروقة .

القوات المسلحة اليمنية ، هي ما نود الإشارة إليه ، وهي المقصود بعنوان المقال ، على اعتبار أن جبل نقم تحول بفعل العقلية العسكرية السخيفة ، إلى ثكنة مدججة بمختلف الأسلحة كسائر جبال اليمن المحيطة بالمدن ، بدلا من تحويلها إلى منتزهات وحدائق جبلية تطل على البلاد ، ونحن هنا نحذر من مغبة أي تسوية سياسية أو انتخابات رئاسية ونيابية ستحدث دون إعادة هيكلة الجيش ووضع القوات المسلحة تحت قيادة عسكرية وطنية موحدة ، تعمل أولا وأخيرا على حماية الوطن وأبنائه من أي عداء خارجي ، أو مغامرات وفوضى مجنونة من أركان السلطة السياسية التي ستحكم البلاد في المستقبل .

لقد فضحت الثورة اليمنية سلطة صالح فضائح مدوية ، وعرت أمام العالم الفصول المختلفة لفشله الذريع في تحقيق ولو مكتسبا واحدا فيه مقومات الدولة ، ونال ما سمي بالقوات المسلحة نصيب الأسد من تلك الفضائح ، ودليل ذلك أن الجيش منقسم إلى فصائل مستقلة ، تحولت بكل أسف إلى " كلاب حراسة " تحمي قادتها فقط ، وتنفذ أوامر القتل والتعذيب وصب الويلات على شعبنا ، ولنا في الحرس الجمهوري والأمن المركزي خير مثال على ذلك .

إن مراجعة تاريخ القوات المسلحة اليمنية ، يثبت للقاصي والداني تفننها في قتل الشعب اليمني ، وخوض الحروب ضد أبنائه وقبائله ، ولم يعرف أنها تصدت لأي عدوان خارجي على البلاد ، بحدودها البحرية والبرية والجوية ، بل إنها اشتهرت بالوقوف موقف المتفرج على العدوان الأرتيري على جزيرة حنيش ، ثم كانت خير معين للجيش السعودي في عدوانه على شمال البلاد ، بغض النظر إتفقنا مع الحوثيين أو اختلفنا معهم ، وها هي منذ بداية الثورة حتى اللحظة ، تمارس هوايتها في قتل الشعب اليمني ، مخالفة بذلك كل قواعد ومبادئ الشرف والقسم العسكري والوطني ، وعليه يجب على الثوار والشباب أن يتنبهوا لهذه النقطة إن كانوا كما أقسموا ، أوفياء لدماء الشهداء وتضحيات الأطفال والنساء ، ونعتقد أنهم ونحن مدعوون وملزمون برفض أي تسوية سياسية وحلول خارجية لا تضمن توحيد الجيش وبنائه بناءا صحيحا تحت قيادة وطنية واحدة ، لن يكون لها شأن أو تدخل على الإطلاق في العملية السياسية ، فيكفينا ما ذقناه ونلناه على يد العسكر وعقلياتهم التي أبدعت في القتل والتدمير والتخريب ، واختلاق الأكاذيب والبيانات الفاقدة والخالية من أي معيار أو شرف عسكري يتحلى به أي جندي وطني في دول العالم الأخرى .

ختاما لا بد من القول بكل صدق وصراحة وبدون خوف أو مجاملة ، أنه يجب على علي عبدالله صالح وأولاده وأقاربه تسليم السلطة وما بيدهم من قطاعات عسكرية ، كما يجب على علي محسن القيام بذلك أيضا ، ثم يجب إخراج القوات المسلحة من المدن والجبال المطلة عليها

وتوزيعها على الحدود الكبيرة للبلاد ، وإن لم يحدث ذلك وجب علينا الإيمان بأن الأجيال القادمة ستلعننا ليل نهار ، وحتما ستنتصر لدماء الشهداء وأرواحهم ، بينما ستصلنا نحن أينما كنا لعنات الناس والتاريخ .

aalmatheel@yahoo.com

 
عودة إلى كتابات
الأكثر قراءة منذ أسبوع
الأكثر قراءة منذ 3 أيام
د.عسكر بن عبد الله  طعيمان
الإمام الزنداني ... علو في الحياة وفي الممات
د.عسكر بن عبد الله طعيمان
الأكثر قراءة منذ 24 ساعة
عبدالخالق عطشان
مأرب في حضرة الشيخ الزنداني
عبدالخالق عطشان
كتابات
صلاح الدين الاسديالمواقع الصفراء!!!
صلاح الدين الاسدي
مشاهدة المزيد