آخر الاخبار

كتائب القسام وسرايا القدس تكشف تفاصيل المعارك الطاحنة شرق رفح تفاصيل مؤامرة كان الأخطر في تاريخ البلاد كشفتها كييف لاغتيال رئيس أوكرانيا خلافات أمريكية واتهامات ضد مبعوث واشنطن إلى إيران..بعد الكشف عن أرسل مواد سرية لبريده الشخصي وهاتفه توجيه ضربة جديدة للاقتصاد العالمي..و الديون تسجل مستوى قياسياً جديداً يوم جديد في أعنف الموجهات بين روسيا وأوكرانيا وهجوم جوي غير مسبوق على منشآت طاقة بأوكرانيا الجيش الأميركي يعلن عن هجوم ب 3 مُسيَّرات أطلقهما الحوثيون فوق خليج عدن ويكشف التفاصيل السعودية تعلن عن قيمة الغرامة المالية على مخالفة من يضبط داخل مكة والمشاعر دون تصريح حج رداً على تهديدات استفزازية لمسؤولين غربيين ..ما هي الأسلحة النووية التكتيكية التي ستستخدمها روسيا في تدريباتها العسكرية تعرف على أعراض وعلامات جرثومة المعدة وطرق علاجها قنبلة بقوة زلزال".. الجيش الروسي يدمر مستودع ذخيرة للقوات الأوكرانية بقنبلة فائقة القوة

لماذا الانتحار؟
بقلم/ د.عائض القرني
نشر منذ: 15 سنة و 10 أشهر و يومين
الجمعة 04 يوليو-تموز 2008 10:46 ص

إذا وصل الإحباط عند الإنسان غايته، وبلغ الإلحاد نهايته، وأصبحت الحياة لا معنى لها، والوجود لا أهمية له والدنيا لا تستحق العيش فيها، حينها يبدأ الإنسان يفكر كيف ينهي حياته ويقتل نفسه، لكن المؤمن بالله لا يفعل ذلك أبداً؛ لأنه مهما أظلمت الدنيا في عينيه فعنده بقية أمل وشيء من رجاء وقليل من صبر، والمؤمن لا ينتحر؛ لأنه يعيش الحياة كما هي، ويعلم أن الأيام دول، وأن اليسر مع العسر، وأن بعد الكرب فرجاً، وبعد ليل المشقة صبح الراحة، كما قال تعالى: «فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا»، وقد ذكر العلماء أن من يقدم على الانتحار أحد صنفين: إما ملحد بالله يعتقد أن لا إله ولا آخرة ولا حساب ولا جنّة ولا نار، وأن الحياة لعبة في لعبة، والكون وُجد صدفة، فهو يرى أن حياته وموته سيان، والصنف الثاني مَنْ فقد إدراكه، وعميت بصيرته، وذهب عقله، فهو يتصرف تصرُّف المجانين، ولكن المؤمن بالله وبالآخرة حاضر العقل لا يمكن أن يفكر في هذه النهاية المأساوية لحياته؛ لأنه يعلم أنه مسؤول أمام الله عن نفسه، وأنه سوف يعذب في النار بآلته التي قتل بها نفسه كما قال صلى الله عليه وسلم: «من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيه خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تحسّى سمّاً فقتل نفسه فسُمّه في يده يتحسّاه في نار جنهم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً». إن الإيمان هو القوة الهائلة والمدد الذي لا ينتهي والمخزون الذي لا ينفد مهما اشتدت ظلمة ليلة المصيبة وادلهمَّ الخطب وعَظُمَ الكرب فعند المؤمن انتظار الفرج بالصبر عبادة، واحتساب المثوبة على كل مصيبة طاعة، والرضى باختيار الله وتسليم الأمر له والإيمان بالقضاء والقدر واليقين بأن الدنيا دار ممر إلى عالم آخر أطول وأسعد وأكثر خلوداً وبهجة وإشراقاً كما قال تعالى: «مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ»، وقد ذكر العقاد في كتاب «مذهب ذوي العاهات» أن الملحد معاق عقلياً، وأنه لا يفكر في الانتحار إلا من أفلس في عالم الإيمان، وضعاف الأنفس تواجههم أزمات أكبر من طاقتهم فلا يجدون عندهم صبراً ولا إيماناً ولا احتساباً، فينهون حياتهم بالانتحار، فتجد المنتحر إما ملحداً كما تقدم أو هش الإيمان ضعيف اليقين قليل الطاعة تاركاً للصلاة مستهيناً بعظمة الله أو أصاب عقله خلل كمدمن المخدرات والناقم على نفسه وأهله والمجتمع والحياة، وقد سمعتُ بعض أخبار المنتحرين فإذا هم أناس ليسوا أسوياء فهم قد أُصيبوا في إيمانهم وعقولهم من قبل؛ لأنه لو كان عند الواحد منهم إيمان وعقل لتقبّل الحياة بظروفها وصورها؛ لأنه يعلم أن مع النعمة شكراً، ومع المصيبة صبراً، ومع الذنب مغفرة، وقد قرأت قصص المؤمنين الصابرين وهم في أحلك ليالي البلاء، فوجدت الثبات واليقين والرضى بما كتب الله والإيمان بقضاء الله، فمنهم من عُذّب وجُلد وحُبس، ثم قُدّم إلى المشنقة راضياً محتسباً مبتسماً، فهذا مثلاً الصحابي الجليل خبيب بن عدي يُعذبه المشركون في مكة ثم ينصبون له مشنقة، ثم يقودونه إليها فيطلب منهم أن يمهلوه ليصلي ركعتين، فلما صلى التفت إليهم وقال: والله لولا أن تقولوا إنني جزعت من الموت لطوّلت صلاتي، فلما نصبوه مصلوباً أنشد قصيدة رائعة بقلب ثابت ونفس مطمئنة يقول فيها:
* ولستُ أبالي حين أُقتَل مسلماً ـ على أي جنب كان في الله مصرعي.
ويُعذب أحد علماء الأندلس ويقيّد في الحديد ويوضع في الزنزانة محبوساً مجلوداً فيرضى ويسلّم ويتحدى الأعداء ويقول:
* إن كان عندك ياعذول بقيّةٌ ـ ممّا يُضامُ بها الكرام فهاتِها.
والشاعر المشهور والعالم الأبي وردي تمرُّ به محنٌ ومصائب فينتصر عليها ويقول بنفس شجاعة وهمّة وثّابة:
* تَنَكَّرَ لي خصمي وَلَمْ يَدْرِ أَنَّنِي ـ أَعِزُّ وَأَحْداثُ الزَّمانِ تَهُونُ
* فبات يُريني الخصم كَيْفَ اعْتداؤهُ ـ وَبِتُّ أُرِيهِ الصَّبْرَ كَيْفَ يَكونُ.
المؤمنون لا يفكرون في الانتحار؛ لأنهم في حكم الله وفي مشيئته يعبدونه في السراء والضراء ويعلمون أن كل شيء بقضاء وقدر، وأن الاختيار لله «فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كثيراً»، المنتحر إنسان مُحبَط فاشل صفر يرى أن موته وحياته سواء فلا داعي في نظره لأن يعيش.

* الشرق الأوسط