السفير الأمريكي يناقش قضايا المهمشين والأقليات في اليمن مع الحذيفي أول رد من حركة حماس على أوامر محكمة الجنايات الدولية بإعتقال قادة في المقاومة المبعوث الأممي إلى اليمن يلتقي بعدة أطراف خليجية ودولية في العاصمة الرياض لدفع بالوساطة الأممية منظمة صدى توجه مناشدة عاجلة لرئيس مجلس القيادة الرئاسي وتحذر من الإجراءات القضائية غير القانونية التي تطال عدد من الصحفيين والمدافعين عن حقوق الانسان في اليمن من عثر على موقع حطام طائرة الرئيس الإيراني؟ هناك روايتين الإعلان عن أكبر صفقة طائرات في تاريخ السعودية ومطار ضخم يستوعب 120 مليون مسافر الرئيس العليمي يشيد بتدخلات الإمارات في اليمن ويناقش تعزيز الدعم المطلوب لعدة مجالات أول اتهام إيراني لأمريكا بعلاقتها في سقوط طائرة الرئيس ومصرعه من هو الوزير الجديد للخارجية الإيرانية؟ مع اقتراب نهاية المهلة.. البنك المركزي في عدن يلوح بمعاقبة بنوك صنعاء المخالفة
هناك أمكنة يكتنفها شيء ما، غير عادي. ففي لحظة زمنية معينة، يكف المكان عن كونه متسعاً جغرافياً جامداً، ليغدو -في الوعي- كائناً ملهِماً، له روحه وجوهره المعنوي والأخلاقي.
بطريقة أو بأخرى، تنطبق هذه المقاربة على ردفان. فقد أحرزت معناها الرمزي والدلالي بعدما احتضنت بذرة المقاومة الأولى للاحتلال البريطاني عام 1963.
طبقاً لبعض المصادر التاريخية، فإن ردفان ظلت بمنأى عن سيطرة السلاطين والإنجليز معاً. لقد كانت خاضعة لحكمها الذاتي على الأرجح.
بعيد اندلاع ثورة 26 سبتمبر في شمال اليمن، انخرط الكثير من رجال ردفان في قوات الصف الجمهوري. كان على رأسهم الشيخ راجح بن غالب لبوزة.
أمضوا بضعة أشهر في جبهات القتال الشمالية، ولا بد أنها كانت مدة كافية كي يتمرس المرء على
قواعد القتال المنظم.
وحسبما يذكر شاكر الجوهري في كتابه "الصراع في عدن"، فإن لبوزة قفل عائداً إلى ردفان وبمعيته رجاله المحاربين.
كان الإنجليز ينتظرون عودة هؤلاء المحاربين بفارغ الصبر.. وبحزمة من القرارات أيضاً. حيث أصدروا للتو أوامر بتسليم أسلحتهم "وضم بلدهم( ردفان )، الذي كان حتى ذلك الحين بعيداً عن نفوذ الإنجليز والسلاطين، إلى إمارة الضالع المجاورة لهم، والتي كان يحكمها أميرها شعفل، وهو أحد أكثر أعوان الإنجليز ضمانة"، وفقاً لكتاب الجوهري.
بدا تصرف الإنجليز هذا بمنزلة عود ثقاب ضئيل الشأن، لكنه كان كفيلاً بإضرام الحرائق في كل حدب وصوب. لقد كانت الروح القتالية لدى الشيخ لبوزة ما تزال في أوجها يومئذٍ، فهو العائد الطري من خضم المعركة.
بالطبع، رفضت قبائل ردفان تماماً الانصياع لمشيئة الإنجليز. وفي 14 أكتوبر 1963 وجدوا التعبير المناسب عن الشعور بالرفض الذي تجيش به نفوسهم: قرروا خوض تمرد مسلح بالقدر المتاح من العتاد، وقدر عال من نفس ثوري منقطع النظير.
يقول الجوهري في وصفه لقبائل ردفان: "لقد كانوا مفطورين على القتال منذ نعومة أظافرهم، وكانوا معتادين على اعتبار حمل السلاح دلالة مألوفة على بلوغ سن الرشد. وكانوا قناصين بالغريزة مع مقدرة رائعة على المتابعة".
لقد ثارت ثائرة الإنجليز بالتأكيد. وفي 18/10/1963 شنت القوات الاتحادية غارات عنيفة بالطائرات، في حين كانت قوات المشاة تتحرك على الأرض مسنودة بالدبابات والمدافع الثقيلة والهاون.
ورغم أن الشيخ راجح لبوزة قضى في تلك الغارة، إلا أنها- بالنسبة للإنجليز- على مستوى الإنجاز العسكري منيت بالفشل. وعشية عام 1964 حرك الإنجليز حملة عسكرية أطلقوا عليها هذا الاسم: "كسارة اللوز".
ومثلما يقول الجوهري، فقد اشتركت في هذه الحملة 3 كتائب من الجيش النظامي الاتحادي، وسرية آلية، وفصيلة "خيالة"، ودبابات من طراز "سنتوريوت"، وبطارية من مدفعية الحراسة الملكية، وما مجموعه 3-4 آلاف جندي. فضلاً عن 6 طائرات عمودية من طراز "فيسيكس".
لكن "كسارة اللوز" أخفقت هي الأخرى. وإذ ظن الإنجليز أنهم تمكنوا من سحق التمرد في ربيع 1964، فقد قرروا مغادرة ردفان. غير أن المقاتلين استعادوا سيطرتهم على الأمور بعد فترة وجيزة فقط.
ثم تتالت الحملات الواحدة تلو الأخرى. بيد أن الردفانيين أظهروا في كل مرة صموداً واستبسالاً خارقين.
ومذّاك أصبحت ردفان اختصاراً مكانياً للثورة. وصار عليها أن تتخذ موقع الصدارة كلما باتت الأمور تسير في الاتجاه غير الصحيح.
لم تكن القوة يوماً عامل حسم نهائي، أبداً. صحيح، عندما تتعذر السياسة يلجأ الخصوم للتقاتل، لكن في نهاية المطاف لا يبدو القتال أكثر من وسيلة ملحة واستثنائية لإعادة الأشياء إلى مربع السياسة بالذات.
الآن تنتفض ردفان وتتململ، حتى ليخال المرء أننا بصدد إعادة تمثيل متقنة لمقاطع من التاريخ الذي لم تجف أحباره بعد.
والمؤكد أن الاستنفار العسكري لن يفعل أكثر من إذكاء العنف. فلقد أخفقت "كسارة اللوز" قبل ذلك.
إنه ما من حل سوى السياسة. فردفان وحدوية أكثر من أي مكان آخر. وحين أشعلت قبائلها فتيل ثورة 14 أكتوبر، كان الأمر بمثابة الفعل الوحدوي الأول. إنها تقاوم الانفصال على طريقتها.
ولئن بدت مواجهة المطالب بالقوة مدانة وغير معقولة، فإن العنف الذي يبدر من المتظاهرين لا يعدو كونه سلوكاً متهوراً وجنونياً، لا يقل في تهوره وجنونه عن ما تقوم به السلطة.