دواعي التدخل الخارجي ومبرراته
بقلم/ عبد العزيز الجرموزي
نشر منذ: 8 سنوات و 11 شهراً و 25 يوماً
الخميس 02 إبريل-نيسان 2015 02:37 م

غالبا ما يكون التدخل الخارجي أحد عوامل النصر أو الفشل متى ما وجدت الظروف التي تستدعيه والمسببات التي تجعله وجوده ملحا في تحقيق النصر.

دروس التاريخ تؤكد أن ما من بلد أو حركة أو فرد ساندته قوى خارجية إﻻ وحالفه النصر في حسم أمره،وتحقيق مهماته السياسية،وقد يكون ذلك أمرا بديهيا تفرضه الوقائع واﻷحداث التي تشكل مثار جدل وشأن كبير على المستوى الدولي واﻹقليمي،كما أنه ما من فرد أو حركة تحمل طموحا أو مشروع إﻻ وانطلقت خارج حدودها بحثا عن سند يؤازرها في انجاز مهماتها،

ودروس التاريخ كثيرة فلقد ظل الرسول(ص) ماكثا في بلدة مكة سنوات لم يستطع خلالها اﻹجهار بالدعوة الربانية المكلف بها تكليفا لنشر الدين الحنيف بين الناس، بقي الرسول(ص)ومن معه زمنا طويلا تحت الظلم واﻻستبداد من قبل زعماء قريش الذين ظلوا يطاردونه ويفرضون قرارات العقوبة والتعذيب لكل من أذعن له إذ بقي ومن معه تحت الرقابة والقوانين الصارمة حرموا من كل شئ لم ينالوا حتى حرية التعبد ليس ﻷنه جاء بغريب بل ﻷنه سيكون خطرا على جبابرة الشرك في قريش،وعندما نالوا منهم من اﻷذى بما فيه الكفاية قرر الرسول (ص)مغادرة مكة إلى المدينة ليس هربا من ذاك الظلم الذي تعرض له فحسب بل بحثا عن قوة ودعم يساعده في رفع الظلم أوﻻ وفي تحقيق اﻷمر اﻹلهي ثانيا،وفعلا نال الرسول الكريم في المدينة التأييد وكل وسائل الدعم ومقومات الدولة ؛

وبفعل هذا الدعم والتآزر الذي قدمه الانصار وأهل المدينة انتصر الرسول(ص)وهزم صناديد قريش وظلت المعادلة تتأرجح لصالح المسلمين حتى دخلوا مكة منتصرين،

هذا كمثل تأريخي ودليل على أهمية التدخل الخارجي- أكان سلبا أو ايجابيا- والمتغيرات التي تجعله مطلبا ضروريا لكني ﻻ أستطيع أن أسقطه على واقعنا اليمني نظرا ﻹختلاف التوجه فتلك مسألة عقائدية وهذه مسألة سياسية وأيا كان اﻹختلاف يبقي للتدخل دواعيه،

في اليمن عندما نهبت مقدرات البلاد وعمت الفوضى وسقطت الدولة بيد جماعة مراهقة ليس لها سلطة غير قوة اللاﻻح،عندما أصبحنا في العراء مكشوفين ﻻ دولة ونظام الكل ضحية خذﻻن،والوطن مضاع أصعب مافيه أن تعيش وأسهل ما فيه أن تموت،هنا كان للتدخل الخارجي مطلبا ملحا ﻹنقاذ الوطن من الجحيم ومن العصابة التي ﻻ ترجو غير الفوضي والخراب للبلاد، وﻹستعادة الشرعية وتحقيق اﻷمن العام،

عندما أحست دول الخليج الخطر الذي يحوم حولها وأنها لن تكون بمنأى عن عما يحدث باليمن وأن مسؤوليتا تجاه اليمن كبيرة تقتضي التدخل السريع والعاجل ﻹنقاذ اليمن من ويلات الصراع  لذلك بادرة ومجموعة من الدول وباتفاق الجامعة العربية باتخاذ ما سمى بقوة "عاصفة الحزم"لضرب معاقل ومواقع المتمردين والقضاء على مخططهم المدعوم إيرانيا حتى تأمن اليمن والمنطقة من خطرهم وحتى تستقر اﻷوضاع وحفاظا على اليمن ووحده وحقنا لدماء اليمنيين ولو تركوا لشأنهم لكان الوضع نذير بما أسوأ ولفتح الباب أمام حربا ﻻ نهاية لها طالما وقد أخذوا كل سلاح الدولة وعتادها،

لذلك جاءت عاصفة الحزم كحل لردع اﻻنقلابيين الحوثي وصالح اللذين يعتبرا مصدر الخطر لليمن والخليج وقادة الفوضي في البلاد،واستعادة شرعية الرئيس وسلاح وعتاد الدولة المنهوب،

أو على اﻷقل إخضاعهم لحوار جاد يفضي بحلول تحفظ اليمن ووحدته،

صحيح أننا لم نتوقع مثل هذه الخطوة أو نرض بها ﻷنها في النهاية خراب ودمار، كما أننا لم ولن نسمح ﻷحد باختراق سيادة وطننا وقتلتنا أبدا لكن صراعات الداخل وما آلت إليه أثر سلبا على المنطقة ككل؛فبرز التدخل الخارجي ليس عن سواد عين اليمنيين بل حفاظا على مصالح تلك الدول،لذا فإن صانعي اﻷحداث ومفتعلي اﻷزمات هم من يتحملوا وزر نتائج هذا التدخل.

أما عن دول الخليج وبالذات السعودية كان لها ما يبرر عاصفة الحزم، فبحكم التقارب الجغرافي والموقع اﻹستراتيجي لليمن والذي يؤثر سلبا أو إيجابا في تشكيل اﻷمن القومي للجزيرة العربية جعلها مضطرة لعاصفة الحزم،

في النهاية أقول أن للتدخل الخارجي دواعية ومبرراته أيا كانت نتائجه.