مبادرة التَّرِب هي الحل!
بقلم/ حبيب العزي
نشر منذ: 9 سنوات و شهرين و 21 يوماً
السبت 24 يناير-كانون الثاني 2015 02:34 ص
بالرغم من قناعة قطاع واسع من اليمنيين -وأنا أحدهم- بأن الرئيس هادي كان هو المتسبب الأكبر في كل هذا الذي يحصل للبلد اليوم من تدهور مريع وأفق مسدود في كل الاتجاهات، ومع كل ذلك فأنا كنتُ أتفق إلى حد بعيد مع كل الأصوات التي كانت تنادي طوال الفترة الماضية -وربما إلى اليوم- بالتمسك بالرئيس هادي كخيار لا بديل عنه رغم مرارته، على اعتبار أنه يمثل رمزاً للشرعية الوحيدة المعترف بها دولياً وإقليمياً على الأقل، وأن أي تغييب له عن المشهد طوعاً أو قسراً سيدخل البلد في أتون فراغ دستوري من شأنه أن يتسبب في تقسيم البلد وتمزيقها، خاصة وأن ما تبقى من شرعية للبرلمان اليمني ستسقط عملياً بمجرد تنحي الرئيس هادي عن السلطة بشكل أو بآخر.
 وعلى إثر ذلك يصبح رئيس البرلمان فاقداً للصفة الدستورية والقانونية التي تؤهله لقيادة البلد بمقتضى نصوص الدستور التي كانت سارية حتى لحظة استقالة الرئيس، والأهم من ذلك كله أن الرئيس هادي والبرلمان ما هما إلا نتاج توافق مجتمعي بناء على بنود المبادرة الخليجية التي سقطت مع سقوط صنعاء بيد الحوثيين في الـ 21 من سبتمبر الماضي ، وبالتالي فكل إجراء يتم خارج إطار المبادرة الخليجية ووثيقة الحوار الوطني المُجمَع عليها من كافة القوى السياسية يصبح باطلاً ولا قيمة له من الناحية القانونية.
لكن .. أما وقد أصبح ما كنا نخشاه حقيقة ماثلة أمام أعيننا، وهو تنحي الرئيس عبد ربه منصور هادي من منصبه – طوعاً أو كرهاً – لا يهم، فقد أصبح الحديث عن الحلول والمخارج من هذه الأزمة مختلفاً ومتعدداً، بل وحتى صادماً للبعض من الوهلة الأولى، ومنها تلك المبادرة التي تقدم بها اللواء / عبده حسين الترب وزير الداخلية الأسبق -بحسب الكاتب الصحفي د.مروان الغفوري- الذي قال بأنه تلقى مكالمة هاتفية من اللواء المذكور بهذا الصدد، والتي تقضي بإعلان انضمام إقليمي سبأ والجند إلى الجنوب، وتشكيل مجلس عسكري بقيادة اللواء الصبيحي لإدارة المنطقة المستقلة، وإعلان إقليمي آزال وتهامة إقليمين محتلين بالقوة، كما إعلان عدن عاصمة بديلة ، واعتبار صنعاء مدينة محتلة .
وشخصياً أميل بقوة لتأييد مثل هذا الطرح في الظروف الراهنة لسببين جوهريين: أولهما أن هذه المبادرة تقطع الطريق على دعوات فك الارتباط وانفصال الجنوب عن الشمال واعتبار اليمن إقليمين شمال وجنوب، وهو الأمر الذي يريده الحوثي ويسعى إليه أساساً ، والسبب الثاني وهو حشر الحوثيين وصالح في مناطق شمال الشمال يتصارعان فيها أو يتفقان بمعزل عن الأقاليم الأخرى مؤقتاً، وهذا لا يعني بطبيعة الحال التخلي عن تلك المناطق فهي جزء لا يتجزء من تراب الوطن الواحد، ولكن يمكن استعادتها من المليشيات المحتلة لها في وقت لاحق، بعد أن تكون الدولة قد استطاعت إعادة هيبتها وبسط سيطرتها ونفوذها على بقية أجزاء الوطن المتمثلة بالأقاليم الأربعة المستقلة في إطار وحدة جغرافية واحدة، والتي تمثل ثلاثة أرباع الوطن تقريباً من حيث المساحة الجغرافية.
كما أن انضمام إقليم سبأ إلى الجنوب سيخلق تحالفاً جديداً يقوي جبهة مأرب المهددة بالاجتياح من قبل ميليشيات الحوثي، والتي كانت قد مارست الضغط على الرئيس هادي لاستخدام الطيران في قصفها واجتياحها، وهو الأمر الذي لاقى رفضاً –على ما يبدوا-من الرئيس وهذا كان باعتقادي واحداً من الأسباب الجوهرية التي دفعت الرئيس لتقديم استقالته.
ويبقى كل ذلك في نهاية المطاف مرهون بمدى الاعتراف الإقليمي والدولي بمثل هذه الخطوات في حال تم اتخاذها والتوافق عليها ثم تنفيذها على أرض الواقع، لأن أي مسار لحل المشكلة وحلحلة الأمور إلى الأمام لن يُكتب له النجاح ما لم يجد ترحيباً واعترافاً من دول الإقليم وبمقدمتها دول الجوار الخليجية، وكذا مباركة دولية من المجتمع الدولي ومجلس الأمن.